الاتحاد من اجل السلام أداة العالم لحماية غزة

الكاتب: عدنان الصباح
القرار الأممي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان " الاتحاد من اجل السلام " ويحمل الرقم 377 لسنة 1950 صدر بسبب طلب أمريكي جاء للرد على استخدام الاتحاد السوفيتي لحق النقض الفيتو لصالح كوريا الشمالية وضد كوريا الجنوبية مما دفع الولايات المتحدة للتحايل على الفيتو السوفيتي آنذاك باللجوء إلى الأمم المتحدة واصد قرار الاتحاد من اجل السلام وهو القرار الذي اتاح لها ولعصابتها لمحاربة كوريا الشمالية الى جانب كوريا الجنوبية في حرب الكوريتين وما دفعها لذلك هو الفيتو السوفيتي لصالح كوريا الشمالي وللقفز على الفيتو السوفييتي لجأت الولايات المتحدة إلى خطوتها تلك.
هذا القرار الذي خدم أمريكا وحدها ولم تخدم احد سواها بل ولم يحاول احد ان يتذكر هذا القرار حتى في كل المراحل خصوصا وان هذا القرار يخدم المعتدى عليهم والحال هنا جلي جدا سواء كان في الصمت الدولي المطلق عن جرائم الولايات المتحدة في فيتنام وأفغانستان والعراق وضد إيران وضد سوريا وضد لبنان وغيرها وغيرها وخصوصا الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد دول وشعوب المنطقة والتي ذهبت ابعد بكثير من المتصور او المتخيل لتصل إلى قصف الدوحة رغم وضع قطر في العلاقة مع الولايات المتحدة وحتى في الوساطة وكذا التهديدات التي طالت بشكل مباشر أو غير مباشر لمصر والأردن والسعودية وغيرهم وهو ما يعني أن غزة بوابة لضرب الآخرين ليس في المنطقة فقط بل وابعد من ذلك كثيرا.
حماية غزة إذن لم تعد تخص القضية الفلسطينية وحدها ولا مقتلة غزة فقط بل دفاعا عن الحرية وحقوق الإنسان وحق الشعوب بالحرية والاستقلال بقرارها وثرواتها وسياساتها بما يخدم شعوبها وقد تطور الأداء العالمي أكثر وأكثر فإلى جانب ثبات قوى محور المقاومة ومواصلة اليمن تصعيد إسنادها الذي تطور حد المشاركة وصناعة التأثير في الفعل المقاوم وانضمام تركيا واسبانيا للعقوبات وصولا الى الموقف الكولومبي المتقدم حد الدعوة الى جيش تحرير والمطالبة بمحاكمة ترامب نفسه وتطور أسطول الصمود وتقدم دول مثل ايطاليا واسبانيا بالعمل المساند حد الحماية والتأييد وتصاعد الأداء العالمي حد الاشتعال والإضراب العام كما هو الحال في ايطاليا.
كل ما تقدم يجعل التساؤل الأكبر لماذا لم يحاول احد اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والمطالبة بعقد اجتماع تحت القرار رقم 377 لسنة 1950م والمطالبة بإصدار قرار لتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير الذي أسقطته الولايات المتحدة بالفيتو علما بان كل الظروف الدولية تساعد على مثل هذه الخطوة خصوصا وان الجمعية العامة الآن منعقدة في دورتها العادية الثمانين وهناك حملة تضامن عالية مع غزة وضد جنون المقتلة وتداعياتها على الأرض والمشاركة الأمريكية التامة بها وبأهدافها وأدواتها وحماية الجريمة بكل السبل المعلنة.
إن عدم إقدام أيا من دول العالم على الدعوة لاستخدام القرار الأممي 377 لسنة 1950 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد ان هذا العالم لا زال يقاد بقطب واحد هي الولايات المتحدة وان الانفكاك من ذلك يحتاج للبدء بتشكيل جبهة عالمية واحدة تقوم على نفس القواعد والقوانين والاتفاقيات الأممية التي أسست لما يسمى بالأمم المتحدة وإذا لم يقدم احد على فعل ذلك فسيبقى العالم بأسره يخضع لشريعة البلطجة وللفلسفة الأمريكية القائمة على فكرة " القد المتجلي " وان على العالم أن يقبل أن أمريكا قدرا لا خيارا فهل تصحو البشرية من هذا الخنوع والتبعية ام تضع كل مقدراتها خدمة لقدرها الذي لا راد له ان لم يفعل ذلك أبناء البشرية المؤمنين بان الله لا يمكن ان يمنح أحدا حق السطو على غيره وان هناك قدرا واحدا هو الله وليس أمريكا.
هذا العالم المرتعش من بلطجة الولايات المتحدة منذ فرضت نفسها كقائدة للعالم بعد الحرب العالمية الثانية بالقوة وعبر استخدام القنبلة الذرية ضد المدن اليابانية لا زال يرفع يديه مستسلما إلا إذا سمحت له دولة الجريمة الأولى في التاريخ وهو لذلك ظل لعامين يقدم الدعم والإسناد للقاتل وحين اقتربت الأمور من نهاياتها أتي بلهاية للمقتول لينشغل بها عن أوجاعه تماما كما تفعل الأم الفقيرة التي لا تجد حليبا لابنها فتعطيه لهاية والتي تسمى بالعامية " بز كذاب " فكم من اللهايات تحتاج غزة لتغفو جراحها وهل هذا ممكن.
إذا صح أن ترامب يسعى لجائزة نوبل للسلام فهو لم يبق لديه متسع من وقت وسيجد نفسه ملزما بإعلان وقف الحرب في غزة لأهداف يسعى إليها غير جائزة نوبل وهي:
- إنقاذ قاتله المأجور من أزمته التي اغرق نفسه بها في رمل غزة
- الحصول على أسرى الاحتلال لدى المقاومة
- إفراغ الاعتراف بدولة فلسطين من كل مضمون
- السطو على قطاع غزة
- منح الاحتلال زمنا أطول لترتيب أوراقه في الضفة الغربية
- الحصول على جائزة نوبل للسلام
فهل سيواصل العالم إدارة الظهر للمقتلة ويمنح صاحبها فرصة الحصول على جائزة نوبل للسلام مع علمه انه يستحق حبل المشنقة.
لا زالت غزة تحت النار تتعرض لأبشع مقتلة في التاريخ ومع ذلك لا يمكن لما يجري ان يوصل القاتل إلى النصر بل إن جنونه وحده أمام صمود وثبات الضحية سيصل بالقاتل حد عدم القدرة على مواصلة الفعل وينهار بعد أن يقع فريسة لجنون لا ينتصر فلا احد يمكنه مقاتلة الجميع وتحقيق النصر في آن واحد معا.