الغارديان: اختيار فانس نائباً لترامب خبر مرعب لأوكرانيا وسيئ لأوروبا ومخيف لغزة
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريراً لمراسلها في واشنطن أندرو روث قال فيه إن اختيار دونالد ترامب لجيه دي فانس، السناتور الجمهوري عن أوهايو، كنائب له في الحملة الرئاسية لعام 2024 يعتبر “أخباراً مرعبة” لأوكرانيا وأوروبا.
ومن المتوقع أن يدفع فانس باتجاه أجندة “أمريكا أولاً” في السياسة الخارجية، والتعامل مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لوقف الحرب.
وقال روث إن اختيار ترامب أثار مخاوف أوروبا، وإنه قد يتبنّى سياسة تعاقدية، كما في الإدارة الأولى، والتي قد تصل إلى دفع الولايات المتحدة أوكرانيا لعقد معاهدة سلام مع روسيا.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي بارز في واشنطن قوله: “هذه أخبار سيئة لنا، ولكنها رهيبة لـ [أوكرانيا]”، مضيفاً أن فانس “ليس حليفاً لنا”.
وأضافت الصحيفة أن الدبلوماسيين الأجانب والمراقبين أطلقوا دائماً على سياسات ترامب “الصندوق الأسود”، قائلين إنه من الصعب معرفة ما سيقوم به الرئيس المتقلّب عندما يصبح في السلطة. وعزى البعض أنفسهم بأن الأسماء المرشحة للمناصب العليا، مثل مستشار الأمن القومي السابق روبرت أوبراين، ستحافظ على الوضع القائم للسياسة الخارجية، فيما سيركز فيه ترامب على السياسة الداخلية.
ولكن المنظور القائم هو أن ترامب لديه بديل أكثر نشاطاً، وقادر على إثارة شكوك ترامب من الحرب في أوكرانيا وأوروبا، وحث الإدارة على اتخاذ مواقف قاسية من التجارة والسياسة الخارجية في أماكن أخرى من العالم.
ويرى مايكل ماكفول، السفير الأمريكي السابق في روسيا، والمدير الحالي لمعهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية: “كان السناتور فانس زعيماً معارضاً لحزمة المساعدات إلى أوكرانيا، في الربيع الماضي، وعبّرَ عن قلة اهتمام بما يجري في تلك الحرب”، و”باختياره فانس كنائب للرئيس، قدّم ترامب موقفه الواضح للناخب الأمريكي في تشرين الثاني/نوفمبر من السياسة الخارجية”.
وأضاف أن “سياسة بايدن الخارجية تتناقض بشكل راديكالي مع نهج ترامب”، و”دعم بايدن وهاريس الديمقراطية، ووقفوا أمام المستبدين. ولم يلتفت ترامب وفانس لفكرة دعم الديمقراطية في الخارج، ودعموا، عوضاً عن ذلك، الديكتاتوريين. ولم يكن الاختلاف في السياسة الخارجية لهذين المرشحين الرئاسيين أوضح منه في حياتي كما هو الآن”.
وانتقد فانس حزم الدعم الأمريكية إلى أوكرانيا، ودفع باتجاه التفاوض مع روسيا، في وقت أكدت فيه أوكرانيا عدم رغبتها بالمحادثات.
واتهم إدارة بايدن بأنها تقوم بإدارة الحرب الإسرائيلية في غزة بشكل جزئي. ودعا إلى احتواء الصين، قائلاً إن أمريكا مستنزفة في أوروبا، ودعا إلى قيود تجارية، وحماية الملكية ضد الصين. وطالب الدول الأوروبية بدفع حصة كبيرة من الناتج المحلي العام لتمويل الناتو، وكتب هذا العام: “قدمت الولايات المتحدة صكّاً أمنياً مفتوحاً لأوروبا، ولوقت طويل”.
وقالت إيما أشفورد، الزميلة البارزة ببرنامج إعادة تخيّل الإستراتيجية الأمريكية الكبرى في مركز ستيمسن بواشنطن: “أعتقد أن اختيار فانس جاء، في جزء منه، لسياسته الخارجية وسياسته التجارية”، و”يمثّل فانس، وبشكل كبير، هذا الجناح المتطرف النامي في الحزب الجمهوري، وهم قوميون أكثر، ودعاة نوعاً ما للانعزالية، ومعادون للهجرة. وكان ترامب هو من بدأ هذا في عام 2016، وأصبح فانس واحداً من زعمائها في الكونغرس”.
وذكر موقع “أكسيوس” أن المانحين دعموا ترشيح فانس في الساعات الأخيرة، ومنهم إيلون ماسك وتاكر كارلسون وديفيد ساكس، وعبّر الثلاثة عن شكوك من دعم الرئيس بايدن للرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي. وقال ساكس، على منصة المؤتمر الوطني للجمهوريين، إن بايدن هو “من استفزّ، نعم استفز الروس لغزو أوكرانيا، عندما تحدث عن توسيع الناتو”.
ويرتبط هؤلاء المانحون مع مجموعة ميليارديرات في سيلكون فالي، بمن فيهم الداعم لفانس، بيتر ثيل المعروف بمواقفه المتشددة من الصين.
إلا أن اختيار فانس أثار فضيحة بين الجمهوريين، وقالت ليز تشيني، عضو الكونغرس السابقة التي أصبحت من أكبر نقاد ترامب، إن فانس “سيرفع الراية البيضاء للروس، وسيضحي بحرية حلفائنا الأوكرانيين”. وقالت إن “حزب ترامب لم يعد حزب لينكولن، ولا ريغان، أو الدستور”. ونشر فانس سيرته في كتاب بعنوان “مرثاة هيليبلي”، وقدّمَ نفسه بأنه قصة نجاح في حزام الصدأ الصناعي القديم، وقد اختاره ترامب بسبب قصته وجذوره وحضوره على المسرح، لا سياساته. ولكنه صنع اسمه من خلال قيادة النقد لسياسة الدعم لحرب أوكرانيا.
وقال في بودكاست “غرفة الحرب”، الذي يديره ستيفن بانون، عام 2022: “أعتقد أن من السخافة التركيز على هذه الحدود في أوكرانيا”، مضيفاً: “عليّ أن أكون صريحاً، لا أهتم بالحقيقة بما يحدث في أوكرانيا بطريقة أو بأخرى”.
وفي مؤتمر ميونيخ الأمني، الذي انعقد في شباط/فبراير، قدّم ما وصفه أحد مساعديه “صيحة تحذير” لأوروبا، قلّل فيها من التهديد الذي يمثله الزعيم الروسي على أوروبا، وأن دولها لم تكن قادرة على صناعة السلاح لمواصلة الحرب. وقال: “لا أعتقد أن فلاديمير بوتين هو تهديد وجودي على أوروبا. وبقدر ما يمثله، فهذا يدعو أوروبا لأن تلعب دوراً قوياً في أمنها”.
وقال فانس إنه يعتقد بنهاية الحرب من خلال المفاوضات على اتفاقية سلام. وهو رأي تدعمه مواقف رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، الذي قال، يوم الثلاثاء، إن ترامب، وبعد انتخابه، سيبدأ بالتصرف كعراب سلام، وحتى قبل تنصيبه. وقال سيرجي كوديلا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بايلور: “نعم، سيحاول ترامب في النهاية تحديد سياسة أوكرانيا”، و”لكن اختيار فانس يخبرنا كل ما نريد معرفته حول نهج ترامب من أوكرانيا، وعندما يصبح رئيساً: لن تنضم أوكرانيا للناتو، قطع الدعم العسكري، وإجبار زيلينسكي على الطاولة مع بوتين”.
وقال فانس إن أمريكا لن تنسحب من الناتو أو “تتخلى عن أوروبا”، ولكن عليها التحول نحو آسيا، واتخاذ موقف قوي لاحتواء الصين. وقال: “على الولايات المتحدة التركيز على شرق آسيا”، و”هذا هو مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية للأربعين عاماً المقبلة، وعلى أوروبا أن تستفيق على هذه الحقيقة”.
فانس: اتفاقيات أبراهام قدمت وعداً حقيقياً لتوحيد الإسرائيليين والدول العربية السنية.. عليك مساعدة الإسرائيليين والعرب السنة العمل معاً، وتقديم ثقل موازن لإيران
وليست أوروبا وحدها الخائفة من مواقف فانس وأفكاره حول السياسة الخارجية، فلديه مواقف مثيرة من الحرب في غزة. فقد شجب فانس الرئيس بايدن “الضعيف”، وبخاصة إزاء إيران، وتعهد بدعم إسرائيل.
واتهم فانس الرئيس الحالي بأنه يطيل أمد الحرب في غزة بسبب غياب الدعم لإسرائيل، وهو سبب عدم انتهاء الحرب في القطاع المحاصر. وقال: “لم يفعل جو بايدن شيئاً لحليفتنا إسرائيل. وصعب جو بايدن على إسرائيل الانتصار في الحرب. وأطال الحرب للقضاء على حماس”.
وقال فانس لـ “فوكس نيوز” إنه يعيد تكرار الرأي السائد في إسرائيل، وهو أن بايدن يدير جزئياً الهجوم الإسرائيلي، ويمنع إسرائيل من ضرب غزة بقوة. مع أن إسرائيل، وخلال الأيام الماضية، كثّفت من هجماتها التي قتلت العشرات في عدة أماكن من القطاع.
وأدت الحملة، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر لمقتل 38,664 فلسطينياً. وانتقدت إدارة بايدن القصف الإسرائيلي، إلا أنها زوّدت تل أبيب بقنابل زنة الواحدة منها 500 رطل، وعلقت، في الفترة الأخيرة، شحنات قنابل زنة الواحدة منها 2,000 رطل، استخدمتها إسرائيل في الماضي لضرب غزة.
ولم يقدم فانس تفاصيل عن الطريقة التي ستدعم فيها إدارة بايدن إسرائيل لكي “تنتصر في الحرب”، إلا أنه تحدث عن رؤيته للشرق الأوسط بعد الحرب، والتي تقوم على دعم “اتفاقيات أبراهام”.
وقال فانس: “تريد حدوث شيئين؛ الأول يجب نهاية هذه الحرب بسرعة، لأنها لو استمرت مدة أطول، أصبح الوضع صعباً” على إسرائيل. و”لكن الأمر الثاني، فأنت تريد، بعد الحرب إنعاش العملية السلمية بين إسرائيل والسعودية والأردنيين، وهكذا دواليك”.
وقال فانس إن الولايات المتحدة ستبحث عن طرق لتقوية التحالف الإسرائيلي- السعودي و”تشكيل جبهة موحدة ضد إيران”. وتؤكد تصريحات فانس استمرارية في الموقف تجاه إيران من الإدارة عام 2017-2020 والإدارة المقبلة. فقد اتخذ ترامب موقفاً متشدداً من إيران، وخرج، عام 2018، من الاتفاقية النووية، وأعاد فرض العقوبات، إلا أن إنجازه في السياسة الخارجية كان اتفاقيات أبراهام، وتوقيع دول عربية، وهي البحرين والإمارات والسودان والمغرب، اتفاقيات سلام مع إسرائيل.
وعلّق فانس بأن “اتفاقيات أبراهام قدمت وعداً حقيقياً لتوحيد الإسرائيليين والدول العربية السنية”، و”عليك مساعدة الإسرائيليين والعرب السنة العمل معاً، وتقديم ثقل موازن لإيران”.
وانتقد إستراتيجية بايدن ضد الحوثيين، واصفاً إياها بأنها ملاحقة صغيرة، مضيفاً أن عقيدة ترامب هي: “لا ترسل القوات الأمريكية إلا عندما تضطر، وعندما تفعل هذا فإنك توجه اللكمة وراء الأخرى”. وأكد على دعم إسرائيل التي يُعتَبَر ترامب أفضل صديق لها.
المصدر:القدس العربي