مكالمة مدتها 45 دقيقة
تفاصيل اتصال هاتفي بين بايدن ونتنياهو بعد قطيعة استمرت شهر
أجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين، محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي، جو بايدن، تواصلت نحو 45 دقيقة، بعد قطيعة دامت أكثر من شهر، في ظل الخلاف المتزايد بينهما حول إدارة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والذي أثار تساؤلات حول الدعم الأميركي لإسرائيل على وقع الانتقادات العلنية المتصاعدة بين الجانبين.
وقال البيت الأبيض، في بيان، إن "الرئيس بايدن تحدث مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للبحث في آخر التطورات في اسرائيل وغزة بما يشمل الوضع في رفح وجهود زيادة المساعدة الإنسانية الى غزة"؛ في المقابل، قال نتنياهو إنه ناقش مع بايدن "آخر التطورات في الحرب" على قطاع غزة.
وأشار نتنياهو إلى أن المحادثات شملت "التزام إسرائيل بتحقيق جميع أهداف الحرب: القضاء على حماس، والإفراج عن جميع الرهائن، وضمان أن غزة لن تشكل بعد الآن تهديدا لإسرائيل، خلال توفير المساعدات الإنسانية اللازمة التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف".
وهذه المكالمة هي الأولى بين الجانبين منذ 15 شباط/ فبراير الماضي، وتأتي وسط توتر شديد بين إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة بسبب طريقة تعامل نتنياهو مع الحرب على غزة المتواصلة منذ 164 يوما وأسفرت عن عشرات الآلاف من الشهداء والمفقودين، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وسبق المكاملة، هجوم شنه نتنياهو على الإدارة الأميركية في رد جديد على الانتقادات التي وجهتها إدارة بايدن لطريقة تعامل نتنياهو مع الحرب على غزة، والتي تصاعدت إلى حد إطلاق زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، دعوة علنية إلى إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل، وتصريح بايدن بأن نتنياهو "يضر إسرائيل أكثر مما ينفعها".
وفي خطاب ألقاه أمام أعضاء إدارة مؤتمر اللوبي الأميركي المؤيد لإسرائيل (إيباك) في مكتبه في القدس، اليوم الإثنين، قال نتنياهو: "هناك توافق شعبي (في إسرائيل) على أننا بحاجة لتحقيق النصر كما عبرت عنه أمام الرئيس الأميركي. إنه في متناول اليد وسنفعل ذلك، لقد أخبرت الرئيس والأشخاص الذين تحدثت معهم بهذا الأمر".
وتابع نتنياهو "إنهم (المسؤولون الأميركيون) يقولون باستمرار إن السياسة المحلية تعيقنا، قد يكونون على حق، ولكن (السياسة المحلية) على أي جانب من المحيط؟"، في تلميح إلى أن الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في حربها على قطاع غزة قد يتراجع في ظل الاعتبارات السياسية للرئيس الأميركي الذي يخوض معركة لإعادة انتخابه رئيسا لولاية ثانية.
وقال نتنياهو لأعضاء إدارة اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن إن "الصورة التي تعكسها واشنطن في الأيام والأسابيع الأخيرة تختلف تماما عن الواقع. اركب أي سيارة أجرة أو مركز تسوق، وامش في الشارع وتحدث إلى الناس، ستخبرك الغالبية العظمى أنها تدعم الأهداف التي حددتها الحكومة" للحرب على غزة.
وتابع "يصورون الوضع على أن رئيس الحكومة منفصل عن الواقع مع بعض المجموعات الهامشية المتطرفة وهم الذين يمليون السياسة - هذا غير صحيح. أود أن أقول أن ذلك كذب متعمد. إنهم يعلمون أن هذا غير صحيح، وأن هذه الكذبة منتشرة وهي خاطئة. الشعب متحد ومتفق على ضرورة تحقيق النصر كما أعبر عنه".
وخلال اجتماع حكومته الأسبوعي أمس، الأحد، قال نتنياهو إنه "في المجتمع الدولي هناك من يحاول وقف الحرب الآن، وقبل تحقيق جميع أهدافها. وهم يفعلون ذلك بواسطة توجيه اتهامات كاذبة ضد الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية وضد رئيس الحكومة الإسرائيلية".
وبدا أن نتنياهو يوجه أقواله إلى إدارة بايدن، الذي لم يتحفظ من دعوة السيناتور شومر، لإجراء انتخابات في إسرائيل والإطاحة بنتنياهو. وأضاف نتنياهو أنها "تفعل ذلك بواسطة مجهود لإجراء انتخابات الآن، في ذروة الحرب. وهم يفعلون ذلك لأنهم يعلمون أنه بإجراء انتخابات الآن سيوقفون الحرب، ويعطلون الدولة لستة أشهر على الأقل".
وتابع نتنياهو أنه "فليكن واضحا: إذا أوقفنا الحرب الآن، قبل تحقيق جميع غاياتها، فهذا يعني أن إسرائيل خسرت بالحرب، ولن نسمح بهذا. ولذلك لن نستسلم لهذه الضغوط".
وأضاف أن "هذه الحقيقة البسيطة إنما تعزز إصرارنا وحسب على الاستمرار في صد الضغوط ومواصلة القتال حتى النهاية، حتى الانتصار المطلق. ولن توقفنا أي ضغوط دولية عن تحقيق جميع أهداف الحرب، وهي القضاء على حماس، تحرير جميع مخطوفينا وضمان أل تشكل غزة بعد الآن تهديدا ضد إسرائيل".
وهدد نتنياهو أنه "من أجل أن ننفذ ذلك، سنعمل في رفح. وهذه الطريقة الوحيدة للقضاء على بقايا كتائب حماس، وهذه الطريقة الوحيدة لممارسة الضغط العسكري المطلوب من أجل تحرير مخطوفينا. ومن أجل ذلك، صادقنا على الخطط العسكرية لعملية في رفح، وبضمنها دفع خطوات لإخلاء السكان المدنيين من مناطق القتال. وهذه مرحلة ضرورية نحو العملية العسكرية".
ووجه خبراء إسرائيليون انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، في أعقاب هجومه "المتحامل" ضد الرئيس الأميركي وإدارته خلال اجتماع الحكومة، أمس، وشددوا على أن نتنياهو يلحق بهجومه "ضررا إستراتيجيا" بإسرائيل، إلى جانب أنه "ناكر للجميل".
ووصف الرئيس السابق للدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الأمن والجنرال المتقاعد، عاموس غلعاد، في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الإثنين، هجوم نتنياهو ضد بايدن بأنه "تحامل غير مسبوق"، وأنه "تعبير متطرف عن إنكار للجميل وفشل إستراتيجي من الدرجة الأولى".
وأشار غلعاد إلى أن الولايات المتحدة هي "الحليف الحقيقي" الوحيد لإسرائيل، وأن بايدن هو الرئيس "الأكثر ودا لإسرائيلي" في التاريخ. وأضاف أنه "لا يوجد منطق إستراتيجي بالتحامل ضد بايدن وضد السيناتور تشاك شومر"، وأن دافع نتنياهو هو "سياسة داخلية بمستوى متدني حلّت مكان إستراتيجية ضرورية لأمن الدولة ومستقبلها".