الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:28 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:23 PM
العشاء 8:45 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المساعدات الانسانية واللاإنسانية

الكاتب: د.أحمد رفيق عوض

رفعت الولايات المتحدة الحصانة عن الأونروا، وبذلك تفتح الطريق واسعاً لـمحاكمتها وادانتها ليصبح الاعتداء على هيئات الأمم المتحدة مسألة عادية، وهو ما ينذر بتصفية هيئات تلك المنظمة الدولية، واحدة واحدة، وصولاً إلى إغلاق أبواب المحكمتين الجنائية والعدل العليا مروراً بمجلس حقوق الإنسان واليونسكو واليونسيف وغيرها، وهي الهيئات التي حاربتها ومنعتها اسرائيل من العمل في قطاع غزة بالذات حتى لا تتمكن تلك الهيئات من المساعدة أو تقديم العون أو على الأقل المراقبة والتوثيق.

اسرائيل، فعلياً ، منعت عن الفلسطينيين التمتع بما تتمتع به باقي الشعوب من هذه الهيئات ، لذا قامت اسرائيل بمنع كل تلك الهيئات الدولية من تقديم خدماتها لإحكام الحصار على الشعب الفلسطيني والتنكيل به بعيداً عن أنظار العالم، ومن ثم احتكار الرواية الكاملة وتقديمها للعالم كيف تريد اسرائيل وكيف ترى,

وعليه، فإن اسرائيل أشاعت بين الناس أن الغذاء يكفي لشهر آخر في قطاع غزة، وأن الإغاثة التي تقدم يتم اما تخزينها من قبل حركة حماس أو سرقتها ومن ثم بيعها بأثمان عالية، وليس هذا فقط، بل إن هناك من يهرب في تلك الاغاثة أسلحة أو أموال أو مواد ثنائية الاستخدام ، وقد استطاعت اسرائيل على مدى سنة ونصف أن تحول مسألة المساعدات الإنسانية إلى قضية عالمية ، وليس مجرد أداة عقابية تمارس بطريقة فيها كثير من انعدام الانسانية، ذلك أن اسرائيل جعلت من تقديم الاغاثة وكميتها وأنواعها وطرق توصيلها أسلوب ابتزاز تفاوضي وسياسي وأمني من الدرجة الأولى ، وجعلت من مسألة إطعام الشعب الفلسطيني مسألة تتدخل فيها قوى عظمى وأخرى اقليمية.

أكثر من ذلك ، حولت اسرائيل هذه الاغاثة إلى مجال مدعى وفيه استعراض مكشوف للمراجعة الاخلاقية والمحاسبة الوجدانية، حيث أن البروباغندا الاسرائيلية أطلقت في الجو أن الكابينيت يناقش كيفية تقديم الاغاثة لأهل غزة – بعد ضغط من ترامب شخصياً- لئلا تكون مجاعة هناك، وكأن لا مجاعة هناك ، ولأسباب معروفة بدأ الحديث الإسرائيلي عن وسائل تقديم هذه الإغاثة ؛ هل هو عن طريق جيش الاحتلال، أم عن طريق شركات أمنية وسيطة؟! الحديث الاسرائيلي العلني بهذه الطريقة ليس لوجه الله كما يقال، بل هو جزء من هذه البروباغندا التي تهدف الى تبييض وجه اسرائيل وإسقاط المساءلة الأخلاقية والقانونية عنها ولتنظيف الوجدان وتخليصه مما علق به من اتهامات بالتجويع للبشر في قطاع غزة، وهو أمر يشبه ذلك "القلق" الذي عبّر عنه بعض الطيارين المقاتلين للعدد الكبير من المدنيين الذين يسقطون في كل طلعة جوية فوق قطاع غزة، هذا "القلق" ليس خوفاً وليس فيضاً أخلاقياً بل هو نفاق ومحاولة تهرب من المحاسبة الدولية أو هو جزء من تلك الصورة الأخلاقية التي تحاول اسرائيل عبثاً تقديمها للعالم دون نجاح على الاطلاق، اذ أن معظم الجهات في العالم تعلم أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية بكل أذرعها تكذب وتفبرك ولم يكن آخر ذلك الرواية الكاذبة المعدلة عدة مرات عن مقتل تسعة مسعفين ، مررواً بمقتل شيرين أبو عاقلة وانتهاء بنفق محور صلاح الدين الذي لم يكن سوى فتحة لتصريف المياه حسب ما ذكره وزير الحرب السابق جالانت.

غزة تجوع على مرأى ومسمع الجميع، وقد استطاعت إسرائيل –لأسباب لا تخفى على أحد- إسكات معظم الجهات والمنصات أو رشوتها أو تهديدها، ولهذا اكتفت تلك الجهات أو المنصات بإدارة الظهر لما يجري في غزة أو الحديث عما يجري دون التلميح بعقاب أو حتى الانتقاد بنبرة عالية، أما عالمنا العربي فقد اكتفى والتهى إما بلوم الضحية او شيطنتها أو ترك لأئمة المساجد الدعاء المنضبط الذي لا يشتم منه الكراهية أو التحريض.

غزة تجوع، ولا تجوع فقط، بل يتم إنكارها ونسيانها اغلقت المعابر واقفلت الفضاءات وغابت الطائرات والجهات والدول وحتى الأفراد، تركت غزة لجوعها وموتها وعذاباتها ، واستطاعت إسرائيل أن تخدر الوعي حولها وان تطبع العين والأذن على مشاهد القتل والتدمير وعملت بكل الطرق التي نعرفها والتي لا نعرفها على اقناع العالم بأن ما تقوم به إنما هو جزء من الدفاع عن النفس ، وأن ما يجري في قطاع غزة لا بد منه من أجل تطبيق تلك المقولة، وفي هذا الصدد ، غرد السفير الأمريكي الجديد المتدين المتحمس عندما طلب منه أن يضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات الانسانية ، قال بكثير من الحماس والطمأنينة أيضاً : اضغطوا على حماس.

يجتمع على غزة اليوم القتل والجوع والتهديد بالطرد والتجريد من الحق في البقاء ، وفوق هذا وتحته أيضاً، النكران والنسيان.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...