الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:28 AM
الظهر 11:48 AM
العصر 3:12 PM
المغرب 5:53 PM
العشاء 7:08 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

طولكرم والأغوار: صمود في وجه التحديات

الكاتب: رامي مهداوي

الإسبوع الماضي زرت محافظتي طولكرم وأيضاً أريحا والأغوار، لم يكن المشهد أقل من صورة مكثفة لتحديات الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال. طولكرم، المدينة الحدودية التي تعيش على خط التماس مع المستوطنات الإسرائيلية، تواجه يوميًا قيودًا خانقة تفرضها الحواجز العسكرية والجدار الفاصل. أما الأغوار، فتعكس نموذجًا صارخًا لسياسات الضم والتهجير، حيث تُصادر الأراضي ويُحاصر السكان في محاولة لاقتلاعهم من جذورهم.

عند مدخل المدينة، بدا واضحًا حجم التوسع الاستيطاني في محيطها، حيث زادت أعداد المستوطنين خلال السنوات الأخيرة، مما عمَّق الخناق على الفلسطينيين. الحواجز العسكرية التي تفصل المدينة عن محيطها ليست مجرد نقاط تفتيش عابرة، بل أدوات ممنهجة لعرقلة الحركة الاقتصادية والاجتماعية. كان واضحًا من خلال لقاءاتي مع الأهالي كيف تؤثر هذه القيود على حياتهم اليومية؛ طلاب جامعيون يضطرون لعبور عدة حواجز للوصول إلى جامعاتهم، ومزارعون يكافحون للوصول إلى أراضيهم التي تحيطها المستوطنات والأسلاك الشائكة.

في أحد اللقاءات، تحدث أحد التجار عن التأثير السلبي للحواجز على التجارة المحلية، حيث تستغرق الشاحنات المحملة بالبضائع ساعات طويلة لعبور مسافات قصيرة، ما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة. وفي المستشفيات، يروي الأطباء قصصًا عن حالات طبية تتدهور بسبب التأخير عند الحواجز، مما يجعل من الرعاية الصحية تحديًا يوميًا.

أما الأغوار، التي تُعدّ واحدة من أكثر المناطق استهدافًا من قبل الاحتلال بسبب موقعها الاستراتيجي وخصوبتها الزراعية. الطريق إلى هناك كشف عن سلسلة من البؤر الاستيطانية الجديدة التي تُقام على أراضٍ فلسطينية مصادرة، وهو ما يترافق مع عمليات هدم مستمرة لمنازل الفلسطينيين بحجة عدم الترخيص.

التقيت بعدد من المزارعين في المنطقة الذين تحدثوا عن صعوبة الوصول إلى مصادر المياه، حيث يُمنع الفلسطينيون من حفر الآبار أو استخدام الموارد الطبيعية بحرية، بينما تُوفَّر المياه بكثافة للمستوطنات القريبة. في إحدى القرى، شاهدت أثار هدم حديثة لعدة مساكن زراعية، حيث تقف العائلات أمام أنقاض بيوتها في مشهد يعكس أقسى معاني التهجير القسري.
واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا خلال الزيارة كانت لقاءي مع أحد كبار السن الذين رفضوا مغادرة أرضهم رغم الضغوط. قال لي بحزم: "هذه أرضنا، هنا وُلدنا وهنا سنبقى، حتى لو هدموا بيوتنا ألف مرة." كلماته تعكس روح الصمود الفلسطيني التي لا تنكسر رغم القمع والتنكيل.

 وفي لغة الأرقام وبحسب التقرير السنوي لهيئة الجدار والاستيطان، تحتوي الضفة الغربية على: 898  حاجزًا وبوابة تعيق حركة الفلسطينيين،180مستوطنة قائمة،256  بؤرة استيطانية جديدة،770  الف مستوطن، أغلبهم يحملون أسلحة ويتجولون بها علنًا، 94 موقعًا عسكريًا للاحتلال الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربي.

بات من الواضح أن سياسة الاستيطان ليست مجرد توسيع للمستوطنات، بل هي عملية إحلالية تستهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين. إن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصًا في ظل غياب أي تدخل دولي فعّال لكبح هذه السياسات.

لكن رغم كل هذه التحديات، فإن الفلسطينيين في طولكرم والأغوار كما باقي المدن والقرى والمخيمات يواصلون التشبث بأرضهم، مؤمنين بحقهم في البقاء والوجود. من خلال تعزيز الدعم للمزارعين، وتوثيق انتهاكات الاحتلال، والعمل على فضح هذه السياسات في المحافل الدولية، يمكن تعزيز صمود الفلسطينيين في مواجهة المخططات التهويدية.

ما رأيته في طولكرم والأغوار كانت شهادة حيّة على معركة البقاء التي يخوضها الفلسطينيون يوميًا، معركة تتطلب دعمًا وتضامنًا أكبر من الجميع. فالقضية ليست فقط قضية احتلال، بل قضية إنسانية تتعلق بحق شعب في العيش بحرية وكرامة على أرضه.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...