ما حدث مع قطر أكبر من فشل عملية عسكرية

رأي مسار
لم يكن العدوان الإسرائيلي على قطر، وعنوانه استهداف القيادة السياسية لحماس، مجرد فشلٍ عاديٍ لمغامرةٍ عسكرية، فهذا أمرٌ قطعت فيه نتائج العملية وانعدام تحقيق الأهداف التي سعت إليها، غير أن الفشل الأكبر يظهر على مستوى تداعيات ما بعد العملية، وحجم الضرر الذي يلحق بعلاقات إسرائيل سواءٌ مع دول عربية قامت بتطبيع علاقاتها معها، أو مع معظم دول العالم التي تقيم علاقات هامة مع دولة قطر وأخواتها من دول الخليج.
تخطط قطر لعقد قمةٍ أو قمم إمّا خليجية أو عربية أو إسلامية، أو كل ذلك، لتنسيق الرد على العدوان، وهذه المرة ينبغي أن لا يكون الموضوع إظهار تضامنٍ عاديٍ مع قطر، بل لابد من جديد نوعي مقنع يؤثر، جدياً على مسار العلاقات القديمة بين العديد من الدول وإسرائيل، فيما سمي بمسار أبراهام الذي رعاه الرئيس ترمب ويعتبر الاستمرار فيه أحد أركان سياسته الشرق أوسطية.
العدوان على قطر وتفاعلاته، والدور الأمريكي الواضح فيه، يفترض حال انعقاد قمة أو عدة قمم أن يكون سبباً كافياً لأن يخاطب الأمريكيين بحجم دورهم في العدوان، وفي هذا الصدد فإن مشاورات قطر مع أشقائها وأصدقائها يفترض أن لا تغفل ذلك.
خسارة إسرائيل واضحة، ليس فقط من خلال الفشل المهني لعمليتها العسكرية الضخمة، بل تجاوزت ذلك إلى تعميق عزلتها الدولية التي اتسعت قبل العدوان ومنطقياً لابد من أن تتضاعف بعده.
ما حدث مع قطر كان أكبر بكثير من عمليةٍ موضعية ضد حركة حماس، بل هو رسالة لأهل الشرق الأوسط كله شعبيين ورسميين بأن إسرائيل تجاوزت التطبيع وإقامة علاقاتٍ عاديةٍ مع الدول، إلى فرض سيطرةٍ بالقوة على من تستطيع في سياق وهمها المستفحل والمتمادي، بالسيطرة على المنطقة والتحكم بمقدراتها.
لقد أيقظ العدوان على قطر جميع شعوب ودول الشرق الأوسط على حقيقة ربما كانت غائمة أمام البعض، حقيقة تقول إمّا الرضوخ لجنون السيطرة الإسرائيلية أو مواجهة هذا الجنون، ويبدو أن الخيار الثاني صار حتمياً.