تناوبوا عليه بالضرب وهددوه بالقتل خنقا وبتكسير يديه وقدميه
24 ساعة من الرعب عاشها طفل من عزون اعتقله جنود الاحتلال
أكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل إساءة معاملة وتعذيب الأطفال الفلسطينيين الذين تعتقلهم بطريقة ممنهجة وواسعة النطاق.
وفي هذا السياق، وثقت الحركة العالمية حالة الطفل مجد رضوان (14 عاما) من بلدة عزون بمحافظة قلقيلية، الذي تعرض للتعذيب وإساءة المعاملة من جنود الاحتلال خلال اعتقاله في التاسع والعشرين من شهر نيسان الماضي.
وقال الطفل مجد في إفادته للحركة العالمية، إن جنود الاحتلال اعتقلوه ذلك اليوم، في حوالي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، أثناء تواجده في الحي الغربي بالبلدة مع مجموعة من أصدقائه، بعد أن طاردتهم مركبتان عسكريتان لمسافة قصيرة، نجح خلالها أصدقاؤه بالفرار بينما اضطر هو للتوقف خوفا من أن يتعرض للدعس.
وتابع: " فور توقفي ترجل حوالي 10 جنود من داخل المركبتين العسكريتين، وصوبوا أسلحتهم نحوي، ثم تقدم أحدهم وركلني بقدمه (بسطاره) على وجهي فسقطت أرضا، وواصل الاعتداء عليّ بالضرب المبرح لحوالي 30 دقيقة متواصلة، كان يضربني بعقب بندقيته ويديه وقدميه، كنت أصرخ وأبكي من شدة الخوف والألم، بعدها قام بتكبيل يداي بواسطة مربط بلاستيكي واحد إلى الخلف وتعصيب عيناي، ثم دفعني إلى داخل أحد الجيبات العسكرية وأجلسني على أرضيته".
وأضاف: "داخل الجيب جدد جنديان الاعتداء عليّ بالضرب المبرح على كافة أنحاء جسدي، وأحدهما وضع مقدمة (بسطاره) العسكري في فمي، بالتزامن مع الدعس على صدري بقدمه الأخرى، كنت أصرخ وأبكي من شدة الألم والخوف، وشعرت أنني سأختنق، وقد استمر الاعتداء عليّ داخل الجيب حوالي 10 دقائق".
اقتاد جنود الاحتلال الطفل مجد إلى النقطة العسكرية المقامة عند مدخل عزون الشمالي، حسبما أفاد للحركة العالمية، وتابع: "أخرجني أحد الجنود من داخل الجيب وأرغمني على الوقوف دون السماح لي بأن أحرك جسدي مطلقا، بعدها ضربني بعقب بندقيته على صدري ورأسي وخاصرتيّ وسط شتمي بأقذر المسبات، كنت أتوسل له لكي يتوقف عن ضربي، لكن بلا جدوى، بعدها وضع يديه على عنقي وضغط بكل قوة وقال لي باللغة العربية (بدي أقتلك خنق) وقد شعرت بدوار شديد جراء ذلك قبل أن أفقد الوعي".
وأردف الطفل مجد: "استعدت وعيي في حوالي الساعة الخامسة من مساء ذلك اليوم، فوجدت نفسي ملقىً عند باب غرفة وكنت ما أزال مكبل اليدين ومعصوب العينين، وسمعت نباح كلب ومواء قط بجانبي، فبدأت أصرخ من شدة الخوف، وفي تلك اللحظات قال لي أحد الجنود باللغة العربية (بدي أخلي الكلب يوكلك)، بكيت وتوسلت كثيرا لكنه كان يسخر مني ويتهكم، وبالفعل اقترب الكلب والقط مني، فشعرت بجسد الكلب يلامسني وهو يصدر صوتا مخيفا، وكان الجندي يتحكم به فكلما اقترب كثيرا مني سحبه الجندي قليلا، في حين تسبب لي القط بعدة جروح في وجهي ومختلف أنحاء جسدي، وقد استمر ذلك حتى حوالي الساعة الثانية من فجر اليوم التالي".
أبعد الجندي الكلب والقط عن الطفل مجد، وعاد إليه وضربه بواسطة قدميه على صدره ورأسه، وقام بضرب رأسه بأحد الجدران عدة مرات، حسب ما جاء في الإفادة.
"كنت منهارا ولم أعد أقوى على البكاء أو الصراخ، شعرت بالعطش الشديد فأخبرت الجندي بذلك لكنه تجاهل طلبي، وطلب مني التزام الصمت، بعدها تم سحبي ودفعي إلى داخل جيب عسكري، وهناك تكرر الاعتداء عليّ، وقال لي أحد الجنود باللغة العربية (بدي أكسر إيديك ورجليك) قبل أن يضربني بقوة على يداي وقدماي"، قال الطفل مجد.
اقتاد جنود الاحتلال الطفل مجد إلى مركز للشرطة في مستوطنة "عمانوئيل" (مقامة على أراضي محافظتي سلفيت وقلقيلية) وهناك وضعوه في ساحة وطلبوا منه البقاء واقفا، وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف من فجر اليوم نفسه اقتادوه إلى التحقيق الذي استمر حوالي ساعتين وسط تعرضه للضرب والصراخ من قبل المحقق، وفق إفادته.
وأضاف الطفل: "بعد انتهاء التحقيق معي تم إعادة تكبيل يداي بواسطة مربط بلاستيكي واحد للخلف وتعصيب عيناي، ووضعني الجنود داخل مركبة وقالوا سنأخذك إلى مستوطنة أرئيل (مقامة على أراضي محافظة سلفيت)، وهناك وضعوني في ساحة، وقام أحدهم برشي بالمياه حتى ابتلت ملابسي، بعدها قام بالبصق علي، وفي حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا فكوا العصبة عن عيناي وقال لي أحدهم إنه سيتم نقلي إلى سجن مجدو، وخلال الطريق تعرضت للضرب والاعتداء والشتم، وكان الجنود يصورون فيديو لي بواسطة هواتفهم المحمولة خلال اعتدائهم عليّ. كنت أبكي".
بعد وصول الطفل مجد إلى سجن "مجدو" الساعة التاسعة والنصف صباحا وضعه الجنود في ساحة لمدة ساعة تقريبا، ومن ثم نقلوه إلى سجن "عوفر" (مقام على أراضي بيتونيا غرب رام الله) وهناك أخبروه أنه لا مُتسعا له، فأعادوه إلى مستوطنة "أرئيل" ووضعوه في ساحة وسط أجواء حارة بعد إعادة تعصيب عينيه، لمدة ساعتين تقريبا.
"كنت أشعر بالدوار والإرهاق جراء حرماني من الطعام والماء أو استخدام المرحاض طيلة فترة احتجازي، وبعد مرور ساعتين تم سحبي إلى داخل مركبة، وبعد حوالي 10 دقائق من السير توقفت المركبة، وفك أحد الجنود المربط البلاستيكي عن يداي والعصبة عن عيناي، ودفعني خارج المركبة، نظرت من حولي فأدركت أنني أتواجد عند مفترق قرية حارس القريب من مستوطنة "أرئيل"، قال الطفل مجد.
وتابع: "لم أقو على الحركة أو الوقوف وبقيت على الأرض إلى أن توقفت مركبة فلسطينية بجانبي، ونقلني سائقها إلى بلدتي عزون بعدما أخبرته بما حصل معي، وهناك تم نقلي إلى مستشفى عزون الحكومي حيث تلقيت العلاج والإسعافات الأولية، قبل أن أعود للمنزل".
وخلال فترة تمتد ما بين الأول من كانون الثاني/ يناير 2016 والحادي والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر 2023، وثقت الحركة العالمية الدفاع عن الأطفال 838 حالة تعذيب لأطفال فلسطينيين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وحذرت "الحركة العالمية" من أن استمرار سياسة الإفلات من العقاب وعدم المساءلة التي يتمتع بها جنود الاحتلال، وعلمهم المسبق أنهم لن يحاسبوا على أفعالهم مهما كانت، يشجعهم على المضي في انتهاكاتهم وتصعيدها، الأمر الذي يشكل خطرا على حياة المدنيين الفلسطينيين، خاصة الأطفال.
إن الحظر الشامل والمطلق ضد التعذيب المكرس في القانون الدولي يعني أنه لا يجوز إخضاع أي طفل أو بالغ للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.