الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:26 AM
الظهر 11:47 AM
العصر 3:13 PM
المغرب 5:54 PM
العشاء 7:09 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

قمع الحزن على "الشهيد"!؟

الكاتب: بكر أبوبكر

عندنا في فلسطين ولفترةٍ معقولة التفسير من تاريخنا لم يكن للحزن مكانًا في القاموس الثوري، وكان هذا مفهومًا عندما يقبضُ اليأس اللاحق على الحزن المرتبط بالقتل والهجرة والرحيل على نفوس الناس فيصبح البكاء والعويل فرضًا يوميًا والقعود عن العمل والنضال وسيلة للتعبير عن الاحباط الشديد.  
ولربما في بعض الثقافات الجزئية يقمعون الحُزنَ سرًا أًوعلنُا، وكأن القمع فريضة! حين يقال للطفل الذي مات أبوه للتو: أنت رجل؟! في حثّ على قمع الحزن بدعوى أن الحزن والبكاء فقط للنساء! أو للضعفاء!؟ وهم وأن كانت نياتهم طيبة للتحفيز والحث على الصمود والصلابة أو "الرجولية". الا ان قمع العاطفة خاطئ سيما حين يغلّف بأكاذيب ينسبونها للتراث الاسلامي تمامًا كأولئك المتأسلمين الذين يُجَرّمون الضحك والابتسامة باعتبارها مخالفة للسعي النضالي أو كأنها ضد التقوى! 
لاحق لأحد أن يمنعك الحزن على ابنك أو أمك او أختك أو أبيك، أو صديقك...أو الإبادة الجماعية القائمة ضد شعبك، حين يوجهونك للتعبير بالشكل المضاد
أي يجب أن تفرح وتزغرد! 
وتعلن اكتمال اللذة فتقوم بالتهنئة بدلًا من التعزية!؟ 
وإن جنحت وذرفت الدمع أو استشطت غضبًا وعبّرت عن رفض منطقهم الأعوج فأنت هالك وأنت فاسد وأنت كافر؟!
يقدمونك ميتًا لتعلن الفرح! ف"الشهادة/الموت" عند أعرافهم الخالدة فرحٌ في الدنيا والآخرة ما لم يقله لا المولى عز وجل، ولانبي. 
فكما للحزن وقته المقدس، فان للفرح وقته.
لذلك حزِن رسول البشرية صلى الله عليه وسلم على ابنه ابراهيم، ولم يفرح بموته لانه "شهيد"!؟ وقِس على ذلك.
لما مات إبراهيم ابن النبي ﷺ قال النبي عليه السلام: "العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون"
فكرة الفرح ب"الشهادة" عند الفلسطينيين ليست فكرة تراثية اسلامية، وانما بدأت كفكرة تحدي للمحتل وضد الضعف، وفي إغاظة للمستخرب/للمستعمر ومنعه من التمادي بالقول أن ما تفعل لن يفت في عضدنا، وبالمقابل لرفع الروح المعنوية للجماهير، وهي فكرة قد تكون أدّت مفعولها لفترة زمنية ما عندما كان الصراع ذو قوانين وعندما كان الفعل ذو تأثير بالآخر، وتم تناقلها. ولكنها اليوم لم تعد صالحة بعد كسر كل القوانين في ظل الصهيوني الفاشي، ومجزرة العصر، وبعد استقرار الوعي واكتمال الفهم وثبوت المسار.
لك أن تحزن وتعبّر بحزنك المنضبط عن تقوى الله والرضاء بالقدر، دون نسيان المسبّب اي الاحتلال البغيض فهذا يوم الحزن المؤكد، وغدا يوم الثأر المسدّد.
في خضم نكبة فلسطين الجديدة في غزة الشعب الأبي صادفنا عدد من الهمج الرعاع الذين عالجوا حزن المحزونين على أبنائهم أو ذويهم برفض تعبيراتهم بل وأحيانًا شتمهم!؟ وكأنه كُتب عليهم الموت لِزامًا!؟ ووجب عليهم إظهار الفرح؟! بل والتغني بالموت المجاني تحت ادعاء "الشهادة" الموجبة لذلك بفهمهم العقيم السقيم.
كانت مواجهة "الهمج الرعاع" كما وصفهم علي بن أبي طالب (رض) صعبة، فهم المهيّجون المستثارون المنفعلون أبدًا في مهب رياح السياسة الهوجاء لايضيرهم من خالفهم، وهم بالغباء وشبيه الحق يتدثرون.
قد تكون المشكلة بعد تطليق عادة الفرح ب"الميت/الشهيد" هي النسيان أو القعود إذ يجب في خضم الحزن الواجب أن نتعلم ونتعظ ونفهم ولاننسى الواجب وما لنا الا واجب الكفاح بكافة أشكاله في مواجهة مُسبب الحزن حتى النصر. "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله"
في ظل الاجتياحات والعدوان والمذابح لا ينفع الفرح الغريب، أو كظم الحزن وقمعه في ظل الموت قط، خاصة لجماهير عارية اليدين بلا حماية ولاحول لها ولا قوة، ومهما علت مراتب الميت أو "الشهيد" عند الله، ومهما كان حجم تقديره عند الناس. فلكل حال قِيَمه، ولكل عاطفة حق تعبيراتها الانسانية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...