"مطعم التيتي": ذاكرة المدينة وذكراها!
نابلس- رايــة:
سامر عودة-
قالوا..رائحة المدينة ذاكرتها وذكراها، وكذا الأمر بالنسبة للبلدة القديمة في مدينة نابلس التي أصرت إلا أن تترك لروادها رائحة متقطعة الأنفاس تقودهم كخارطة إلى ذاكرة المكان الأول..
وبمجرد دخولك أحياء البلدة القديمة، تبدو وكأنك تقاد بأنفك مأخوذاً برائحة مأكولات شعبية لطالما ألفها ذوقك..وبحكم الجوع..تحملك قدماك إلى زقاق قديم يفضي الى مطعم التيتي..
ومن لا يعرف مطعم التيتي لم يعرف نابلس القديمة بعد، فعلى الرغم من صغر مساحته ومحدودية إطلالته إلا أنه يمنح رواده مساحة زمن وتاريخ تعيدهم لسنوات قديمة مدمجة بواقع مفحم بالحنين والشوق للمكان وساكنيه، كفيلة بتغييب الواقع الحالي بكافة مساوئة واغفاله.
يعتبر معطم التيتي بالبلدة القديمة في نابلس من اقدم مطاعم البلدة، وهو سلسلة لعدة مطاعم اثرية انشأتها عائلة التيتي في شارع الشواية بالبلدة، اختصت عائلة التيتي منذ القدم بانشاء المطاعم وتقديم الأكلات الشعبية ابان عهد الحكم العثماني وبعد هذة الحقبة ايضا، لكن بسبب عوامل الاحتلال والتهويد تم اغلاق خمسة مطاعم وبقي مطعم التيتي الارث الحضاري الوحيد الذي يتغنى باصالة الماضي الجميل وعراقة الحاضر، وتم اطلاق اسم التيتي على المطعم نسبه لعائلة التيتي.
محمود التيتي(54عاماً) من مدينة نابلس، يقول ل"راية"، منذ صغري كنت اذهب مع والدي للمطعم في صبيحة كل يوم، عشت وترعرعت بين ازقته وجدرانه القديمة، ورسمت احلامي وطموحاتي المستقبلية فيه، ويضيف التيتي،"تعلمت مهنة الطهي من والدي خلال مساعدتي له بالمطعم، لكني لم اكتفي بابقائة مطعم كغيرة من المطاعم يقدم الماكولات بشكل اعتيادي، ادخلت اليه لوحة فنية جمعتها بنفسي طيلة سبع سنوات من مختلف انحاء العالم وبعضها صنعتها بيدي، وحصلت على الفكرة من خلال زيارتي لمدينة القاهرة قبل 30عام، شاهدت من خلالها نموذج لمطعم يحمل الفكرة نفسها، حيث تمكنت من جمع العالم بمعالمه المختلفة بمكان محدد يأتي اليه الزبائن لتناول الطعام وطلباً للراحة النفسية ومشاهدة معالم فريدة وجميلة في آن واحد.
يقدم مطعم التيتي العديد من الماكولات النابلسية الشعبية الفريدة، المتعارف عليها لدى سكان البلدة اشهرها، اكلة العجة الشعبية التي تعتبر طبق يومي يطلبه غالبية زبائن المطعم بشكل كبير، (واكلة وبابا غنوج، وطحينية، وخلطة اللبن البلدي، والخلطات الشعبية وبعض الاكلات اللبنانية)، التي تعلمها من خلال سفره لدولة لبنان في ريعان شبابه عن طريق عمله باحد الفنادق لمدة عام وغيرها من الاكلات المتنوعة، اضافة الى العديد من الماكولات المضافة حديثا مثل( الشاورما والكبة وصواني الكفتة بكافة انواعها).
وفيما يتعلق بجنسية الزوار وعددهم يؤكد التيتي" ارتفاع نسبة الزوار الاجانب القادمين من مختلف دول العالم، وبعضهم يعتبر زبون دائم للمطعم يأتون اليه بشكل دوري، ويتناولون الطعام الشعبي ويلتقطون بعض الصور فيه،"، ويعبر التيتي عن اسفة لمعرفة الاجانب للمطعم بنسبة جيدة وعدم معرفة نسبة كبيرة من اهالي البلدة للمطعم، الا ان هذة النسبة بدات بالارتفاع بالاونة الاخيرة من قبل الشبان صغار السن، نظرا لضمه اشكال فنية قديمة فريدة وتقديمه للماكولات الشهية.