الكوارث الإنسانية ومشاهد الموت والصمت الدولي

الكاتب: سري القدوة
الاحتلال يصعد من حربه الهستيرية وجنونه ويمارس سادية القتل والإبادة في مشاهد مروعة لم يشهد لها العالم مثيلا حيث استهداف المدنيين، وحرق الأمهات داخل خيام النزوح، وتحويل أماكن اللجوء إلى ساحات قتل جماعي، ليست حوادث فردية أو عشوائية، بل تشكّل نمطا واضحا من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، تندرج كلها ضمن سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية، وان تلك المشاهد المروعة التي وثقتها الكاميرات ووسائل الإعلام من داخل المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة، وما يجرى من استهداف للعائلات وشطبهم من السجل المدني بالكامل في مدينة غزة حيث يتم انتشال جثث الشهداء غالبيتهم من الأطفال والنساء الابرياء، في مشهد يعكس حجم الإجرام الممنهج الذي ينفذه الاحتلال بغطاء دولي وصمت مخزٍ من المجتمع الدولي .
استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني ومواصلة حرب الإبادة الجماعية في غزة والضفة، ورغم محاولة إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال إنهاء القضية الفلسطينية، والاستيلاء على الأرض وتهجير شعبنا، إلا أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه المقدسة وسيبقى صامدا وثابتا ومرابطا فيها، متصديا للاحتلال واستيطانه ومخططاته، حتى يندحر عن أرضنا، ويتم تجسيد الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتطبيق حق العودة للاجئين على أساس القرار 194 .
العالم اجمع بات مطالبا بالتمسك في إنهاء حرب الإبادة الجماعية ووقف العدوان والإبادة الجماعية، وضمان انسحاب الاحتلال من قطاع غزة وفتح المعابر، وتدفق المساعدات ووقف العدوان والاستيطان في الضفة بما فيها القدس، والرفض المطلق لمحاولات التهجير والضم، وفتح أفق سياسي يستند الى الشرعية الدولية يفضي لإنهاء الاحتلال، ويضمن وحدة الأرض الفلسطينية في الضفة بما فيها القدس وغزة، ووحدة النظام السياسي والإداري والقانوني في دولة فلسطين المحتلة.
تتحمل الحكومة الإسرائيلية القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن أعمال الإبادة الجماعية، واستخدام التجويع كوسيلة حرب ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، والتمادي في ممارسته العدوانية من خلال فرض الحصار، وتكثيف سياسات التهويد في القدس، وتوسيع الأنشطة الاستيطانية بوتيرة غير مسبوقة، فضلاً عن تسليح المستوطنين وتوفير الحماية الكاملة لهم خلال اعتداءاتهم المتكررة على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، والاستفراد والتنكيل بالأسرى البواسل، وتقطيع أوصال الوطن بمئات الحواجز والبوابات، إضافة للتدنيس اليومي للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل .
وفي ظل تلك الجرائم يجب ان يكون التوجه الدولي بضمان تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، توثق الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وتقدم مرتكبيها إلى العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية، وضرورة مساءلة الدول الداعمة للاحتلال، عن شراكتها المباشرة في جرائم الحرب والإبادة الجماعية، ودعم المساعي الحقوقية والإنسانية لمحاكمة قادة الاحتلال ومحاسبتهم على جرائمهم .
وفي المحصلة النهائية لا بد من المجتمع الدولي المضي قدما من اجل وقف الإبادة الجماعية ويبقى الشعب الفلسطيني متمسكا بخيار السلام العادل، القائم على تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، ولا بد من دعم أي جهد إقليمي وأهمية مساهمة دول العالم كافة والمشاركة الفاعلة والانخراط في المؤتمر الدولي المزمع عقده بمقر الأمم المتحدة في السابع عشر من حزيران/ يونيو المقبل، برئاسة مشتركة للمملكة العربية السعودية وفرنسا، من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، بتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .