الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:41 AM
الظهر 11:23 AM
العصر 2:21 PM
المغرب 4:47 PM
العشاء 6:05 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

إن لم يُقرع الخزان... منصور يقرع الطناجر

خالد منصور.. حكاية رجلٍ تحدى الواقع ولامس نبض الشارع الفلسطيني

نابلس- رايــة:

فراس أبو عيشة- خالد منصور، في الغلاء تظاهر على جشع التجار، وفي المناسبات الوطنية يتقدم الصفوف الوطنية عند حواجز الاحتلال، وفي موسم الزراعة يحمل شتلة زيتون مع متطوعين حشدهم لغرس الأرض.

آخر نشاطاته القرع على أدوات المطبخ (الطناجر)، وغيرها من مطالبة سلمية للحكومة للتحرك في وجه الغلاء الذي استشرى مع دخول شهر رمضان المبارك.

خالد منصور قد لا يحتاج إلى مكبر صوت أثناء تقدمه المسيرات، فصوته جهوراً يصدحُ بمطالب تعبر عن الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا، ولم يقدم نفسه أبن أي فصيل أو حركة أو مؤسسة، أخذ على عاتقة التجوال في المدن الفلسطينية، وبات مألوفاً بين قطاعات المجتمع.

حملاتٌ شعبيةٌ جماهيريةً

ولأن عمله يتطلب ذلك، كرَّس حياته في العمل الشعبي والجماهيري، وأطلق العديد من الحملات، من مقاطعة للمنتجات الإسرائيلية، ودعم المنتجات الفلسطينية، ورفع الحد الأدنى للأجور، وغيرها، وآخرها مع حملة ضد غلاء الأسعار.

ويُوضح "الحملة المُحاربة لغلاء الأسعار لم تكن حديثة، بل بدأت فعلياً في عهد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، مطلع عام 2012، ولكن الإعلام يُسلط الضوء عليها الآن، وذلك بعد رؤية الحراك الشعبي الكبير لهذا الموضوع، حيث أن قرارات الحكومة بِتخفيض أسعار اللحوم والدواجن، والخبز كذلك، لم يلتزم بها أحد، ونكتشف أنها حبر على ورق ليس أكثر".

وكون حكومة الدكتور رامي الحمد الله، هي امتداد لحكومة الدكتور فياض، كما قال الحمد الله في بداية استلامه لمنصبه، فيؤكد منصور أن الحكومة أشبعت المجتمع الفلسطيني بِوعودها التي لا تُنفذ، وهي حكومة جباية ضرائب، وليست رعاية مصالح هذا الشعب، فهي مرتبطة بِالرأس المال، والطبقة البرجوزاية العليا، وغير مرتبطة بالشعب نفسه.

خالد منصور، مواليد عام 1958، وُلد في مخيم الفارعة جنوب مدينة طوباس، بين 9 أشقاء وشقيقات، وتُعد عائلته وذويه لاجئين من قرية أم الزينات التي تقع على سفوح جبل الكرمل جنوبي شرقي مدينة حيفا، وانتقلت عائلته في عام النكبة 1948 إلى قرية إجزم جنوبي المدينة، حتى سقطت، وأصبحت بِأيدي الاحتلال، ليُكملوا مشوارهم إلى مدينة أم الفحم القريبة من حيفا، حتى سقطت الأمطار بِغزارة وهم تحت الشجر، والمياه تنساب من تحتهم.

ومن أم الفحم إلى خيم اللجوء في مدينة أريحا والأغوار، ولكنهم لم يقدروا على تحملها طويلاً، بسبب الحر الشديد الذي لم يعتادوا عليه في السابق، ليواصلوا مشوارهم إلى مخيم الجلزون شمال رام الله، حتى تساقطت الثلوج بِغزارة، وهبطت خيم اللجوء، وليسمعوا أن أقربائهم يقطنون في مخيم الفارعة، وينتقلون إليه.
وأشرقت شمس الحياة من جديد، في 22-12-1958، ولتُبشرهم وتُعلن ولادة شبلٍ من أشبال فلسطين اللجوء، ألا وهو "خالد منصور"، وحمل يوم مولده سعادةً أولى لأسرته وأقربائه، وسعادةً ثانية لِوالده، حيث وجد عملاً بعد 10 سنوات من الهجرة.

ويُشير إلى أنَّه عاش المرحلة الثانية من النكبة، حيث تحول رُبوع وخيم مخيم الفارعة، إلى غرفٍ إسمنتية، عبارة عن أمتارٍ قليلةٍ طولاً وعرضاً، لم تكن تحتوي على مراحيض، بل كان هُنالك مراحيض عامة لكل حارة وشارع من المخيم، حتى وصلت إلى البيوت.

بدايات بروزه السياسي
يُوضح "عُقد المؤتمر الوطني الأول في القدس عام 1964، حيث انبثق عنه المجلس الوطني الفلسطيني الأول، والذي كان والدي ممثلاً للاجئين فيه، وطالبوا فيه بِوجود مُمثل للشعب الفلسطيني، وأن لا يبقى رئيسنا وملكنا هو الحسين الأردني، فأُعلن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، بِقيادة أحمد الشقيري".

وفي ذات يوم، كانت هُنالك زيارة مُقررة للملك الحسين بن طلال لمخيم الفارعة، باتجاه طوباس، وصولاً لمدينة جنين، وخرج الجميع استقبالاً له، وترحيباً به، واصطفوا على جُنبات الطريق، ويقف أمامهم فرسان الجيش الأردني، توفيراً للأمن والحماية، وعندما وصل الملك، كان الهتاف الوحيد الذي يجب أن يُقال، هو "يعيش جلالة الملك الحسين المعظم"، ولكن خالد رفض ذاك الأمر، ورفع صوته قائلاً "يعيش أحمد الشقيري"، ورددها من وراءه الكثير، وتعرضوا للضرب من الفرسان بِـعِصيّ الخيزران.

ويقول "تعلمت حتى عام 1972 في مدارس مخيم الفارعة، والتحقت بعدها بِمدرسة الجاحظ في نابلس، وبدأت أتعلم كتابة المقال والخواطر، ولأنتقل فيما بعد إلى مدرسة قدري طوقان، وبدأ الحراك الطلابي والوطني بلا تنظيم، فكُنا شباب، ولدينا يقين وإصرار على ضرورة الخروج للمظاهرات في حال حدث أي شيء في الوطن".

وتميز منصور بِحقيبته الحمراء التي كان يحملها على أكتافه أيام الدراسة، وكأنَّه صار منتمياً للشيوعية واليسار منذ صغره دون أن يعلم من هم.

ولأنَّهم أيقنوا ضرورة إيجاد هبَّة جماهيرية شعبية، استغلوا فرصة زيارة حافلتين للمستوطنين إلى قبر يوسف شرقي نابلس، وانهالوا عليهما بالحجارة، واستطاعوا إلحاق الأذى بِهما، ولكن سُرعان ما هرب المستوطنون، واختبأوا في غرفة تحت الأرض داخل القبر، فما كان من منصور إلا أن بدأ بِرشقهم بِالحجارة، كَحادثة قُصرة، واحتجاز 17 مستوطناً في العام المنصرم 2014.

ويُبين أنَّه وخلال سنواته الدراسية، تعلم كتاب الشعارات، التي ساعدته بِالخروج إلى التظاهرات في نابلس، حيث كان هُنالك شاب يقودها، ويهتف دوماً بِقصيدة "قد نموت، ولكننا سنقتلع الموت من أرضنا"، للشاعر معين بسيسو، ولكنها كانت كفيلة للتعبير عن جوهرهم، وما في دواخلهم، قائلاً "كم كُنت أتمنى أن يغيب هذا الشاب عن المظاهرات، حتى أكون بديلاً عنه"، ومن هُنا كانت بداياته.

اعتقالٌ في الثانوية

وفي عام 1976، دقت طبول مرحلة الثانوية، واعتُقل مرتين على التوالي، بِتهمة الشغب والتظاهر، ولكن هو لا يعتبر نفسه أسيراً، لأنَّه كان يُسجن لأيامٍ معدودة، وخرج في المرة الأولى من السجون، ولم يُثنيه ذاك الاعتقال عن المظاهرات، ووضع بوصلته بِرفقة أشقاءه في إحدى المظاهرات، للهجوم على سجن الفارعة، حيث كان فارغاً في حينها، فأنزلوا العلم الإسرائيلي عن السارية، ووضعوا العلم الفلسطيني بديلاً عنه.

ويقول "اعتقلت على أثرها بعد ساعات، واقتدت في حينها إلى السجن، ورفضت الاعتراف بِأي شيء، مُتمسكاً بِشعار الحزب الشيوعي "الاعتراف جريمة"، وبناءً على ذلك، أُحلت للمحكمة الإسرائيلية، وأُفرج عني بِغرامةٍ مالية".

لا عمل له بعد العودة
ويُضيف "ذهبت لإكمال دراستي في الجزائر بِتخصص "البيولوجي"، وعُدت إلى فلسطين من جديد، ولم أجد عملاً لِمدة خمس سنوات، وكُنت مطلوباً لإسرائيل، ولكن فيما بعد بدأت أعمل وأتنقل بين عدة وظائف، سواء في الداخل المحتل، أو الشركات والمصانع، والمستشفيات".

وكان منصور عُهدة وأمانة لدى الاحتلال، ففي المناسبات السنوية، كَيوم الأرض والنكبة، يحتجزه لساعات، وكانوا يقولون له "تشتغل معنا في إلك شغل، ما بتشتغل معنا ما تحلم تلاقي شغل".

وفيما بعد، فضَّل العمل الوطني، وبدأت حياته السياسية، والعمل التنظيمي، وتوجه للحديث مع المجتمع عامة، وطبقة العُمال وطلاب الجامعة خاصة، وبدأ بإعداد تقارير عن أوضاعهم.

ولأنه دخل في المجال السياسي، وأثبت وجوده في الميدان، انتُخب في عام 1998 عضواً للجنة المركزية لحزب الشعب، ورُفع بعدها بِأعوامٍ قليلة، ليُصبح عضو المكتب السياسي للحزب، وانتقل لاحقاً للعمل في مكتب الإغاثة الزراعية بِنابلس، كونها مؤسسة مستقلة، وأصبح يعمل في دائرة الضغط والمناصرة، والعمل الجماهيري.

ويُعرب عن سعادته كونه استطاع أن يُحدث تغييراً بِالحملات السنوية التي أطلقها ويُطلقها بِعمله في الإغاثة الزراعية، سواء أكانت في الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، وحملة قطف ثمار الزيتون، وزراعة الزيتون، إضافةً إلى العديد من الأنشطة، أكانت في البعد الوطني، أو مع المُزارعين.

ومن الجدير بالذكر أيضاً، أنَّ منصور يشغُل منصب عضو المكتب التنفيذي في حملة مقاومة الجدار والاستيطان، وعمله في حزب الشعب، هو عمل كفاحي نضالي، ويسير على نهج المقاومة الشعبية.

Loading...