ندوة حول صمود المؤسسات الثقافية في الأزمات
نظمت وزارة الثقافة، عبر تقنية زووم، ندوة تفاكرية حول " صمود المؤسسات الثقافية الفلسطينية في ظل جائحة كورونا ومشروع الضم وشروط التمويل الدولي" بالتعاون مع اليونسكو ومملكة السويد، حيث يأتي هذا النشاط ضمن مشروع بناء قدرات قطاع الثقافة لإعداد تقرير فلسطين الدولي حول "اتفاقية حماية وتعزيز أشكال تنوع التعبير الثقافي" 2005.
وشارك في الندوة كل من: محمد عياد الوكيل المساعد للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة الفلسطينية، و مارينا برهم مديرة مسرح الحارة، و شرف دار زيد منسق البرامج في مركز الفن الشعبي، ولينا غانم صاحبة مبادرة ومديرة مهرجان الرسوم المتحركة حرّك فلسطين"، حيث أدارها المدير التنفيذي لسرية رام الله الأولى خالد عليان.
وناقشت الندوة الآثار التي يواجهها القطاع الثقافي نتيجة جائحة كورونا ومخططات الضم الإسرائيلية وشروط التمويل الدولي الجديدة، وكيفية تعافي المؤسسات الثقافية ما بعد أزمة كورونا، وتطرق النقاش كذلك لدور الثقافة والفنون بالتأثير لمقاومة خطة الضم الإسرائيلية وشروط الدعم الدولي، والحديث عن مستقبل الثقافة والفنون ما بعد الجائحة، والسياسات الحكومية اللازمة لتعافي القطاع من الأزمات.
وتحدث عليان في مداخلته عن أزمة القطاع الثقافي الفلسطيني ما قبل كورونا وتفاقمها مع انتشار الوباء مشيراً إلى جملة التحديات التي يواجهها القطاع الثقافي، من انتهاكات الاحتلال وتراجع التمويل، والتنسيق والتشبيك بين المؤسسة الثقافية الرسمية والأهلية، والإستثمار بالفنانين المستقلين، بالإضافة إلى البنية التحتية في مجال البيئة الرقمية، والأبحاث والدراسات.
وأكد عليان أنه وبالرغم من هذه التحديات الصعبة والكثيرة، إلا أنه وخلال وباء كورونا توحدت الجهود، وتم تنظيم العديد من البرامج والفعاليات والتي كان أهمها ما قامت به وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية والفنانين المستقلين بمبادرات نوعية وتنظيم العديد من البرامج والأنشطة منها ما تم بثه عبر وسائل رقمية خاصة وسائل التواصل الإجتماعي، ومنها العروض الحية التي راعت البروتوكول الصحي، بالإضافة إلى البرامج التدريبية والتعليمية، عدا عن الاهتمام العالي بدعم المؤسسات الثقافية والأفراد، من خلال منحة وزارة الثقافة، ومنحة الصندوق الثقافي الفلسطيني، بالإضافة إلى الاهتمام المتزايد بالتنسيق والتشبيك بين المؤسسة الرسمية والأهلية، وبين المؤسسات المحلية والصناديق العربية والفلسطينية والمؤسسات الدولية.
وقال محمد عيّاد في مداخلته إن هذه الندوة تأتي ضمن جهود وزارة الثقافة في إعداد تقرير فلسطين الدولي حول "اتفاقية حماية وتعزيز أشكال تنوع التعبير الثقافي"، وتهدف إلى فتح نقاش على مستوى المؤسسات والأفراد في القطاع الثقافي، مشيراً إلى أهمية أن يخرج اللقاء بتحديدٍ أدق للقطاع الثقافي والخطة القطاعية للأعوام المقبلة والذي سيجعل خطة قطاع الثقافة أكثر استجابة لاحتياجات القاعدة لأنها بنيت بنمط تشاركي وعلى منهج علمي.
وأكد عيّاد أن هناك فرق بين الثقافة كمرتكزٍ أساسي والإنتاج الثقافي ومنتجي الثقافة، فالانتاج الثقافي والعاملين عليه في المؤسسات الثقافية التي ترعى الثقافة سيتأثرون كما كل قطاعات المجتمع في أي جائحة وهو ما حصل خلال جائحة كورونا، فالثقافة هي وعي جمعي، وهي صمام الأمان للتصدي للجوائح.
وأضاف عياد أن الثقافة ليست كالاقتصاد والسياسة يمكن أن تنهار، لأنها نتاج فكر وفعل جمعي، فهي ركيزة أساسية ترتكز عليها كل الأشياء الأخرى، فالثقافة هي العنصر الأساسي لتشكيل مناعة المجتمع، وهي التي تخلق الحالة الدائمة بحيث لا تنهار الثقافات، حيث أن جعل الثقافة حالة اجتماعية يؤسس لأن تكون المجتمعات مصانة، محصنة، منيعه، لأن الثقافة هي المناعة والمانع ضد أي شي ممكن أن يتعرض له المجتمع في فلسطين.
وقال شرف دار زيد في مداخلته إن أزمة كورونا ومخطط الضم وشروط التمويل كلها أمور مستجدة جديدة زادت من حجم الضغط الموجود أصلاً على القطاع الثقافي، الذي يعاني أصلاً من معيقات وتحديات كثيرة منها السياسية والاجتماعية والمالية، فالاحتلال الإسرائيلي لا يسعى فقط لاحتلال الأرض ومصادرتها وسلب مواردها، بل إنه يفعل ما بوسعه لاحتلال عقولنا وسلبنا من هويتنا وموروثنا وتكبيل الثقافة الفلسطينية. فالمثقفون والفنانون يتعرضون دوماً لمضايقات منها حظر ومعيقات السفر، والاعتقالات، والاحتجاز دون محاكمة والعديد من المضايقات.
وتطرق في مداخلته إلى أزمة جائحة كورونا وما أحدثته من شبه شلل للقطاع الثقافي، ولم يعد بالإمكان تنظيم عروض وأمسيات فنية ولا تدريبات وإنتاجات بشكلها الطبيعي، وكان للكورونا تأثير كبير على الحياة الاقتصادية مما ثبت موقع الفن والثقافة في آخر سلم الأولويات على أساس انها كماليات للحياة وليست مهمة الآن، وأشار في مداخلته إلى كيفية تجاوز كافة المحن والعقبات من قبل المؤسسات الثقافية من خلال العمل على تشكيل نقابة للفنانين/ات تحمي حقوقهم وتعمل على توفير أساسيات الحياة الكريمة كصندوق تقاعد أو تأمين صحي، والاهتمام بالفنانين المستقلين وتوفير فرص عمل للإنتاج، وتخصيص موازنة أكبر للقطاع الثقافي، وتصويب عمل المؤسسات الثقافية في المناطق المعرضة للمصادرة والمهمشة وغيرها الكثير.
أما لينا غانم أشارت في مداخلتها إلى أن القطاع الثقافي تلقى ضربة قاسية تضاف الى كل العوائق التي تحد من نشاطه في هذا العام، بسبب أزمة جائحة كورونا، ما أدى إلى إغلاق جميع المؤسسات الثقافية وعدم السماح باستضافة الفعاليات التي تحتوي على تجمعات بشرية كبيرة مثل إغلاق دور العرض السينمائي والمسارح والمتاحف أمام الجمهور، لأشهر عديدة توقفت الأنشطة الثقافية المعتمدة على اللقاءات الوجاهية مثل المهرجانات، والمسرحيات والحفلات الموسيقية والعروض السينمائية مما أثر سلباً على برامج المؤسسات التي تم ألغاء بعضها وتأجيل الآخر، ما أدى الى نقص الموارد المالية بشكل كبير يهدد استمرارية المؤسسات، وتضرر الفنانين والعاملين في هذه المؤسسات، والفنانين العاملين بشكل مستقل وفقدانهم للدخل.
وأضافت غانم أنه في مبادرة حرك فلسطين، المنظمة لمهرجان الرسوم المتحركة اضطررنا إلى تأجيل الإعلان عن ورشات عمل كان من المقرر إقامتها في الفترة مابين شهر نيسان وتموز وتأجيلها إلى وقت لاحق وإلغاء تنظيم عروض أفلام أنيميشن في ذات الفترة، بالرغم من ذلك ما زلنا نخطط لتنظيم فعالية ليوم واحد بمناسبة اليوم العالمي للأنيميشن في نهاية شهر تشرين أول من العام الحالي، كما أشارت في حديثها إلى التخوفات من تنفيذ المخطط الاسرائيلي للاستيلاء على مناطق من الضفة الغربية في الأغوار ومناطق (ج) ، فهذا يهدد إمكانية تنظيم فعاليات وعروض أفلام في بعض المناطق، وحرمانهم من التمتع بحقهم بحضور فعاليات سينمائية.
وقالت مارينا برهم في مداخلتها إنه وبسبب أزمة كورونا حاولت جميع مؤسسات الفنون الأدائية إعادة برمجة مشاريعها وأنشطتها بالاعتماد على الوسائل الرقمية والاونلاين للوصول إلى الجمهور من عروض وتدريبات وسرد حكايات من فنانين عاملين في مؤسسات أو فنانين مستقلين. ولعبت الثقافة والفنون دوراً هاماً في بقاء الأسر الفلسطينية في بيوتها خلال الأشهر الثلاث الأولى من الحجر، وقدمت جميع هذه الأنشطة والفعاليات مجاناً للجمهور، كما قام العديد من الفنانين باستخدام بعض قنوات التلفزة الفلسطينية المحلية والفضائية للوصول إلى شرائح مجتمعية ليس لديها وصول للإنترنت وأدواته.
وتطرقت برهم إلى دور شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية والمؤسسات الثقافية في التغيير بالسياسات الثقافية والفنية على المستوى الوطني من خلال حملات الحشد والمناصرة والشراكات المختلفة سواء كانت مع الجهات الرسمية أو مؤسسات تعنى بالثقافة مثل اليونسكو وغيرها، ومتابعة الشبكة وباهتمام كبير مع وزارة الثقافة الفلسطينية والجهات المعنية الأخرى مواضيع حقوق الملكية وضريبة الدخل التي تفرض على الفنانين/ات وتخصيص نسبة من عوائد الضرائب لدعم القطاع الفني الثقافي في ظل شُح الإمكانيات والموارد لدى المؤسسات الفنية الثقافية.