محلل سياسي لراية: مفاوضات واشنطن مع حماس تفاجئ إسرائيل وتثير قلقها
في تطور غير مسبوق، كشفت مصادر عربية ودولية أن الولايات المتحدة أجرت مباحثات مباشرة مع حركة حماس، وهو ما شكل مفاجأة للحكومة الإسرائيلية.
وقال عزام أبو العدس، المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، في حديث خاص لـ"رايـــة": "هذه المباحثات جاءت بطلب أمريكي بحسب مصادر في المقاومة، ولم تكن إسرائيل على علم بها في البداية، وهو ما ظهر جليًا في التصريحات المتضاربة التي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف: "في البداية، بدا واضحًا أن إسرائيل لم تكن على دراية بهذه المفاوضات، لكنها سرعان ما حاولت احتواء الأمر، حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المباحثات تمت بتنسيق إسرائيلي، وهو ما يتناقض مع التصريحات الأولى التي نقلها الإعلام العبري".
وأكد أبو العدس أن السبب الرئيسي وراء هذه المباحثات هو سعي الإدارة الأمريكية للإفراج عن أربعة جنود إسرائيليين يحملون الجنسية الأمريكية، تحتجزهم المقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن حماس اشترطت أن يكون الإفراج عنهم ضمن المرحلة الثانية من الاتفاق، أو أن تلتزم واشنطن بتعهد واضح للبدء في تنفيذ هذه المرحلة.
إسرائيل قلقة.. هل تمنح واشنطن شرعية لحماس؟
تسببت هذه المباحثات بحالة من القلق داخل إسرائيل، التي تخشى من أن تؤدي هذه الخطوة إلى إضفاء شرعية سياسية على حركة حماس، وهو ما يتعارض مع سياساتها.
وأوضح أبو العدس أن القلق الإسرائيلي يعود لسببين رئيسيين:
أولًا: أن هذه المباحثات تعني اعترافًا أمريكيًا ضمنيًا بحماس كطرف سياسي، مما قد يفتح الباب أمام مزيد من التواصل الدولي مع الحركة.
ثانيًا: أن نجاح هذه المفاوضات قد يجبر نتنياهو على الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وهو ما لا تريده إسرائيل في الوقت الحالي.
وأضاف: "نتنياهو قلق أيضًا من أن يضعه ترامب أمام أمر واقع لا يستطيع رفضه، خاصة أن نتنياهو يخشى الدخول في صدام مباشر مع ترامب، الذي يمكن أن يمارس ضغوطًا كبيرة عليه كما فعل سابقًا".
ترامب يفاوض من جهة.. ويهدد بجحيم جديد من جهة أخرى
رغم هذه المفاوضات، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى التهديد بـ "جحيم جديد" لحركة حماس، واصفًا تحذيراته بأنها "التحذير الأخير".
وعن هذا التناقض في مواقف ترامب، قال أبو العدس: "علينا أن ندرك أن ترامب لا يدير الأمور كمؤسسة سياسية متماسكة، بل يتخذ قراراته بشكل فردي وعاطفي ومتقلب، دون وجود رؤية استراتيجية واضحة".
وأشار إلى أن التهديد الأخير الذي أطلقه ترامب جاء بعد اجتماعه بعدد من الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم من غزة، حيث تأثر بقصصهم العاطفية، مما دفعه إلى إصدار هذا التصريح الانفعالي.
وأضاف: "هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها ترامب بهذا الشكل، فقد سبق أن أطلق نفس التهديد في المرحلة الأولى من الصفقة، ثم أرسل مبعوثه ويتكوف إلى نتنياهو ليجبره على تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق".
وأوضح أن "هوكستين سيصل إلى المنطقة اليوم الخميس، وقد طلب من نتنياهو عدم إطلاق أي رصاصة في غزة حتى وصوله، وهو ما يعني أن الإدارة الأمريكية لا تتجه نحو التصعيد العسكري، بل تسعى إلى استكمال الاتفاق".
أشار أبو العدس إلى أن التجربة السابقة مع ترامب أثبتت أنه يطلق التهديدات، لكنه في النهاية يمارس الضغوط السياسية لتحقيق أهدافه، قائلًا: "أي جهة تريد شن حرب حقيقية تبدأ بتحركات عسكرية واستعدادات مسبقة، وهو ما لا نراه حاليًا".
وأضاف "بالعكس، كل التحركات الأمريكية تشير إلى الضغط على إسرائيل للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وليس التصعيد العسكري".
وختم حديثه بالقول: "ترامب قد يهدد ويتوعد، لكنه في النهاية لا يريد تصعيدًا عسكريًا كبيرًا، بل يبحث عن صفقة سياسية تحقق له مكاسب داخلية ودولية".