"القدس المفتوحة" تنظم المؤتمر الخامس للتراث الشعبي الفلسطيني ومهرجان التراث الشعبي
رام الله- رايــة:
تحت رعاية فخامة رئيس دولة فلسطين محمود عباس "أبو مازن" حفظه الله، عقدت عمادة البحث العلمي والدراسات العليا، بالتعاون مع فرع "القدس المفتوحة" ببيت لحم، المؤتمر الخامس للتراث الشعبي الفلسطيني في محافظة بيت لحم، بعنوان: "بيت لحم هوية وانتماء"، يوم الاثنين الموافق 20/04/2015م، وذلك في مقر قصر المؤتمرات بمدينة بيت لحم، كما أقامت مهرجان التراث الشعبي الفلسطيني في محافظة بيت لحم عقب المؤتمر، بدعم من "جوال"، وبالتعاون مع قصر المؤتمرات في بيت لحم.
وافتتح المؤتمر بتلاوة عطرة من القرآن الكريم، ثم السلام الوطني الفلسطيني، والوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، وتولى عرافة الحفل أ. د. يوسف ذياب عواد مدير "فرع نابلس التعليمي"، بحضور مدير "فرع بيت لحم" د. ضيف الله عثمان، وممثلي مختلف المؤسسات الأهلية والرسمية والشعبية والأمنية في المحافظة، وشارك من الجامعة نواب رئيس الجامعة، ومساعدو الرئيس، ومديرو الفروع والمراكز والدوائر، وعمداء الكليات، وطلبة الجامعة.
وفي بداية المؤتمر، رحب أ. د. يونس عمرو رئيس الجامعة، بالحضور وخصّ بالذكر المحاضرين القادمين من تركيا للمشاركة في المؤتمر، وعرض الأرشيف العثماني المتعلق بمدينة بيت لحم.
وقال إن سلسلة المؤتمرات الخاصة بالتراث الشعبي التي تعقدها جامعة القدس المفتوحة في مختلف المدن الفلسطينية، تهدف إلى أمرين: الأول دفاعي نضالي باعتباره رداً على ممارسات الاحتلال الهادفة إلى شطب هويتنا الفلسطينية وانتزاع جذورنا من هذه الأرض، بانتحال كل ما هو تراثي فلسطيني من مختلف التوجهات والجهات، أما الأمر الثاني فهو إبراز الهوية الفلسطينية بهدف إصدار موسوعة متخصصة بالتراث العربي الفلسطيني في مختلف المدن الفلسطينية.
وقال أ. د. عمرو إن المؤتمر الخامس من أهم المؤتمرات التراثية، ويهدف أيضاً إلى إبراز صورة التعايش العربي الفلسطيني، واللحمة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في محافظة بيت لحم بين المسيحيين والمسلمين، لنقدم للعالم صورة مشرقة عن حسن التعايش بين أبناء المدينة على اختلاف طوائفهم.
من جانبه، قال رئيس ديوان الرئاسة د. حسين الأعرج، في كلمة له باسم فخافة الرئيس أبو مازن، إن تراث محافظة بيت لحم هو تراث فلسطين بشكل عام، وهو غني بهويته وتعدد الروافد، ويملك رصيداً ثقافياً وحضارياً، يتعين علينا وعلى مؤسساتنا الأكاديمية والثقافية الرسمية والأهلية تجسيده وتشجيع الاهتمام بأصنافه كافة، بما يحفظ له الأصالة والذوق العصري، ويعززه بمختلف أنماطه وفنونه في تكامل بين التقاليد الأصيلة والإبداعات المعاصرة.
وأضاف الأعرج أن عقد مثل هذا المؤتمر يساهم في تحقيق الاستراتيجية الوطنية لقطاع التراث، عبر البحث والتوثيق واحترام التعددية والتسلح بها، وصولاً للتحرر من الاستعمار الاستيطاني العنصري الذي تعاني منه فلسطين.
وأشاد الأعرج بجهود جامعة القدس المفتوحة في خدمة التراث الشعبي الفلسطيني، باعتباره مكوناً رئيساً من مكونات هويتنا الوطنية. وثمن جهد الجامعة في إصدار موسوعة التراث الشعبي الفلسطيني، التي صدر منها حتى الآن أربعة أعداد، وستغطي لاحقاً أرجاء الوطن الفلسطيني كافة. وقال إن إصدار الموسوعة يتكامل مع سعي وزارة الثقافة إلى إنشاء السجل الوطني للتراث الثقافي غير المادي، وتوثيق عدة عناصر من عناصر تراثنا الفلسطيني، وتصنيفه من أجل حفظ ذاكرتنا الثقافية وصونها.
وقال إن إبراز الهوية الوطنية لشعبنا الفلسطيني وتعميقها وتعزيزها وحماية تراثنا المتجدد وصونه يتطلب العمل المشترك وتشجيع البحث العلمي والفكري، وغير ذلك من المرتكزات والأهداف التي لا يمكن تحقيقها من طرف واحد بمعزل عن باقي التراث، لأن حفظ التراث مسؤولية الجامعات.
وبين أن جامعة القدس المفتوحة هي جامعة الوطن التي تسعى لتكريس جميع ما يلزم شعبنا في الظروف المختلفة وفي الأماكن المختلفة، ودأبت الجامعة بقطاعاتها خاصة لخدمة المجتمع الفلسطيني من مختلف الوجوه، وهذا ما أهل الجامعة لتكون أكبر الجامعات الفلسطينية وأكثرها حملاً لهمّ شعبنا في مختلف الظروف والمواقع.
وألقى د. عثمان كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أكد فيها أنه يهدف إلى التأكيد على تراثنا الفلسطيني عامة والتلحمي خاصة، ويهدف أيضاً إلى تسليط الضوء على أصالة تراث بيت لحم اجتماعياً وديناً وإرثاً موروثاً، فبيت لحم مدينة اختصها الله بأعظم حدث في تاريخ الإنسانية، هو ميلاد المسيح عليه السلام، فهو رسول السلام والإنسانية والمحبة للمسيحيين ولسائر المؤمنين.
وأوضح د. عثمان أن مدينة بيت لحم توأمُ مدينة القدس، تكتسب مكانة عالمية كبيرة؛ فإليها يحج جميع المسيحيين من أنحاء العالم، وتضم كنيسة المهد التي ولد فيها المسيح عيسى عليه السلام. ونحن في بيت لحم نؤكد تعايشنا المشترك ووحدتنا الوطنية والاجتماعية ومصيرنا المشترك، والتحدي المشترك المتمثل بدحر الاحتلال الذي يهدد المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة.
وبين د. عثمان أن المؤتمر يكرس الهوية الوطنية والدينية في هذه المدينة المقدسة والمحافظة الكبيرة، فتراثنا هويتنا الوطنية والشاهد الحي على وجودنا في هذه الأرض وعليها.
بعد ذلك، عرض فيلم عن "التراث الشعب الفلسطيني في محافظة بيت لحم"، تلاه افتتاح معرض التراث المقام في أروقة قصر الثقافة.
من جانبها، قدمت سوزان الساحوري، نيابة عن مؤسسة الحرفيين للتجارة العادلة في بيت لحم، تحياتها للحضور، وقالت إن مؤسستها تحتضن الحرفيين المهمشين، وتحديدا في بيت لحم، بهدف إسماع صوت الحرفين والحرفيات المهمشات للمجتمع.
وأعربت عن أملها أن يخرج المؤتمر بتوصيات تدعم التخفيف من مشكلات الحرفيين الصغار، وتسهم في المساعدة على تصدير المنتجات الفلسطينية إلى العالم، خصوصاً ما يُنتج من خشب الزيتون، ومنع استيراده من الدول الخارجية.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية، كرم ضيفا المؤتمر القادمان من تركيا أ. د. إبراهيم يلماز، وأ. د. سيف الله قرقماز.
جلسات المؤتمر:
في الجلسة الأولى التي عقدت بعنوان: "التراث الشعب الفلسطيني في محافظة بيت لحم-قيم وأصالة"، وأدارها د. محمد فرحات، عرضت مجموعة من الأبحاث، هي: (الأدب العربي في عيون الأتراك)، في مداخلة لضيف المؤتمر أ. د. براهيم يلماز من جامعة أتاتورك في تركيا، و(كنيسة المهد والمعتقدات الشعبية والدينية المتعلقة بها) وهو بحث قدمه أ. د. قسطندي شوملي، و(حارات بيت لحم القديمة) للباحث د. إبراهيم أبو أرميس، وقدم د. محمد الخطيب بحثاً حول (خصائص المساكن القديمة في بيت لحم)، وتحدث د. عطا أبو جبين عن (الأزياء الشعبية النسائية التراثية في محافظة بيت لحم بين الطمس والأحياء)، وتحدث د. سعيد البيشاوي عن (زراعة أشجار الكرمة والصناعات القائمة عليها في بيت لحم في العصر الإفرنجي (1099-1187م)، فيما تحدث د. إدريس جردات عن (سادن التراث في بيت لحم د. توفيق بشارة كنعان الخوري البيتجالي-1882-1964م).
وفي الجلسة الثانية التي أدارها د. محمد حماد، تحت عنوان: "التراث الشعبي الفلسطيني وتجلياته في محافظة بيت لحم"، تحدث ضيف المؤتمر أ. د. سيف الله قورقماز من جامعة (ارجياس) في تركيا، حول (الثقافة التركية والثقافة الفلسطينية)، فيما تحدث د. عمر العتيق عن (العادات والتقاليد في الأعياد المسيحية: مقارنة وتأصيل)، وتحدثت أ. مها السقا عن ثوب الملك (ثوب عروس بيت لحم)، وتحدث د. طالب الصوافي عن الحرف الشعبية في مدينة بيت لحم (صناعة الحفر على خشب الزيتون والصدف نموذجاً)، وتحدث د. مفيد أبو عرقوب عن (التشبيهات الشعبية الفلسطينية: ماهيتها، تصنيفاتها ودلالتها-منطقة بيت لحم وعرب التعامرة أنموذجاً)، وتحدث أ. جمال بنورة عن (التراث الشعب الفلسطيني–تقاليد وأغاني الأعراس)، وأخيراً تحدث د. زهير الحروب عن (الدلالة التربوية للأمثال الشعبية).
توصيات المؤتمر:
وفي ختام المؤتمر، أوصى المشاركون بمجموعة من التوصيات أبرزها:
أولاً: ضرورة اعتبار التراث الشعبي من الموارد القومية، والخروج به من المفهوم التقليدي الضيق، وإعداد مخططات تنموية تتعامل ضمن معايير وأسس وأنظمة مع المساكن القديمة، تراعي خصوصيتها وبعدها وأهميتها، وعدم التعامل معها كعناصر ثانوية موجودة في المدن الفلسطينية القديمة.
ثانياً: المحافظة على المباني والحارات التاريخية ببيت لحم، والاعتناء بها، وترميمها، وإشغال المباني المتروكة منها وتوظيفها كمتاحف ومؤسسات ثقافية لإعادة الحياة إليها.
ثالثاً: العمل بشكل جماعي ممنهج لحماية التراث الشعبي من القرصنة والتزوير والطمس، وتشجيع الباحثين على زيادة إنتاجهم في هذا المجال، وإدراج جمالية التراث الفلسطيني في المناهج الفلسطينية في مراحلها المختلفة.
رابعاً: تخصيص الأموال لتأسيس مراكز تعنى بالتراث الشعبي الفلسطيني وأرشفته وتوثيقه؛ للحفاظ عليه وحمايته من الضياع.
خامساً: تشكيل لجنة فلسطينية تركية مشتركة للتحضير لمؤتمر التراث الشعبي المشترك بين فلسطين وتركيا. على أن يعقد في العام القادم.
سادساً: العمل على إقامة ندوات ومحاضرات دورية متخصصة في التراث الشعبي، بهدف تعريف طلبة المدارس بالتراث الشعبي الفلسطيني، وذلك بالتعاون مع المراكز والمؤسسات الثقافية المختلفة ذات العلاقة.
مهرجان حاشد للتراث الشعبي
عقد مهرجان التراث الشعبي الفلسطيني في محافظة بيت لحم، وتولى عرافته أ. حنين زيادة، وأ. محمد صبح، مساء يوم الإثنين الموافق 20/04/2015م، وافتتح بالسلام الوطني الفلسطيني، بكلمة ترحيبية من رئيس اللجنة التحضيرية أ. د. حسن السلوادي.
ورحب أ. د. السلوادي بالحضور، طلبة وأساتذة وإداريين، باسم جامعة القدس المفتوحة، وشكرهم عل حضور هذا المهرجان التراثي الذي يدل على محبة أبناء شعبنا للتراث الفلسطيني العريق ولهويتنا ووحدتنا وتجذرنا على هذه الأرض المباركة منذ آلاف السنين.
وأضاف أن بيت لحم مدينة القداسة والمحبة والوئام وتسكن بطهرها وبراءتها في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وتقدم للعالم أجمع نموذجاً رائعاً وفريداً لتعدد الأديان والثقافات.
وقال أ. د. السلوادي إن المهرجان أصدق تعبير عن تراثنا ورائحة أجدادنا وأصالة حضارتنا، شاكراً كل من أسهم في إنجاح هذا المهرجان والمؤتمر.
من جانبه، قال اللواء جبرين البكري في كلمته بالمهرجان، إن القدس المفتوحة تؤدي دوراً ريادياً في إحياء التراث الفلسطيني، وهي تعقد مؤتمراتها في مختلف المحافظات، وتسهم في تعزيز التراث الفلسطيني وحفظه وترسخ المفاهيم التراثية الوطنية بحق الشعب الفلسطيني وبقائه على أرضه.
وتطرق اللواء البكري لواقع محافظة بيت لحم واستهدافها من الاحتلال، ومحاولة طمس هويتها الوطنية والدينية والتاريخية، واستهداف الاستيطان للأرض والإنسان فيها، مؤكداً حق الشعب الفلسطيني بالبقاء على أرضه، داعياً المؤسسات والفعاليات إلى تعزيز صمود الناس في أرضهم ووطنهم. وقال إن المؤتمر يعزز رؤية المحافظة بتعزيز السياحة وجذب المزيد من السياح إليها.
وتضمنت فعاليات المهرجان عرضاً لـ (11) ثوباً من محافظة بيت لحم، تلاه عرس فلسطيني لمها السقا، ثم تبعه عرض لـفرقة "وطن" من جامعة القدس المفتوحة، ثم "كورال" من ثلاث طوائف في بيت لحم، وبعد ذلك قدمت فرقة "دلال" عرضاً للدبكة الشعبية، تبعته فقرة "السامر والربابة"، وقدمت فرقة "غراس" عرضاً فيناً، وأخيرا ًعرضت أغنية "موطني" للمطرب الشعبي يعقوب شاهين.

