اكتشاف 12 قمرا جديدا حول المشتري بينهم قمر "غريب"
بيّنت دراسة نشرت الثلاثاء، في معهد "كارينغي" للعلوم اكتشاف أقمار جديدة تدور حول كوكب المشتري، عددها 12 قمرا، بينها قمر واحد "غريب"، وبذلك يصبح عدد الأقمار التي تدور حول المشتري المكتشفة 79 قمرا، ما يزيد عن أي كوكب آخر في مجموعتنا الشمسية.
اكتشفت هذه الأقمار من قبل طاقم باحثين، بقيادة سكوت شيبرد من عهد "كارينغي" للمرة الأولى في الربيع الماضي، أثناء دراسة أجسام بعيدة في المجموعة الشمسية بحثا عن وجود محتمل لكوكب سيار بعيد عن كوكب بلوتو.
وقال شيبرد في بيان صدر عن المعهد إن "كوكب المشتري كان بالصدفة في الفضاء القريب للمناطق التي كان يتركز البحث فيها عن أجسام بعيدة، وكان بالإمكان النظر إلى الأقمار الجديدة حول كوكب المشتري أثناء البحث عن كواكب سيارة على أطراف المجموعة الشمسية".
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن شيبرد قوله إن سرعة المشتري في السماء معروفة، ولذلك فكل ما يتحرك قربه بسرعة مماثلة، ولم يكن معروفا من قبل، بات مرشحا ليكون قمرا. وتطلب الأمر فحص كل الأقمار المحتملة بعد شهر، ثم بعد سنة، وذلك للتأكد من أنها حقا تحيط بالمشتري.
وبحسبه، فإن الفضاء حول المشتري الذي يمكن أن تكون الأقمار فيه كبير جدا مقارنة بقدرة الرصد للتلسكوبات الموجودة، ما يتطلب وقتا أكثر لدراسته، ولذلك لم يستبعد أن تكون هناك أقمار أخرى بقطر يتراوح ما بين كيلومتر واحد وحتى 5 كيلومترات لم يتم اكتشافها بعد.
وتبين أن تسعة من بين الأقمار الجديدة هي جزء من مجموعة أقمار بعيدة نسبيا عن الكوكب، وتتحرك بعكس دوران المشتري. وتنقسم هذه المجموعة إلى ثلاث مجموعات مميزة، على الأقل. ويعتقد الباحثون أن الحديث عن بقايا أجسام كبيرة تفككت نتيجة التصادم مع نيازك أو مذنبات أو أقمار أخرى.
وتحتاج الأقمار الجديدة المكتشفة من هذا النوع إلى سنتين للدوران حول المشتري. وتبين أن قمرين آخرين من الأقمار المكتشفة هما جزء من مجموعة داخلية للأقمار التي تدور باتجاه دوران المشتري، وبمسارات متشابهة. ويعتقد الباحثون أنهما جزء من قمر أكبر قد تفكك. وتبين أنهما بحاجة إلى أقل من سنة للدوران حول الكوكب.
أما القمر الأخير الذي تم اكتشافه، بحسب البروفيسور شيبرد، فهو "غريب، ويدور في مسار مختلف عن باقي الأقمار، ويبدو أنه القمر الأصغر من بين أقمار المشتري، وقطره يقل عن كيلومتر".
وتبين أن القمر "الغريب" يدور حول المشتري في مسار بعيد جدا عن مجموعة الأقمار الداخلية، ويحتاج إلى سنة ونصف كي يدور دورة كاملة. وهذا المسار يضعه في مسارات مجموعة الأقمار البعيدة، وبالنتيجة، فإن احتمال تصادمه مع الأقمار الأخرى كبير جدا.
ويقول شيبرد "هذا وضع غير مستقر، فالتصادم المباشر يمكن أن يفكك ويفتت أجساما". ويضيف أن طاقم الباحثين يعتقد أنه من الممكن أن يكون هذا القمر ما تبقى من قمر أكبر أدت التصادمات معه إلى نشوء جزء من مجموعات الأقمار التي تتحرك ضد حركة دوران المشتري.
ويقول رئيس مركز علوم الكواكب في معهد "وايزمن"، البروفيسور عوديد أهرونسون، إن أهمية الدراسة الحالية ليست في العدد الدقيق لأقمار المشتري، وإنما لكونها تلقي الضوء على موضوعين يقعان في صلب البحث الحالي للمجموعة الشمسية. الأول هو تأثير التصادمات بين الأجسام داخل مجال الجاذبية للكواكب على تشكل المجموعة الشمسية كما نعرفها اليوم. ويشير أهرونسون في هذا السياق إلى دراسة سابقة، نشرت قبل عدة شهور، تناولت مسألة مشابهة، وتقترح إمكانية أن يكون قمرنا نشأ نتيجة تصادم قمرين سابقين. وبحسبه فإن تحليل الأجسام التي اكتشفت في الدراسة الجديدة تشير إلى حقيقة أن الأقمار الصغيرة (قمير) تتصادم أحيانا، وقد تتفكك أو تتوحد؛
أما الموضوع الثاني الذي يتبين من البحث حول الأقمار الجديدة للمشتري، وخاصة القمر الغريب، فهو حقيقة أن المجموعة الشمسية متحركة. والمسار "الخطير" الذي يتحرك فيه القمر بشكل غير عادي يؤكد على أنه من غير الممكن أن يكون جزءا من منظومة المشتري في المراحل السابقة للمجموعة الشمسية، وذلك لأنه من غير الممكن أن يظل موجودا حتى اليوم.
ويضيف أن الاكتشاف الجديد يظهر أن المنظومة متحركة، وأنها ليست منظومة تجمدت في مكانها قبل 4.5 مليار سنة، وإنما يتواصل وقوع الأحداث، والأقمار تنشأ وتتصادم. ويشير، في هذا السياق، إلى أنه من الممكن حساب موعد التصادم التالي، وما إذا كان ذلك سيحصل في الوقت القريب. ولكن الحساب الأهم، بالنسبة له، هو حساب معدل عدد كبير من المنظومات المماثلة لكوكب المشتري، وحساب معدل حياة كل الأقمار، للاطلاع على صورة أدق لتاريخ المشتري وأقماره.
ويقول شيبرد إن "هذه الكواكب هي بقايا أجسام تتكون منها الكواكب السيارة. وغالبية الأجسام الصغيرة التي ساهمت في بناء الكواكب السيارة ابتلعت فيها، وهذه الأقمار هي ما تبقى منها، ولذلك فإن دراستها تساعد في فهم ممّ تكونت الكواكب".