الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:11 AM
الظهر 12:29 PM
العصر 3:54 PM
المغرب 6:32 PM
العشاء 7:47 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الفيتو… تناقض العدالة الدولية

الكاتب: بسام زكارنة


يكثر الحديث في المحافل الدولية عن مبادئ القانون والعدالة والمساواة بين الأمم غير أنّ واقع مجلس الأمن يفضح مفارقة صارخة فحقّ النقض أو “الفيتو” الذي تحتكره خمس دول دائمة العضوية يمنح دولة واحدة قدرةً مطلقة على إسقاط قرار يحظى بتأييد معظم أعضاء المجلس حتى وإن كان القرار يهدف إلى حماية المدنيين أو وقف جرائم حرب موثقة.

عند إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 جرى إقرار هذا الامتياز بوصفه ضمانةً لتفادي صدام مباشر بين القوى العظمى ومنع اندلاع حرب عالمية جديدة لكن ما اعتُبر آنذاك آليةً للاستقرار تحوّل في عالم اليوم إلى أداة لتعطيل العدالة ومنح امتياز استثنائي لقلةٍ قليلة على حساب الأغلبية الساحقة من دول العالم.

لقد أثبتت الوقائع أنّ غياب الضوابط الأخلاقية والقانونية على استخدام الفيتو يقوّض الثقة في النظام الدولي برمّته فكيف يمكن الحديث عن مساواة بين الدول بينما تملك واحدة منها وحدها حق إجهاض إرادة المجتمع الدولي؟ إنّ تقييد استخدام الفيتو ليقتصر على الحالات التي لا تتجاوز قوانين مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل.

والأمثلة الصارخة ماثلة أمامنا فقد استخدمت الولايات المتحدة هذا الحق عشرات المرات لمنع صدور قرارات تُدين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أو تدعو إلى وقف فوري لقتل المدنيين بمن فيهم الأطفال أو تحاسب إسرائيل على سياساتها العنصرية وانتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي بهذا الاستخدام المتكرر تحوّل الفيتو إلى غطاء سياسي يرسّخ الاحتلال و يحمي مرتكبي الابادة الجماعية و يعزز العنصرية ويُطيل أمد المعاناة.

لم تعد هذه القضية مجرد موقف أخلاقي أو جدل نظري فقد ارتفعت الأصوات الرسمية في أنحاء العالم مطالِبةً بإصلاح جذري لمجلس الأمن فمصر على سبيل المثال شدّدت على أن استمرار الفيتو بلا قيود ومن دون تمثيل حقيقي للدول العربية والأفريقية والإسلامية أمر لم يعد مقبولًا في زمن يتطلع إلى عدالة شاملة ومن أقصى شمال أوروبا جاءت دعوة فنلندا واضحة تطالب بإلغاء حق النقض الفردي وتوسيع عضوية المجلس ليعكس تنوّع العالم الجغرافي والسكاني من أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا وآسيا أما تركيا فعبّر رئيسها عن استياء متزايد من عجز المجلس أمام الأزمات الإنسانية الكبرى مؤكداً أن إصلاح بنية هذه المنظومة لم يعد خياراً بل ضرورة حتمية.

إنّ إصلاح هذا الخلل أصبح واجباً لا ترفاً والمقترحات المطروحة واضحة: حظر استخدام الفيتو في أي قضية تخالف أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وتقييده كذلك في حالات الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ويُفرض على أي دولة تلجأ إلى النقض تقديم تبرير علني وقانوني قابل للمراجعة على أن يُتَّخذ بحقها إجراء حاسم—من تعليق عضويتها أو سحب حقها الدائم في المجلس—إذا ثبت إساءة استخدامها لهذا الامتياز أو عرقلتها المتكررة لقرارات إنسانية ملحّة كما يجب توسيع عضوية المجلس لتواكب توازن القوى في عالم اليوم مع ضمان مشاركة حقيقية للدول الصغيرة والمتضرّرة غير أن الطريق ما زال طويلاً إذ يتطلّب أي تعديل موافقة الدول الخمس الدائمة نفسها وهو ما يجعل الضغط الدولي والشعبي أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

ومع ذلك فإن الإصرار الدولي المتنامي على إنهاء هذا الاستثناء التاريخي يشكّل الخطوة الأولى نحو نظام عالمي أكثر عدلاً وإنصافاً فإذا توحّد صوت الشعوب والدول المطالِبة بالحق سيتحوّل الفيتو من أداة للعرقلة إلى وسيلة لحماية القانون ومن رمز للهيمنة إلى دليل على عودة الثقة في العدالة الدولية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...