تقرير: مخاوف الحرب التجارية تضع علاقات أوروبا وواشنطن على المحك
التقط قادة الاتحاد الأوروبي إشارة من فرضية اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة، بعد إعلان المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية ضد منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس.
وتعهد ترامب بفرض ضرائب وتعريفات جمركية إضافية تصل إلى 10% على الواردات الأميركية من الاتحاد الأوروبي، والضغط على الأخير لاستيراد المزيد من الصادرات الأميركية.
والجمعة، توصل اجتماع عقد بالعاصمة المجرية بودابست إلى إجماع قادة دول الاتحاد الأوروبي حول الحاجة إلى زيادة النمو والإنتاجية مع اقتراب سياسة الحماية التجارية "أميركا أولا".
ووقع زعماء الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بودابست على إعلان يهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية المتدهورة للتكتل، وهي مهمة أصبحت أكثر إلحاحا بسبب تهديد سياسات الحماية التجارية "أميركا أولا" التي وعد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
عودة ترامب وشيكة
ووقفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أمام الصحافيين، الجمعة، وأكدت أن التكتل لديه الكثير من الحواجز أمام الابتكار ويجب أن تقلل بشكل كبير من البيرقراطية، وخاصة بالنسبة للشركات الناشئة، وزيادة الاستثمار، وتسهيل الوصول إلى رأس المال، وزيادة الإنتاجية.
يأتي ذلك، بينما يشعر المسؤولون الأوروبيون بالفزع إزاء عودة ترامب الوشيكة ليس فقط، بسبب خلافاته مع حلف شمال الأطلسي وتناقضه بشأن أوكرانيا، ولكن أيضا العواقب الاقتصادية لتهديده بجعل الاتحاد الأوروبي "يدفع ثمنا باهظا" لعدم شراء ما يكفي من الواردات الأميركية.
وتكشف تصريحات، الجمعة، لرئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، مدى الخشية التي تنتاب اقتصادات أوروبا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمالية تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية تبلغ 10% على الواردات القادمة من أوروبا.
اعتماد أوروبا على نفسها
قالت ميلوني: "لا تسألوا ماذا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل من أجلكم، بل اسألوا ماذا ينبغي لأوروبا أن تفعل من أجل نفسها. يجب على أوروبا أن تجد التوازن. نحن نعلم ما يتعين علينا القيام به".
في تقرير لها الجمعة، أوردت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، أن أساس مناقشات الزعماء كان مبني على تقرير لرئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، الذي حذر من أن التكتل يواجه "انحدارا بطيئا ومؤلما" ما لم تتحرك لإنهاء سنوات من الركود.
وقال دراجي إن جائحة كورونا وحرب أوكرانيا غيرتا قواعد التجارة الدولية، ودعا إلى استثمار إضافي يصل إلى 800 مليار يورو سنويا في اقتصاد التكتل، أي ما يعادل حوالي 5% من الناتج الاقتصادي السنوي للاتحاد الأوروبي.
في المقابل، يخشى الأوروبيون إلى جانب الحرب التجارية واحتمالية تراجع تمويل واشنطن لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، من احتمالية زيادة تمويل أوكرانيا في حربها ضد روسيا، مع احتمالية انسحاب ترامب من تمويل الحرب.
هذه التخوفات قالها صراحة رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الجمعة، وزاد: "لا تستطيع أوروبا تمويل هذه الحرب بمفردها.. ما يزال البعض يريد الاستمرار في إرسال مبالغ هائلة من المال إلى هذه الحرب الخاسرة، لكن عدد أولئك.. الذين يجادلون بحذر بأننا يجب أن نتكيف مع الوضع الجديد آخذ في الازدياد".
التجارة بالأرقام
تظهر بيانات وزارة التجارة الأميركية، أن إجمالي تجارة السلع والخدمات مع الاتحاد الأوروبي بلغت 1.36 تريليون دولار في 2023، بواقع صادرات أميركية بقيمة 620 مليار دولار، وواردات بـ743.3 مليار دولار.
وبلغ العجز التجاري الأميركي في السلع والخدمات مع الاتحاد الأوروبي 124 مليار دولار في 2024، وهو ما يسعى ترامب إلى إطفائه من خلال التوصل إلى صيغة تجارية تنهي العجز.
ويطمح ترامب إلى تحويل جزء من مصانع الشركات الأوروبية إلى السوق الأميركية في عديد القطاعات الحيوية، ضمن خطة للوصول إلى أدنى نسبة بطالة على الإطلاق، وهو الجانب الآخر الذي يخشاه الأوروبيون.
وحتى 2022، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الأميركي في الاتحاد الأوروبي 2.7 تريليون دولار، بزيادة 5.5% عن 2021.
ويقود الاستثمار المباشر الأميركي في الاتحاد الأوروبي شركات قابضة غير مصرفية، والتصنيع، والتمويل والتأمين.
بينما بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر للاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة 2.4 تريليون دولار في 2022، بزيادة 4.0% عن 2021.
ويقود الاستثمار المباشر للاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة التصنيع، والتمويل والتأمين، وتجارة الجملة.
حلف الناتو
ويبدو أن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قد يكون هو الضحية المقبلة للرئيس ترامب، إذ دعا في أكثر من مناسبة بضرورة دعم أكبر من الأعضاء للتحالف، وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة.
في شباط/ فبراير الماضي، ألمح ترامب إلى أن الولايات المتحدة لن تدافع عن الدول أعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو" التي لا تفي بالتزاماتها المالية للحلف، إذا ما تعرضت لهجوم روسي.
وأشار ترامب في كلمته إلى أنه وقع في "صدام" مع أحد حلفاء الولايات المتحدة تحت مظلة الناتو (لم يذكر أي دولة) خلال فترته الرئاسية السابقة من 2017 إلى 2021، على خلفية تهديده بعدم الدفاع عن أعضاء الناتو الذين لا يحققون أهداف الإنفاق الدفاعي.
وأضاف ترامب أنه قال للحليف الذي لم يذكر اسمه حينها، بأنه "سيدعم" روسيا لتفعل ما تشاء والهجمات المحتملة (على بلدان الحلف المتأخرة عن سداد مدفوعاتها المالية للحلف).
وقال ترامب: "لماذا لا تدفعون؟ لم أكن لأحميكم، في الواقع سأدعمها (روسيا) في فعل ما تريد بكم. عليكم أن تدفعوا“.