باحثان إسرائيليان: انتقام إيران من إسرائيل ربما يقع في الساحة الدولية
يرجح الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، يورام شفايتسر وعنات شابيرا، أن إيران لم تتراجع عن قرارها بالثأر لاغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس سماعيل هنية الذي تم اغتياله في قلب عاصمتها طهران ويرجّحان أن تتم عملية الانتقام خارج اسرائيل.
ويقول شفايتسر وشابيرا في مقال مشترك نشره موقع معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب إنه بسبب التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران وشركائها من ما يوصف ب «محور الشر» في أعقاب اغتيال فؤاد شُكر في بيروت، وإسماعيل هنية في طهران، من المهم التذكر أنه بالإضافة إلى شبكة الأذرع التي تملكها إيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن، فهي تملك أيضاً قناة عمل إضافية – عمليات في الساحة الدولية.
ويقولان إن هذه القناة يمكن أن تبدو بديلاً متوفراً وفعالاً لتفعيل القوة الواسعة والمتعددة الجبهات من أجل الانتقام من إسرائيل.
و طبقا للباحثين الإسرائيليين فإن إيران تفعّل ما اسموه«إرهاباً» دولياً، كسياسة تتّبعها منذ الثورة الإسلامية وحتى اليوم، وبادرت خلال هذه السنوات إلى عمليات نفّذها عملاؤها، وأيضاً تنظيمات وأذرع في مناطق متعددة من العالم، تحوّلت إلى إحدى طرق العمل الإيرانية، الهادف أساساً للدفع قدماً بمصالح النظام في مواجهة الأعداء من الداخل والخارج، وهذا من دون القيود التي تأخذ بعين الاعتبار إلحاق الضرر بسيادة الدول الأجنبية، أو الانزياح عمّا هو مقبول في منظومات العلاقات الدولية. ويزعمان أن إيران كانت سابقا تُعتبر إحدى الدول الداعمة لـ«الإرهاب» أمّا اليوم، فهي الدولة الوحيدة البارزة التي تستمر في العمل بكثافة في مجال «الإرهاب الدولي» وفي الوقت نفسه، تدعم جيوشاً «إرهابية» في الشرق الأوسط بقوة حسب التعبير.
كما يزعمان أنه خلال الأعوام الخمسة الماضية، عزّزت إيران عمليات «الإرهاب» الدولي، وكانت مسؤولة عن عشرات محاولات تنفيذ عمليات في أوروبا وشمال وجنوب أمريكا وأفريقيا وأستراليا وآسيا. وطبقا لهما فإن هذه العمليات تم توجيهها مباشرة من «فيلق القدس» التابع لاستخبارات الحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية، وأن هذه الجهات مسؤولة عن المبادرة إلى عمليات «إرهابية» ضد المنفيين من معارضي النظام، وأيضاً ضد مسؤولين كبار في دول غربية، وأهداف في دول عربية تعتبرها معادية للنظام، وأيضاً ضد أهداف يهودية وإسرائيلية.
و طبقا للباحثين الإسرائيليين جرت هذه المحاولات أيضاً في دول غربية كان يتم التعامل معها على أنها «محصّنة أكثر» بسبب الافتراض أن إيران لن ترغب في الدخول في مواجهة دبلوماسية معها، إلا إن إيران لم تتردد عن العمل بداخلها، وأيضاً ضد أهداف غربية، وضد منفيين من المعارضة الإيرانية، إلى جانب عملياتها ضد أهداف إسرائيلية. ويتابعان: «وبسبب حقيقة أن أغلبية هذه العمليات الإيرانية أُحبطت، فإن تصاعُد هذه العمليات لا يزال على هامش اهتمام الإعلام الدولي، وبالتالي على هامش اهتمام الأوساط الواسعة والسياسيين. وعلى الرغم من أنه توجد حالة نهوض في الوعي إزاء هذا الموضوع مؤخراً، فإن التركيز لم يتم على الخطر الذي يمكن أن يلحق بمواطني دول كثيرة في العالم وتغطيته إعلامياً بشكل واسع. لذلك، لم تُتخذ إجراءات عقابية قانونية ودبلوماسية محلية ودولية مطلوبة لكبحها». ويعتقدان أنه «وعلى الرغم من ذلك، فإن الجرأة الإيرانية تزداد، وثمة تخوف من أن توسع إيران جهودها في مجال الإرهاب الدولي عموماً، وضد أهداف إسرائيلية ويهودية بشكل خاص، ويمكن أن تختار طريقة العمل هذه كجزء من ردها على اغتيال إسماعيل هنية في إيران».
ويقولان إنه في ظل السيطرة على الذات التي فرضتها القيادة الإيرانية على نفسها، موقتاً على الأقل، بشأن تنفيذ الرد القوي الذي وعدت به بعد اغتيال هنية، يمكن أن تفضل اختيار العمل خارج المواجهة المباشرة في الشرق الأوسط. وبذلك تستطيع إيران إلحاق الضرر بمصالح خاصة بإسرائيل، وتكون «وفت بوعدها» وأرسلت لها مرة أُخرى رسالة ردع، وفي الوقت نفسه، امتنعت من التعرض لعقوبات من الدول التي ستعمل فيها، حتى لو تم التشكيك فيها كمسؤولة، وأيضاً تتجنب الانجرار إلى تصعيد في مواجهة إسرائيل، ومن الممكن، إلى حرب إقليمية.
وللتعامل مع هذا التحدي، يقترح الباحثان على إسرائيل:
المبادرة إلى معركة دبلوماسية وإعلامية تكشف ميزات السلوك الإيراني، كدولة «مارقة» تهدد النظام العالمي، وتقوم بعمليات «إرهابية» على مستوى دولي هو الأوسع. وفي هذا الإطار، من المهم إيضاح المصالح المشتركة لمجمل الدول التي لحِق بها الضرر حتى الآن في 5 قارات، والضرر الذي يمكن أن يلحق بدول أُخرى تكون ضحية. يمكن أن يؤدي الكشف الإعلامي إلى تغييرات في سياسات دول كانت ترى الخطر الإيراني، حتى الآن، محصوراً في تطوير السلاح النووي، أو دعم الجيوش «الإرهابية» في الشرق الأوسط، وأن تخصص هذه الدول موارد للمعركة الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية، بالتعاون مع إسرائيل، لكبح تصدير «الإرهاب» الدولي إلى أراضيها. كما يقترحان قيادة جهود دولية لإدخال «فيلق القدس» إلى قائمة المنظمات «الإرهابية» في دول مختلفة، بينها بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، وبمساعدة الولايات المتحدة وكندا اللتين قامتا بهذا. وتوجد عقوبات واسعة مفروضة على «فيلق القدس» وعلى الرغم من ذلك، فإن إدخاله إلى قائمة المنظمات «الإرهابية» سيكون له إسقاطات فعلية: سيتم اعتبار دعمه والعضوية فيه مخالفة جنائية، وبذلك يتم تقليص الدعم لها، على الأقل علناً، وسيكون من الصعب عليه العمل. وثانياً، وضع التنظيم في القائمة سيوسع من الأدوات والصلاحيات التي لدى سلطات إنفاذ القانون والأمن، وهي الجهات التي يجب عليها أن تساعد في إحباط العمليات في مراحل مبكرة وقبل تنفيذها. لذلك، من المفضل مشاركة المعلومات بشأن تدخُّل الحرس الثوري في العمليات من أجل تجنيد الدعم القانوني للمواجهة. وبسبب التدخل المتصاعد «لجهات إجرامية» في عمليات «الإرهاب» الإيراني، يقترح الباحثان الإسرائيليان أن يتم إعلام ودفع جهات شرطية إلى التدخل في إحباط مبادرات إيران «الإرهابية». وذلك طبعاً إلى جانب استمرار التعاون الناجح، حتى الآن، مع جهات استخباراتية وإحباط دولي.