الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:11 AM
الظهر 12:29 PM
العصر 3:54 PM
المغرب 6:32 PM
العشاء 7:47 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الإرادة في مواجهة البتر: أطفال وشباب يصنعون أطرافًا بديلة وسط الحرب

الكاتب: ملاك ابو عوده

الحرب لا تقتصر على تدمير المنازل، لكنها تترك أثرًا دائمًا على أجساد الأطفال والشباب. فقدان الأطراف يفرض تحديات يومية ويعيد تعريف الحركة والاعتماد على الذات. في هذا الواقع الصعب، يظهر جانب آخر للمعاناة: أطفال وشباب لم ينتظروا المساعدة، وحوّلوا الفقد إلى مساحة للإبداع، وصنعوا أطرافًا بديلة بأيديهم لاستعادة استقلاليتهم وكرامتهم.

-راتب أبو قليق: طفولة مبتكرة

في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، يرقد الطفل راتب أبو قليق ،ابن الثانية عشرة، الذي فقد ساقه اليمنى أثناء لعبه في الشارع نتيجة القصف. بدلاً من الاكتفاء بالصدمة، بدأ راتب بصناعة طرف بديل بنفسه، محاولة لإعادة الحركة واستعادة استقلاليته.

يقول الطفل راتب:
"كنت ألعب مثل باقي الأطفال ، وفجأة لم أشعر بساقي. بكيت كثيرًا، لكنني صنعت طرفًا بيدي لأتمكن من العودة إلى حياتي الطبيعية  وألعب كرة القدم من جديد. أريد أن أعيش مثل باقي الأطفال. 

الطرف الذي صنعه راتب ليس مجرد أداة للحركة، هو إرادة تعكس التحكم في حياته ورغبة تحويل الفقد إلى تجربة تعلم وإبداع.

-ابراهيم عبد النبي:إرادة تصنع الحياة .

الشاب  الثلاثيني  إبراهيم عبد النبي ، فقد ساقه  في احدى نقاط  المساعدات وهو يجاهد  بالحصول على كسرة خبز يسد بها جوع أطفاله ، بعد أسابيع من العلاج، بدأ بصنع طرف بديل يمكنه من الحركة.

يقول إبراهيم 
"الألم لم ينته، لكنه جعلني أبحث عن حلول. الطرف الذي صنعته يساعدني على التحرك والتدريب على العودة للعمل. كل خطوة أخطوها تؤكد لي أن الحرب لن تهزمني وإنني سأحارب من جديد بطرفي البلاستيكي من اجل لقمة أولادي .

ما قام به محمد يوضح أن الأطراف ليست أدوات للحركة فقط، هي تعبير عن إرادة الإنسان في مواجهة الفقد واستعادة الاستقلالية.

-أرقام تكشف حجم المأساة

تشير أحدث الإحصائيات إلى أن معاناة المصابين ببتر الأطراف في غزة ليست حالات فردية بل واقع واسع النطاق:

منذ أكتوبر 2023، أصيب أكثر من 125,000 شخص بجروح، بينهم آلاف فقدوا أحد أطرافهم.
 وفقًا للجنة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يعاني أكثر من 21,000 طفل في غزة من إصابات دائمة.
بين هؤلاء، تشير تقديرات إلى أن 3,000 إلى 4,000 طفل فقدوا أحد أطرافهم نتيجة النزاع.
الحاجة الحالية تتجاوز 6,000 طرف صناعي لتغطية  الأعداد المتزايدة، وسط ضعف شديد في الإمكانيات الطبية والتأهيلية.

- إعادة التأهيل المتكامل طريق لاستعادة الحياة : رأي اخصائي التأهيل . 

يقول أخصائي أطراف صناعية وإعادة تأهيل في غزة "محمد يحيى " 
"الأطفال الذين يفقدون أطرافهم نتيجة الحروب ليسوا بحاجة فقط إلى أطراف صناعية،  هم بحاجة إلى برامج تأهيلية شاملة تشمل العلاج الطبيعي والدعم النفسي والاجتماعي. الأطراف المصنوعة يدويًا قد تكون حلاً مؤقتًا، لكنها لا تعوض الوظائف الحيوية للأطراف الأصلية."

ويضيف:
"نحن بحاجة ماسة إلى دعم دولي لتوفير أطراف صناعية متطورة وبرامج تأهيلية متكاملة، لضمان إعادة دمج هؤلاء الأطفال والشباب في المجتمع بشكل فعال وآمن."

-التحديات الواقعية

رغم الإرادة، يواجه الأطفال والشباب تحديات حقيقية:
الأطراف المصنوعة ذاتيًا بدائية وقد تضر بالصحة على المدى الطويل ،الدعم الطبي والتقني محدود، ما يجعل الابتكار الفردي الخيار الوحيد وغياب برامج التأهيل والتعليم يزيد من صعوبة العودة للمدارس والعمل.

هذه التحديات تؤكد أن الإرادة وحدها لا تكفي، فهي تحتاج إلى دعم مؤسسي ومجتمعي يحوّل التجربة الفردية إلى حلول مستدامة وآمنة.

-الصمود في مواجهة الواقع

قصص الأطفال والشباب تمنح فهمًا أعمق للصمود الإنساني. الحرب تكشف القسوة، لكنها تكشف أيضًا قدرة الإنسان على إعادة تعريف ذاته. الأطراف التي يصنعونها ليست مجرد أدوات، هي إعلان حياة ورسالة واضحة بأن الكرامة لا تُقاس بما تبقى من الجسد، بل بما يفعله الإنسان بما تبقى له.


الحرب تترك آثارها على الجسد والروح، لكنها تكشف أن الإرادة الفردية وحدها لا تكفي لمواجهة الفقد، بل تحتاج إلى أدوات ودعم ومؤسسات. شهادات مثل راتب أبو قليق ومحمد عبد النبي توضح أن القدرة على الصمود تعتمد على إرادة الإنسان، لكنها تحتاج أيضًا إلى مجتمع يوفر الفرص والدعم.

الأطراف البديلة ليست رمزًا للفوز على الألم، بل انعكاس لضرورة مواجهة الواقع بشجاعة وإعادة بناء الحياة ضمن حدود ممكنة. كل محاولة لإعادة الحركة أو التعلم أو اللعب تذكّر بأن الأطفال والشباب الذين فقدوا أطرافهم ليسوا أرقامًا في إحصاءات الحرب، هم بشر لهم الحق في العيش والعمل والتعلم بكرامة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...