خاص| ملف المفقودين في غزة: معاناة مستمرة وجهود حقوقية للكشف عن المصير

يُعد ملف المفقودين والمختفين قسرًا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واحدًا من أكثر الملفات تعقيدًا وصعوبة، في ظل الجرائم والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين. ومع تزايد أعداد المفقودين، تسعى المؤسسات الحقوقية لتوثيق الحالات والكشف عن مصير الضحايا.

وفي حديث خاص لـ"رايــة"، أكد علاء اسكافي مدير مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، أن هذا الملف من أكثر الملفات وحشية وصعوبة، نتيجة للممارسات الإسرائيلية الإجرامية، التي شملت استهداف المناطق السكنية ومنع الطواقم الطبية من إنقاذ المصابين وانتشال الجثث.

وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى تجريف المباني مع الجثامين بداخلها، وسحقها بجنازير الدبابات، لمنع أي أثر للمفقودين، إضافة إلى استهداف المدنيين في مناطق خالية وإطلاق النار عليهم دون السماح بانتشال جثامينهم، مما تركهم فريسة للحيوانات الضالة.

جرائم الاحتلال بحق المفقودين

وأشار اسكافي إلى أن الاحتلال اقتحم مراكز الإيواء والمستشفيات، مثل مستشفى ناصر ومستشفى الشفاء، واعتقل العديد من الفلسطينيين، حيث تفيد شهادات بعض المعتقلين بأنهم احتُجزوا مع أشخاص أصبحوا الآن في عداد المفقودين، مما يعزز الشكوك حول إعدام بعض المعتقلين ميدانيًا أثناء نقلهم من غزة إلى داخل الأراضي المحتلة.

وأضاف:
"حصلنا على إفادات تؤكد أن الاحتلال قام بتصفية بعض المعتقلين بعد تقييد أيديهم، ثم قام بإلقاء جثامينهم من الشاحنات خلال عملية النقل."

كما أشار إلى أن هناك 4000 جثمان على الأقل تم نقلها من غزة إلى مناطق داخل الأراضي المحتلة، حيث وضعت داخل حاويات في معسكر "سدي تيمان" قرب مدينة بئر السبع.

تضارب الأرقام وصعوبة التوثيق

وأكد اسكافي أنه لا توجد إحصائيات دقيقة بشأن أعداد المفقودين، حيث تشير التقديرات الحكومية إلى أكثر من 14,000 مفقود، في حين تقدر مؤسسة الضمير العدد بحوالي 10,000 مفقود.

وأضاف أن الاحتلال قام بإرسال حاويات تحتوي على أكثر من 100 جثمان إلى معبر كرم أبو سالم، ولم تقدم أي معلومات حول هوية أصحابها، مما دفع وزارة الصحة إلى رفض استقبالها بسبب الغموض الذي يحيط بها.

جهود التوثيق والكشف عن المفقودين

وفيما يتعلق بجهود مؤسسة الضمير، أوضح اسكافي أن المؤسسة تقدمت بـ600 طلب للجانب الإسرائيلي للكشف عن مصير المفقودين، إلا أن إسرائيل تنفي وجودهم في سجونها أو معسكراتها.

وأشار إلى أن باحثي المؤسسة يعملون ميدانيًا في كافة مناطق القطاع لتوثيق الحالات، كما تم إنشاء منصات إلكترونية لتعبئة استمارات الإبلاغ عن المفقودين، بالإضافة إلى التعاون مع جهات محلية ودولية لجمع المعلومات.

وقال: "نعمل الآن على إنشاء بنك DNA لأهالي المفقودين، ونطلب منهم تقديم أي وثائق أو تقارير طبية قد تساعد في تحديد هويات الضحايا".

وأكد أنه في حال عدم تجاوب الاحتلال، ستتوجه المؤسسة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمقررين الخاصين بالأمم المتحدة، والدول السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، للضغط على إسرائيل للكشف عن مصير المفقودين.