مشفى عزون.. معطَل رغم 7 سنوات على انشائه
قلقيلية - راية:
سامر عودة-
خيبة أمل رسمها بابه المغلق بمبناه الضخم أمام حاجة المواطنين، فالمشفى مجهز بكافة المستلزمات الطبية لكن لم يقدم خدماته لجمهوره بشكل فعال بعد.
يتوسط مشفى الشهيد عمر القاسم المعروف باسم "مشفى عزون"، المقام على أراضي بلدة عزون شرق قلقيلية، عدة قرى حيوية بحاجة ماسة للخدمات الطبية بشكل ضروري نظرا للاغلاقات المتكررة والمتواصلة التي تفرضها قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة على المنطقة.
عزون بلدة فلسطينية تشتهر بالحمضيات و كثرة شجر الزيتون فيها، والبالغ عدد سكانها 12000 نسمة، يتخذها الاحتلال مركزا للصراع والاعتداءات المتكررة والاعتقال اليومي، حيث بلغت نسبة المعتقلين بالبلدة ليومنا هذا 151 معتقل لدى حكومة الاحتلال، و2500 شخص لديهم منع أمني إسرائيلي.
منطقة هادئة بعيدة عن الازعاج والازدحام، محاطة بالأشجار الجميلة والتلال البهية، أقيم عليها مشفى عزون بمساحة 1000 متر لخدمة أبنائه واكثر من 10 قرى محيطة بالبلدة والتقليل من معاناتهم، لكن المعيقات والعراقيل حالت دون افتتاحه بشكل رسمي للمباشرة بتقدم خدماته الطبية وإسعاف المصابين جراء المواجهات اليومية مع الاحتلال.
بعد اجتماع مطول تباحثت فيه الأطراف ذات العلاقة، أمور حلولية للوقوف على انهاء الازمة وافتتاح المشفى، والتي خرجت بنتائج وصفها رئيس مجلس إدارة لجان الرعاية الصحية الدكتور نهاد الأخرس، بالفعالة والجدية في طريق إيجاد الحل.
وفيما يتعلق بإنشاء المشفى صرح لنا الأخرس، أنه تم الانتهاء من مرحلة البناء والتجهيزات بمطلع عام 2010، لكن كان هناك بعض النواقص الخاصة بالمشفى التي استكملت عام 2012 وتم تشغيله بفترة مؤقتة من خلال مركز طوارئ وبعض عيادات الاختصاص إلا ان هناك ظروف حالت دون الاستمرار في عملية تطوير المشفى وافتتاحه.
بني المشفى بناء على فكرة سابقة تمثلت بإنشاء مركز طوارئ في عزون عام 2002 ضمن خطط لجان الرعاية الصحية وبالتعاون مع البلدية، الذي كان مبنى بالإيجار، من ثم تم عقد اجتماع بين الملتقى الطبي و وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية ولجان الرعاية الصحية واللجان الطبية العاملة في الضفة الغربية في منتصف عام 2004، على خلفية وفاة سيدة حامل على الحواجز الاسرائيلية، وفي ظل عدم الاستقرار السياسي وممارسات الاحتلال وسياسات الاغلاق المتواصلة، الذي تمخض عنه تكليف لجان الرعاية الصحية من قبل الملتقى بإنشاء مش الشهيد عمر القاسم.
وفي جانب الأسباب التي حالت دون تشغيل المشفى نوه الأخرس إلى عدة أسباب كانت كفيلة بعدم افتتاح المشفى، "تم العمل بشكل تدريجي بالمشفى بالبداية من خلال عدد من عيادات الاختصاص، لكن نقص الموارد المالية حيث يحتاج المشفى إلى ما يقارب 200-250 الف شيكل لتشغيله شهريا منها صرف رواتب 38- 40 موظف يحتاجهم المشفى وشح الاختصاصين والكوادر الطبية المتواجدة بالمنطقة خاصة بمجال التخدير والأشعة لان غالبيتهم يعمل لدى وزارة الصحة والقانون يمنعهم بعمل مزدوج، اضافة الى ان عدد المرضى يتراجع وهذا ما سبب عبء كبير ما سبب في إغلاق المشفى بشكل مؤقت الى حين ايجاد الحلول المناسبة".
مشيرا إلى أنه يمكن حل هذه المسألة من خلال، إنشاء شراكات متعددة يمكن أن تضم مؤسسات صحية أو وزارة الصحة الفلسطينية (التي توجهنا إليها سابقا لإيجاد شراكة بين الطرفين)، أو جامعات او مستشفيات عاملة بالقدس، وكذلك عقد لقاءات مع المجلس المشترك الذي يضم أكثر من قرية، اضافة الى تشكيل لجنة من أصدقاء المشفى يكون لها دور بارز في عملية التخطيط والإشراف، وتم عقد اجتماع يوم السبت لخلق واقع جديد من خلال الشراكة من بلدية عزون والتوجه من خلالها إلى المؤسسات الأخرى على طريق افتتاح المشفى وتشغيلها ولو على ضمن مراحل متتالية لكونه احتياج حقيقي للمنطقة.
وفيما يتعلق بضم المشفى لوزارة الصحة، قال الاخرس يجب التحدث عن شراكات وعدم نفي الآخر وهذه مسؤولية جماعية تقع على عاتق وزارة الصحة ولجان الرعاية والبلدية والمجتمع المحلي ومجالس القرى المحيطة المستفيدة التي يجب أن تكون شريكة عبر هذه المؤسسة لنتمكن من وضع الأمور في نصابها وضمن خطة معقولة.
ومن جهته أكد رئيس بلدية عزون سائد موافي، على معاناة أبناء البلدة والقرى المجاورة من الاحتلال وحاجتهم الملحة للمشفى قائلا: "لا شك أن معاناة المواطنين في بلدة عزون متعددة كثيرا بسبب حالة الإغلاق التي تقوم بها قوات الاحتلال للبلدة بشكل دائم، الأمر الذي يترتب عليه ضرورة تشغيل مشفى عزون خاصة وأن المشفى لا يخدم أهالي عزون فقط وانما يخدم أكثر من 40 ألف مواطن من البلدة ومن القرى والبلدات المجاورة".
عدم تشغيل المشفى يؤدي الى ارهاق المواطنين، بسبب بعد المشافي عن البلدة والتكلفة المادية المرتفعة حيث يضطرون الى الوصول الى قلقيلية ا ونابلس عبر طرق التفافية بعيدة جدا عن مركز المحافظتين سواء نابلس او قلقيلية.
ويضيف موافي، "بسبب الظروف التي تمر بها البلدة والهجمة الشرسة من الاحتلال، وجد دافع للحراك داخل البلدة للمحاولة مرارا تشغيل المشفى، لاحقيتهم بالاستفادة منه وتلقى العلاج، لكونهم تبرعوا بالأرض لهذا الغرض المهم".
الذي بدوره خاطب باسم البلدية لجان الرعاية الصحية وعقد الاجتماعات معهم من أجل الاتفاق على إعادة تشغيل المشفى الذي تم تفعيله سابقة كمركز لبعض العيادات الخاصة، وأبلغهم بشكل رسمي في حال لم يتم تشغيل المشفى يجب تسليمه للبلدية التي بدورها ستخاطب الجهات الرسمية وخاصة وزارة الصحة من اجل اعادة تشغيل المشفى، لان اصحاب الارض تقدموا بشكوى بسبب عدم تشغيل المشفى و تدخلت البلدية في وقت تزايد فيه الحراك المجتمعي لتشغيله .
في الجانب الآخر، قال المواطن والناشط في إثارة الرأي العام حول مشفى عزون المغلق فراس سليم، " اعمل حاليا على اثارة موضوع المشفى بين المواطنين وعلى مستوى الشارع، ومن خلال عقد جلسات نقاش مع بلدية عزون لإيجاد حل لتشغيل المشفى وتقدم خدمة طبية للمواطنين في عزون والقرى المجاورة أيضا".
مؤكدا على المعاناة التي يتعرض لها المواطنين بسبب الاغلاقات المتكررة واندلاع المواجهات التي يتمخض عنها صعوبة نقل المصابين إلى المستشفيات المقامة خارج البلدة، وأقربها مشفى الدكتور نزال الحكومي في مدينة قلقيلية الذي لا يمكن الوصول إليه في حالة إغلاق البلدة إلا من خلال طرق التفافية تحتاج وقت طويل للوصول إليها، والبديل مشفى نابلس او طولكرم التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة لأنهم يمرون عبر شارع 55 وهو شارع استيطاني بشكل أساسي ويغلق بشكل متواصل.
وطالب سليم لجان الرعاية الصحية ووزارة الصحة والجهات المعنية بالتدخل الفوري لتشغيل المشفى والتقليل من معاناة المواطنين المستمرة التي تعكر صفوة حياتهم لان حدث وان اصيب شبان ولم يتم إعطائهم العلاج اللازم، مشيرا إلى نية التصعيد المستقبلي في حال عدم الوصول لحل، متمثلة بالاعتصامات وتنظيم وقفات احتجاجية، نافي قبولية سبب عدم وفرة الموارد المالية لتشغيل المشفى بسبب الغضب الكبير الذي يعم الشارع لعدم افتتاح المشفى، لانه يمكنهم تسليمه بشكل كامل لوزارة الصحة.
وفي ذات السياق، قال أحد المتبرعين بقطعة الارض ادم بدوان (54 عاما)، "تبرعت بمساحة 1350 متر لإنشاء مشفى يخدم المواطنين بكافة الأطياف، لكني صدمت من الواقع المرير لعدم رؤية نتيجة الفعل الذي قمت به من تبرع بالأرض وتقديم مساعدات إضافية".
وقال بدوان "ان لدي أوراق تمكني من سحب الأرض من لجان الرعاية لأنني لم اسجلها لهم وانما تسجيل مشروط بإقامة المشفى وافتتاحه، وسوف امنحهم شهرين فقط ومن ثم المتابعة مع المستشار القانوني لاسترجاع الأرض لملكيتي، بسبب عدم افتتاح المشفى"، وطالب لجان الرعاية بالتنازل عن المشفى في حال عدم قدرتهم على تشغيله ليتم الاتفاق مع جهات أخرى لحل الإشكالية، خاصة وزارة الصحة التي عبرت عن امكانية تحويل المشفى للقطاع الحكومي وتشغيله، لكن لجان الرعاية رفضت ذلك وطالبت بنظام الشراكة مع وزارة الصحة، التي بدورها قالت إنها قطاع حكومي لا تشارك القطاع الخاص.
رياض سليم، رئيس نقابة التمريض والقبالة الفلسطينية في محافظة قلقيلية وأمين سر النقابة في فلسطين، أكد على نفس اسباب الاغلاق التي نوه إليها الاخرس، مضيفا أنه بفتح المشفى بأي طريقة سواء بالشراكة مع وزارة الصحة أو مشفى المقاصد أو أي مؤسسة تساعد بذلك، مؤكدا أنهم توجهوا لوزارة الصحة التي وافقت بالبداية الشراكة ثم رفضت ذلك مؤخرا، وتم التواصل مع مشفى المقاصد التي عبرت عن إمكانية المساهمة ورفضت ذلك مؤخرا أيضا، "يمكن أن يكون هناك جهات عابثة تحول دون افتتاح المشفى وتشغيله".
وعبر المواطن ايهاب شبيطة عن أسفه البالغ بسبب عدم تشغيل المشفى الذي مكن أهالي البلدة من تلقي العلاج اللازم نظرا للاغلاقات المتكررة للبلدة، مطالب الجهات المختصة بالتدخل الفوري لحل الأزمة.