الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:35 AM
الظهر 11:49 AM
العصر 3:11 PM
المغرب 5:49 PM
العشاء 7:04 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الصمود والإعمار و الوهم في ارضاء اسرائيل

الكاتب: جمال زقوت

مراجعة عاجلة لمسار التسوية بين فلسطين واسرائيل تظهر بما لايقبل الجدل، أن جوهر أسباب فشلها يتمثل في الخلل البنيوي لاتفاق أوسلو، والذي تحاشى، تحت ذريعة الغموض البناء، أي إشارة واضحة لإنهاء الاحتلال والاستيطان، أو الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في دولة مستقلة على كامل الأرض المحتلة 1967 وعاصمتها القدس. كما جاءت رسائل الاعتراف المتبادلة لتكرس الاعتراف بالرواية التوراتية في حق اسرائيل في هذه البلاد، حيث نصت رسالة الاعتراف الفلسطينية بحق اسرائيل بالوجود بأمن وسلام، وليس باسرائيل كدولة معترف بها في الأمم المتحدة . ذلك فقط مقابل اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كمثل شرعي للشعب الفلسطيني، وهو بالمناسبة حاجة اسرائيلية لشرعنة ما اعترفت به المنظمة لصالح رواية اسرائيل التوراتية. ذلك،،و بتتبع مسار أوسلو، و امتناع اسرائيل عن تنفيذ التزاماتها، يؤكد أن هدفها الأهم تمثل في احتواء ما ولَّدته الانتفاضة من إنجاز تكريس الهوية والحقوق الوطنية في أوساط واسعة من الرأي العام الاسرائيلي والدولي على حد سواء، ثم المضي بجوهر سياساتها في الاقتلاع والتهجير الذي وصل ذروته في هذه المرحلة التي تجاهر فيها اسرائيل بالتهجير، سيما وهي تفلت من عقاب جريمة الإبادة، وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية 

ومع ذلك، فيمكن تسليط الضوء على أمرين ليسا أقل أهمية؛ أولهما الفشل الفلسطيني في بلورة تخوم الاختلاف والتكامل والمسؤولية المشتركة لكل الفلسطينيين في بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية جوهرها تعزيز قدرة الناس على المشاركة في بناء مستقبلهم، واستكمال مرحلة التحرر الوطني وفق قواعد المرحلة الجديدة. حيث انفردت قيادة المنظمة في المفاوضات دون مرجعية وطنية تشمل المعارضة لتحديد المسار، والمراجعات المطلوبة التي تمنع التصادم في الأدوات، فقد عزلت عملية البناء الديمقراطي عن الأشكال المفيدة من النضال الشعبي،تجنباً للانفراد بالوسائل الضارة في النضال الوطني في حينه، والتي مكنت الاسرائيليين تدريجياً من المضي لاستكمال انقلابهم على كل مسار التسوية، والذي كان مخططاً له في سيناريوهات هيئة الأركان وشعبة تخطيط جيش الاحتلال الاسرائيلي، التي سبقت ما عُرف بانتفاضة الأقصى سبتمبر 2000، حيث شملت محاكاة اعادة احتلال مدن، بما فيها مدينة بيت لحم.

إلّا أنّ الخطر الاستراتيجي الذي أدّى لفشل مسار التسوية، فقد تمثل باحتكار الإدارة الأمريكية لرعايتها، والتي طوال هذه المسيرة اعتبرت أن المرجعية الأساسية للتسوية هي ما تقبله أو ترفضه اسرائيل، الأمر الذي أدى مع الوقت إلى تآكل كل المرجعيات القانونية، بما فيها أوسلو ذاته، ولم يتبقَ منها سوى ما تفرضه اسرائيل من خطوات أحادية تتناقص بصورة جوهرية مع منطق التسوية بضرورة إنهاء الاحتلال، سيما ما يتصل بالاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويد القدس، والتعامل ما يسمى بالمناطق "ج"، وكانّها متنازع عليها و غير فلسطينية محتلة، وصولاً إلى ما بات يعرف بصفقة القرن في ولاية ترامب الأولى، ما يعلن عنه من وعود بالضم والتهجير في هذه الولاية.

وظيفة هذه المراجعة العاجلة هي التوقف أمام خطة الإعمار التي صادقت عليها القمة العربية، والموقفين الفلسطيني والعربي ازاء تجاهل الحاجة الوجودية لتوحيد الصف الفلسطيني وفق استراتيجية عمل وأدوات كفاحية وأطر جامعة لقيادة النضال الوطني بما يعزز شرعية هذا النضال ويقطع الطريق على محاولات تفكيك الشرعية الوطنية . من الواضح أن الموقف الفلسطيني ظل متمسكاً باستراتيجية ارضاء اسرائيل مع علمهم وفق تجربة الصراع الطويل بأنها لن ترضى حتى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وتصفية قضيتهم وحقوقهم المشروعة، والمضي نحو توسيع هيمنتها في المنطقة العربية بمجملها. فالخطة في أحسن الأحوال تفتقر للقاطرة الوطنية الموحدة القادرة على تنفيذها باستنهاض طاقات الكل الفلسطيني، كمرحلة من عملية نضالية لاستكمال التحرر الوطني في سياق لازمة اعادة الإعمار والبناء الديمقراطي، وبما يشمل التوافق مجدداً على أشكال النضال الأكثر تأثيراً وبالقطع هي الأشكال التي يُجمع عليها الكل الفلسطيني، وبما يمكن مرة أخرى من تعزيز قدرة الناس على الصمود والبقاء كونهما أهم أدوات المقاومة لمشروع الاقتلاع والتهجير، وبالمناسبة، من المشجع أن هذه الرؤية بعينها باتت اليوم محل إجماع وطني. أن يتحقق مثل هذا الإجماع متأخراً لما يزيد عن خمسة عشر عاماً خير من ألا يتحقق أبداً. .

تفضيل ارضاء اسرائيل من القيادات العربية والفلسطينية على الحاجة الوجودية لوحدة النضال الوطني على أسس واقعية لا تتنازل عن الحقوق المشروعة كما عرفتها قرارات الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، وبما يعلى شأن أولويات البقاء والقدرة على الصمود كأساس لمقاومة طويلة الأمد، هي الثغرة الأخطر التي ما زالت اسرائيل تنفذ منها لتصفية الشرعية والحقوق، وتكون وفق واشنطن مرجعية الصراع ضمان القوة الاسرائيلية، رغم انهيار نظرية الجيش الذي لا يقهر . كما أن هذه المراجعة لا تستثني الإشارة لقيادة حماس حول حوارها مع مبعوث ترامب بضرورة الحذر من مسار التنازلات المجانية الذي سلكته قيادة منظمة التحرير لحماية شرعيتها، فهذا مسار لا قاع له، والتجربة تقول أن واشنطن حريصة على كولونيالية اسرائيل ليس أقل من قادتها. ولا خيار أمامنا سوى صون الشرعية الوطنية الموحدة والقادرة على صون الحقوق دون مزيد من التنازلات ، ولعل إعلان بكين يشكل عنوان اللحظة الذي يجب أن نُمسك به ونتقدم لتنفيذه، كي لا نؤكل مثلما أكل الثور الأبيض.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...