بيان صادر عن مركز "شمس"
في الوقت الذي تقوم به ألمانيا بإجلاء إحدى حدائق الحيوانات بسبب الفيضانات، يقوم الغرب بدعم العدوان لإغراق الأطفال الفلسطينيين في حمام من الدماء
قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" إن ما يتعرض له الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة من جرائم ومجازر وتهجير قسري هو وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي يدعي انه يمثل القيم الحضارية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ففي الوقت الذي تقوم به ألمانيا بإجلاء الحيوانات من إحدى حدائق الحيوانات بسبب الفيضانات ، يستمر هذا العالم بالصمت تارة وبدعم جرائم الاحتلال تارة أخرى في قطاع غزة ضد المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في ظل أجواء الشتاء الباردة وعدم توفر أدنى مقومات الحياة الأساسية، وقال المركز أن تناوله لهذا الموضوع ليس من باب المقارنة أو المقاربة بين الحالتين بأي حال من الأحول ، فالأطفال الفلسطينيين هم من الأطهار وهم من أصحاب العفة والرفعة ، وهم متساويين بالكرامة وبالحقوق مع كافة أطفال العالم ، بل هو من باب إبراز وإظهار مدى الازدواجية في المعايير وتسليط الضوء على العنصرية المتفشية في بعض الدول والمجتمعات ، حيث أن تلك الدول الاستعمارية غادرت الاستعمار من حيث الجغرافيا ، إلا أنها لم تغادره من حيث الفكر والممارسة والمنهج ، وأن التاريخ يعيد نفسه في كيفية تعامل بعض الدول مع الشعوب الأخرى بمعاملة دونية وضيعه بأنها أقل (قيمة) حتى من الحيوانات.
كما وعبر مركز "شمس" عن اندهاشه الشديد لهذه الرأفة والحنان والأخلاق التي تتحلى بها أدارة حديقة الحيوان الترفيهية "حديقة سيرينجيتي" بمنطقة هودينهاجن، شمالي هانوفر ، _تجاه الحيوانات ، وهذا يجب ما يكون ، باعتبارها أروحاً يجب الحفاظ عليها وحمايتها _، وذلك من خلال قيامها بإجلاء أكثر من (200) قرد، وعدد من حيوان الليمور والسرقاط وكلاب البراري، بشكل أولي من تلك الحديقة ، بسبب الأمطار الغزيرة ومياه الفيضانات التي دخلت بعض بيوت الحيوانات في الحديقة. حيث تم نقل الحيوانات المتضررة إلى مكان آخر أكثر أمناً. فقد أوضحت الحديقة (أنه بعد أيام من هطول الأمطار، في وقت سابق ، غمرت المياه أجزاء كبيرة من أراضي الحديقة، والتي يتعذر الوصول إلى أجزاء منها في بعض الحالات، إلا من خلال المركبات المخصصة للمرور في الطرق الوعرة. حيث بات الوضع حرجاً هناك، الأمر الذي دفع بإدارة الحديقة لاستخدام مولدات الطوارئ لتدفئة الإسطبلات وتحضير مياه الشرب. كما قام العاملون في الحديقة وخدمات الطوارئ من فرقة الإطفاء ومنظمة الحماية المدنية الألمانية "تي إتش دبليو"، بإقامة حواجز لتأمين إسطبلات الحيوانات).
كما وتساءل مركز "شمس" عن ردة الفعل من قبل حكومات بعض الدول الأوروبية وهي تقرأ مثل هذا الخبر ، في الوقت الذي تزهق به أرواح آلاف الأطفال الفلسطينيين بفعل آلة الحرب الإسرائيلية ،وتدمير منازلهم فوق رؤوسهم ، وتشريد ونزوح أكثر من (900) ألف طفل وطفلة في العراء ، وحصارهم ومنع الأكل والشرب عنهم لا سيما الحليب، وترهيبهم ، وقتل ذويهم ، وجرحهم ، وعدم حصولهم على الفحوصات والطعوم اللازمة ، وتدمير مدارسهم ، وحرمانهم من مواصلة تعليمهم ، هذا إلى جانب انتشار الأمراض المعدية والأوبئة الفتاكة ، يضاف لذلك الاضطرابات والآثار النفسية التي يعيشها الأطفال ، وانعكاساتها على حياتهم اليومية ، الأمر الذي سينعكس على نفسية الأطفال لسنوات طويلة ، ربما تلاحقهم هذه المشاهد والأعراض طيلة حياتهم ، هذا إلى جانب وقوفهم في الطوابير لساعات طويلة من أجل الحصول على شربة ماء أو رغيف خبزٍ . كل هذا وذاك لم يحرك ساكناً أو وجداناً، أو ضميراً ولو كان مستتراً لوقف هذه المذابح والمشاهد المروعة التي يقترفها الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين ، فإذا كان البعض ما زال يتأثر برواية كان قد قرأها في طفولته أو شبابه ، أو لفلم سينمائي ، أو لمسلسلٍ تلفزيوني يتناول اضطهاد عدد من الأطفال والنساء كتبه كاتب فذ ، وأخرجه مخرج متقن للحبكة الدرامية على أصولها ، وقام ببطولته ممثل موهوب . فما بالكم إن كان ذلك بالحقيقة ،فهناك مئات آلاف من الأطفال والنساء ما بين شهيدٍ وجريحٍ ونازحٍ ومشرد ومفقود .
وشدد مركز "شمس" بأن تلك الدول الاستعمارية التي قامت على أنقاض الشعوب الأصلية في دولها من خلال عمليات الإبادة الجماعية ونهب الثروات والخيرات لتلك الشعوب وبنت حضاراتها ودولها على أنقاض جمام ودماء الشعوب الأصلية صاحبة الأرض والموارد والحضارة والتاريخ في تلك البلاد، إن تاريخ هذه الدول ما زال حافلاً بازدراء الآخرين ، وحتى وقت قريب كانت (وما زالت) بعض الدول تعامل الشعوب الأصلية معاملة (الحيوانات) ، وقد جسدت ذلك من خلال إنشاء أنظمة الفصل العنصري المقننة بأنظمة وقوانين نافذة في تلك الدول والفصل بين مواطنيها على أساس عرقي حتى وصل الأمر الفصل بينهم في المقابر بتخصيص مقابر للبيض ومقابر للسود، فليس غريباً عليها أن تساند الاحتلال وجرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة مما يكشف عن مدى الكذب والافتراء بالادعاءات الباطلة بتبنيها لقيم الحرية والديمقراطية والمساواة والكرامة وحقوق الإنسان.
كما وأكد مركز "شمس" على أن الدعم والتأييد الذي تقدمة الدول الاستعمارية للاحتلال في جرائمه وممارساته اللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني وخاصة ضد المدنيين من الأطفال والنساء يستند إلى مواقف عنصرية وأيضاً يستند إلى نظرية التفوق العرقي وسيادة العرق الأبيض على باقي الأعراق والمجتمعات تلك النظرية الدونية التي ابتدعتها الدول الاستعمارية لاحتلال شعوب العالم ونهب خيراتها وثرواتها تحت أكذوبة رسالة التمدن والحضارة التي تؤديها تلك الدول في نقل شعوب العالم المتخلفة والفقيرة من براثن الجهل والفقر إلى مراكز السمو والرفعة والتمدن والحضارة.
كما وأدان مركز "شمس" الصمت الدولي حيال ما يجري في قطاع غزة من مجاز ومذابح أدت إلى نزوح وتهجير قسري للمواطنين هناك في ظل ظروف مناخية صعبة وشديدة البرودة إذ تفتقر الأماكن التي نزح إليها المدنيين إلى أدنى مقومات الحياة في ظل انعدام المياه الصالحة للشرب وعدم توفر الكهرباء ووسائل التدفئة وعدم وجود الملابس الشتوية والأغطية والفراش المناسب للنوم إذ ينام غالبية النازحين من الأطفال على الأرض داخل الخيام التي لا تقيهم من برد الشتاء والأمطار الغزيرة التي تسببت في جرف المزيد من الخيام في ظروف غير صالحة للحياة البشرية وفي ظل الاستمرار عدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية من قبل الاحتلال الإسرائيلي رغم أن صدور قرار من مجلس الأمن الدولي رقم(2720) والذي أكد على ضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
كما وشدد مركز "شمس" على أن الظروف الإنسانية الصعبة التي يعاني منها الأطفال في قطاع غزة والناتجة عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وصلت مرحلة لا يمكن تخيلها ولم تحصل في العصر الحديث إطلاقاً ، بل أنها تشابه ما كان يحصل في العصور الوسطى عصور الانحطاط والظلام، إذ وصلت الحالة الصعبة للأطفال الفلسطينيين بدرجة قصوى من الجوع والألم والمعاناة في عدم القدرة على الحصول على وجبة طعام خلال أسبوع كامل ، وتتم عملية الولادة للنساء الحوامل داخل الخيام في ظل عدم توفر الطواقم الطبية أو المستلزمات اللازمة لذلك، وفقدان التطعيمات واللقاحات للأطفال مما قد يؤدي إلى الموت المؤكد للأطفال حديثي الولادة، وهذا يذكرنا بولادة النساء في الإسطبلات في العصور الوسطى في ظل القهر والتنكيل التي كانت تتعرض له النساء من طبقة الفقراء والمظلومين في زمن سيادة نظام الإقطاعيين والنبلاء واستعبادهم للفلاحين والفقراء من عامة الشعب في تلك الفترة.