في القدس..بقايا طفولة!!
القدس المحتلة - راية:
فداء الرويضي-
إنه يوم الطفل الفلسطيني.. لكن، في فلسطين، وتحديدا في عاصمتها المحتلة، باتت الطفولة مسروقة، فهو يتعرض لأبشع أنواع الظلم والقهر على مرأى من العالم بأسره، فتتحول الطفولة الى بقايا طفولة.
"ابنك استشهد"
11 طفلا مقدسيا قتلهم الاحتلال في الثلاث أعوام الماضية، أطفال لم يحتفلوا بعامهم الثامن عشر بعد، لم يكبروا، غابوا عن مقاعد الدراسة، بعد أن أعدمهم الإحتلال بدم بارد ، بعضهم عاش جسده الصغير في ثلاجات الاحتلال الباردة كالشهيد الطفل حسن مناصرة الذي رفضت عائلته استلام جثمانه في المرة الأولى حيث كان متجمدا جدا، يقول عمه:"هذه محاولة لإذلالنا، هم يعلمون جيدا أن لا مجال لدفنه .. أو لتوديعه .. أو لتقبيله، حتى كيفية دخول الجثمان للقبر، وكأننا نريد ادخال لوح من الثلج".
ومصطفى الخطيب، الطالب المتفوق، الذي كان يطمح أن يدرس الطب في ألمانيا، تقول والدته: "كانت ضحكته تملأ المنزل، تحديدا قبل يوم من استشهاده، لم اتابع الأخبار يومها ولم أعرف ما حصل، اتصل بي مدير المدرسة قائلا أن ابنك هو من استشهد".
وكيف لنا أن ننسى الطفل الشهيد معتز عويسات ، كان طموحه كما دون على بطاقته المدرسية أن يصبح مخترعا، لكن رصاصات الاحتلال كانت أسرع من طموحه.
والطفلة الشهيدة هديل عواد التي قتلت بزيها المدرسي، سرقوا ابتسامتها التي لم تغب عن وجهها يوما.
والجريمة الأبشع كان بحق الطفل محمد أبو خضير الذي أحرق حيا على أيدي مستوطنين لم يحاكموا بالعدل، سرق شهيد الفجر من بلدته في الشهر الفضيل، أجبروه على شرب البنزين وأحرقوه، فرحل أخذا معه ابتسامته التي لم تفارقه يوما.
2450 طفلا اعتقلوا خلال الثلاث سنوات الماضية
الطفل الذي مر بسلام من شوارع مدينته دون أن يقتل، من المحتمل أن يتعرض للأعتقال دون أي ذنب يذكر، ومن هنا تبدأ رحلة العذاب، من الجيب العسكري الى غرفة التحقيق ثم الى المعتقل، تقيدهم قوات الاحتلال وتعصب أعينهم، تنهال عليهم الشتائم، لا حمام ولا ماء ولا طعام، معظم الأطفال يحقق معهم دون وجود الوالدين، ويجبرون على التوقيع على تحقيقات باللغة العبرية، ويفتش تفتيشا جسديا كاملا ، يتعرضون للضرب والتعنيف، ويركبون "البوسطة" التي يسمونها ثلاجة الأحياء، فيجلس الطفل على كرسي حديدي مقيد القدمين واليدين لساعات طويلة.
حسب احصائية لمركز معلومات وادي حلوة - سلوان فإن الإحتلال اعتقل عام 2014 "700 قاصر"، أما في عام 2015 فاعتقل "860 قاصرا"، وفي العام الماضي اعتقل "754 قاصرا"، ومنذ بداية العام اعتقل 136 قاصرا.
صلاح الأيوبي "12 عاما" من قرية العيساوية بالقدس المحتلة، خاض تجربة الإعتقال، يقول لراية:" في جيب الاحتلال كانت الشرطة تطلق علينا سيلا من الشتائم والكلام البذيء بالعربية والعبرية، لأن اسمي صلاح الدين وعائلتي الأيوبي كإسم صلاح الدين الأيوبي كان الجنود في الجيب العسكري يتبادلون الضحكات بصوت عال ويقولون لي "صلاخ الدين يا خنزير" لكني بقيت صامت، ولم التفت اليهم".
قضى صلاح يومين في سجن المسكوبية وصل صلاح سجن المسكوبية، يقول صلاح: "كل ما أردنا أن ننام يقوموا بالطرق على الباب بصوت عال وبدقات سريعة، بعد ذلك أطفئت الشرطة كل الأضواء، ثم أخرجونا من المكان كنت خائفا، وفي هذه اللحظة ظننت أنهم سيضربونني ويعذبوني، وفجاة قالوا لنا عودوا الى أماكنكم كنا نمزح معكم، والأكل كان عبارة عن خبز متعفن ورز ناشف مطهي منذ أيام كثيرة وسلطة غير صالحة للأكل، كل شيء كان متعفنا، لكني من الجوع قمت باقتسام بعضا من الخبز وأكله، لم يكن الأكل وحده وسخا بل كانت الأغطية والمخدات كذلك تنبعث منها رائحة كريهة، فلم استطع النوم".
أما عن غرفة التحقيق ذات البرودة والقسوة، والجدران الشاهدة على حكايا آلاف الأطفال المقدسيين الذين ذاقوا أقسى أنواع التعذيب داخلها، "ما أن أدرت وجهي الى الجهة الأخرى حتى وجدت رجلا ضخما بعضلات مفتولة، صفعني على وجهي، منذ هذه اللحظة لم أشعر بأي شيء، كُسِر سني، ثم أطلق أحدهم رصاصة مطاطية تجاهي، بدأ الدم يسيل على وجهي بغزارة لدرجة أنني ابتلعته بعد أن رفض المحقق أن يعطني أي شيء أمسح به الدماء" هكذا وصف محمد تايه "17 عاما" من بيت حنينا بالقدس المحتلة غرفة التحقيق.
وبعد رحلة الإعتقال الصعبة، قد ينتهي به المطاف لأن يصبح رهن حبس منزلي لا يرحم.
أطفال بلا مأوى
والطفل في القدس قد يفقد منزله في لحظات، بعد أن يهدم أمام عينيه، فيصبح مشردا بلا مأوى، ففي عام 2015 شرد الاحتلال 58 طفلا، اما العام الماضي فشرد 79 طفلا.
انتهاك حق التعلم
أما حال تعليم الطفل بالقدس فهو كالتالي: بات الوصول للمدرسة العام الماضي صعبا بسبب مكعبات اسمنتية عزلت أحياء القدس عن بعضها، وفي العام الماضي أيضا اقتحموا مدرسة سلوان الإعداديو واعتقلوا جبريل الأعور من داخل صفه، والعام الحالي أغلقت مدرسة النخبة فبات طلبتها يدرسون على قارعة الطريق منذ أكثر من شهرين، عدا عن نقص العرف الصفية واكتظاظ الصفوف.
اعتداء على الطفولة
الطفل في القدس أيضا معرض للإعتداء والخطف والضرب إما من قبل المستوطنين أو المستعربين أو الجيش أو يتساعد الثلاثة معا على طفل أعزل، كما حدث مع الأطفال الذين كانوا يلعبون كرة القدم في حي رأس العامود ببلدة سلوان، وفجأة جاءت قوة من المستعربين واختطفتهم بمساعدة الشرطة.
وفي فيديو أخر يوثق جريمة اعتداء أخرى على قاصرين، حين اعتدى عليهم حراس المستوطنين بالضرب في حي بطن الهوى بسلوان، جاءت الشرطة لتعاقب الضحية، اعتقلتهم وحولتهم للحبس المنزلي.