أعدامات "حماس" ولمّا تلتئم جراح غزة بعد!

الكاتب: بكر أبوبكر
بنفس عقلية العصابات الاجرامية تمامًا انتفضت مليشيات فصيل "حماس" على الغزيين اعتقالًا وإطلاق نار على الأرجل وحرقًا للبيوت! وإعدامات عنيفة، مرعبة ومقززة تعيد الى الذهن ما فعله الفصيل عندما افتك قطاع غزة من السلطة الوطنية الفلسطينية تحت مسمى "الحسم العسكري" كما أطلق عليه بنفسه! بمجازر الدم عام 2007 وكأن "حماس" رغم مغامرتها المدمرة وعزلتها بالعالم كله، ورغم غيابها عن الاهتمام بالناس وعدم قدرتها على الاعتراف بالفشل أو نقد الذات عادت بصلف عجيب لترتكب ذات الجرائم بحق الشعب الفلسطيني تحت إدعاء اللصوصية أو مخالفة نهج حماس! او العمالة مع الإسرائيلي، فقامت بأعنف أسلوب أنكره الغزيون، رغم موافقة البعض على ضبط الامن ولكن ليس هكذا؟!
يقول شاهد عيان لصحيفة اندبندنت عربية 13/10/2025م عن اعدامات حماس المرعبة وفظائعها بحق الناس: "هذه المرة لم يكن الناس يفرون من هجمات إسرائيلية، إنهم يركضون من أبناء جلدتهم، الأطفال يصرخون ويموتون إنهم يحرقون منازلهم". ويذكر التقرير أنه "سقط قتلى من طرفي القتال الداخلي وارتقى مواطنون أبرياء كانوا يحاولون العودة لمنازلهم من نزوح قاسٍ ومُر"!؟
نقل عن بعض العائلات الفلسطينية بغزة موافقتها لضبط الأمن نعم، ولكن ليس بمثل هذا العنف القاتل والمُسرف بالقتل ضمن عقلية "الدواعش" فيهم الذين قتلوا ونكلوا ب (700 شهيد) وألقوا أبناء حركة فتح من البنايات العالية في انقلاب14/6/2007م أو ما فعلوه من تدمير المسجد على من فيه في رفح عندما قتلوا الشيخ والداعية عبداللطيف موسى عام 2009 مع 19 آخرين، ما يعني بوضوح أن مقتلة العامين والكارثة العظمى التي حلت بالقطاع والنكبة الثانية والدمار غير المسبوق عالميًا والإبادة التي طالت ما لايقل عن ربع مليون فلسطيني بين شهيد وجريح لم تؤثر في فكر وتعبئة فصيل حماس الثأري الانتقامي فمارست -منذ اليوم الاول بعد وقف العدوان الصهيوني- القتل والاعتقال والتعذيب والتهديد والمطالبات بالتوبة وغيرها من المفاهيم الداعشية التي لا تلقي بالًا لا للقانون ولا للقضاء ولا لحقوق الانسان.
تجرأت "حماس" على شعبها طوال حكمها فحكمته بالحديد والنار وأدخلت القطاع بأكثر من 6 مواجهات غير مثمرة وظالمة، وكان آخرها مقتلة وإبادة العامين (2023-2025م) وكأن كل مغامراتها التي غلفتها بمنطق المقاومة المفتقرة لأبسط وعي في التخطيط أو التنفيذ او كيفية توجيه القوة ضد العدو المتخم بالقوة الفاحشة، قدرعلى العقلاء والجهلاء معًا.
سارت "حماس" طوال العامين متنقلة بين الصلف والكذب على الذات في مسلسل تنازل من تحرير فلسطين وتحرير الأقصى الى المطالبة فقط بخروج المحتل الصهيوني من قطاع غزة وبتناقص متواصل بمساحة السيطرة المحددة وبما يعني ما لا يقل عن 100 شهيد يوميًا لا حول لهم ولا قوة، والفصيل المتحكم بعقلية الفاسد الذي لا يخطيء ولا يعتذر ولا ينتقد ذاته تتحكم وتقرن النصر ببقائها هي فقط!؟ حتى لو دمر كل البلد ومات الشعب (التكتيكي) كلّه حتى يتفاجأ الفلسطينيون في غزة بمصيبتين الأولى احراق الإسرائيلي الفاشي للكثير من مقدرات غزة قبل خروجهم من جزء يسير من مساحة القطاع الصغير، وبفتنة "حماس" وإحراقها لبيوت من اتهموا بالسرقة او العمالة...الخ وقتلهم وبذات عقلية الانتقام والثأر الداعشي.
يقول التقرير"حركت "حماس" قوة أمنية من 300 مقاتل لاقتحام كتلة سكنية يتحصن فيها مسلحون تابعون للعصابات، وهناك تبادلوا إطلاق النار، بحسب شاهد العيان (شطبت أسمه رغم ذكره بالتقرير)، فإن مشاهد ذعر وهلع كانت في الحي السكني مع فرار عشرات العائلات من منازلها تحت وابل من النيران"!
ويقول رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر في غزة حسني المغني: "نرفض الاقتتال الداخلي وعلى العائلات الالتزام بالقانون وعلى أمن "حماس" عدم التعامل بهذه الطريقة العنيفة، و تقول الباحثة الاجتماعية رانية الريس "تزرع "حماس" الفتنة داخل الغزيين، صحيح أن العائلات تبرأت من أبنائها مرتكبي الجرائم، لكن أقاربهم قد يثورون ضدها ويقاتلونها بالسلاح"!
على فرضية أن المقصودين بالقتل من الشعب الفلسطيني في غزة لصوص أو مخالفين لنهج حماس اوحتى عملاء للصهيوني فإن الطريقة غير الانسانية والقاسية والعنيفة والداعشية التي مارست فيها مليشيات حماس القتل في غزة لا يقبلها عاقل، لا مسلم ولا غيره. ولو حدث عُشر معشارها من أحد في الأجهزة الامنية الفلسطينية الشرعية لقامت الدنيا ولم تقعد، بينما يُباح لفصيل حماس من الفضائيات العميلة للإسرائيلي والامريكي والرعاة أجمعين أن تقتل حتى بموافقة امريكية، وكأن الشعب الفلسطيني مجبور أن يناضل ويواجه العدوان الصهيوني، وأن يخوض معركته ضد عقلية الفساد والقتل والثأر واحتكار الصواب سواء من العدو الظاهر، أو من ذاك الاخ الخارجي (من الخوارج).
إن الفيصل بين الناس في السلم والحرب هو القانون. يجب رفض وإدانة عقلية الثأر أو الصلف واثبات الغطرسة واستبدالها بالاحتضان و إظهار المحبة للناس وتلبية احتياجاتهم بجعل ظهر الفصيل كلّه مَدَاسًا آمنًا من أجل راحة الناس الذين شقوا لسبب العدوان الأعظم تاريخيًا والمغامرة معًا، ويجب على حماس في هذه الفترة أو "المهلة الترامبية" التي مُنحت لهم، أن تبتعد عن عقلية الحقد والانتقام والفتنة، وألا تمارس القتل قط، وعليها أن تعيد تعريف نفسها ليس كفصيل أو تنظيم منزّه أوظالم ومنفصل عن الشعب إنما كتنظيم مهمته الأولى الاعتراف بالخطيئة ونقد نفسه نقدًا مرًا، وتسليم نفسه للشعب والعمل فقط على خدمته تكفيرًا عما تسببت به من آلام قد لا تندمل لعقود.
إن أمام فصيل "حماس" عمل كثير لتعريف أنفسهم وإعادة النظر في تربيتهم الداخلية العنيفة والدموية والإقصائية ضد المجتمع. وعليهم إخراج كل كوامن الشر النابض في عروق تعبئتهم الداخلية بالتوقف عن تصنيف الناس (معي او ضدي!؟) واحترامهم أجمعين كمواطنين والفيصل فيهم هو الشرعية والقانون، ومؤسسات الدولة، وحينها لربما يدخل الفصيل في مساحة جديدة وفكر نضالي جديد واندماج في النسيج الوطني قد يكون مقبولًا. المشكلة لديهم بداخلهم فليحلوها أولًا ليخرجوا بصورة مختلفة لعل وعسى أن يهديهم الله.