خاص| توقف شامل للعمليات الجراحية في غزة بسبب نفاد المستلزمات الطبية
أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في قطاع غزة، التوقف الكامل عن إجراء جميع العمليات الجراحية المجدولة والطارئة، نتيجة العجز الحاد في المستلزمات الطبية الأساسية، وعلى رأسها أدوية التخدير، والمحاليل الطبية، ومواد التعقيم، والأدوات الجراحية الضرورية.
وقال المستشفى في بيان له، إن هذا التوقف يأتي في ظل استمرار إغلاق المعابر، ومنع سلطات الاحتلال إدخال الأدوية والمعدات الطبية، وتقليص عدد الشاحنات الطبية الواردة إلى القطاع لما دون 30% من الاحتياج الشهري، وفق ما أفادت به وزارة الصحة في غزة.
ورغم انتهاء الحرب بموجب الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، إلا أن الاحتلال – بحسب البيان – يواصل التنصل من التزاماته المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، خاصة فيما يتعلق بإدخال الكميات المتفق عليها من شاحنات الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، قال المدير الطبي لمستشفى الكويت التخصصي الميداني، الدكتور جمال الهمص، إن المستشفى حذر مرارًا خلال الفترة الماضية من خطورة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، مؤكدًا أن الكميات التي وصلت إلى المؤسسات الصحية في قطاع غزة كانت “قليلة جدًا ولا تفي بالحد الأدنى من الاحتياج”.
وأضاف الهمص: “بدأنا تدريجيًا بتقليص بعض الخدمات، وكانت البداية بوقف خدمات الغيار على الجروح، رغم وجود أعداد كبيرة من المصابين الذين يحتاجون إلى غيارات يومية أو شبه يومية، بسبب نفاد المستلزمات اللازمة لذلك”.
وأوضح أن المستشفى حذر لاحقًا من النقص الحاد في أدوية وغازات التخدير، والأدوية الطارئة اللازمة لعمل أطباء التخدير في مراحل التخدير المختلفة، مشيرًا إلى أنه تم أولًا وقف العمليات المجدولة، قبل أن يُضطر الطاقم الطبي إلى وقف العمليات الطارئة أيضًا.
وأكد الهمص أن المستشفى وصل اليوم إلى “توقف شامل وكامل لجميع العمليات الجراحية في كافة التخصصات”، موضحًا أن القرار جاء بعد محاولات متكررة لترشيد الاستهلاك والعمل بالحد الأدنى الممكن، إلا أن الكميات القليلة التي كانت تصل في السابق انقطعت بشكل شبه كامل.
وأشار إلى أن بعض المرضى كانوا يُخضعون لإجراءات طبية بكميات تخدير أقل من المطلوب، في ظل العجز القائم، مؤكدًا أن المرضى كانوا يدركون حجم الأزمة ويتحملونها بصبر، إلا أن استمرار العمل بهذا الشكل بات مستحيلًا.
وحذر الهمص من أن تداعيات الأزمة لا تقتصر على العمليات الجراحية فقط، بل تمتد إلى المرضى المصابين بالأمراض المزمنة، مثل السكري، وضغط الدم، وأمراض القلب، والأمراض العصبية، موضحًا أن المستشفى بات يضطر إلى صرف أدوية تكفي لأسبوع واحد فقط، ثم يطلب من المريض عدم العودة إلا بعد شهر.
وقال: “هذا ليس علاجًا، إعطاء المريض جزءًا من العلاج ثم منعه من الاستمرار يعني الحكم عليه بمضاعفات خطيرة قد تصل إلى حد الوفاة”.
وفيما يتعلق بالخدمات الطبية المتبقية، أوضح الهمص أن المستشفى يضم نحو 20 تخصصًا طبيًا، ويعمل فيه 39 طبيبًا اختصاصيًا، إلا أن الخدمات باتت تقتصر على التشخيص السريري المحدود فقط، بسبب غياب التحاليل المخبرية الأساسية.
وأضاف: “حتى تحليل CBC، وهو تحليل دم أساسي متوفر في أي مستشفى بالعالم، أصبح غير متاح بسبب عدم توفر المحاليل اللازمة لتشغيل الأجهزة، وأصبحنا نكتفي فقط بفحص الهيموغلوبين، وهذا أيضًا ليس طبًا”.
وأشار إلى عدم توفر فحوصات أساسية مثل فحوصات التهاب الكبد، والتي تُعد ضرورية قبل إجراء العديد من العمليات، مؤكدًا أن المستشفى يعمل حاليًا في ظروف “تصنع الممكن من المستحيل”.
وختم الهمص حديثه بالإشارة إلى أن قسم الطوارئ لا يزال يستقبل الحالات الحرجة جدًا، إلا أن الطواقم الطبية باتت تطلب من مرافقي المرضى إحضار مستلزمات أساسية مثل الخيوط الجراحية والشاش والإبر من خارج المستشفى، لإجراء خياطة الجروح والعلاجات الأولية.

