الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:36 AM
الظهر 11:50 AM
العصر 3:11 PM
المغرب 5:48 PM
العشاء 7:03 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تحليل استراتيجي شامل: غزة وسوريا – ثروات الطاقة والمعادن في معادلة السيطرة الدولية

الكاتب: المستشار أمجد علي الخضر

المعركة ليست فقط على الأرض، بل على ما تحتها

لطالما كان الشرق الأوسط ساحة لصراعات لا تنتهي، حيث تتداخل الأبعاد السياسية مع المصالح الاقتصادية والاستراتيجية. لكن في العقود الأخيرة، بدأ يتكشف بعد جديد للصراع يتمحور حول الثروات الطبيعية المدفونة في باطن الأرض.
في هذا السياق، تبرز غزة وسوريا كنقطتين محوريتين في هذه اللعبة الكبرى، فالأولى تجلس على بحر من الغاز الطبيعي يمكن أن يغير مستقبل الطاقة في المنطقة، والثانية تحتضن معادن استراتيجية كالكوارتز السيليكوني الذي يشكل العمود الفقري للصناعات التكنولوجية.

اليوم، المعركة ليست فقط على من يحكم هذه الأراضي، بل على من يتحكم في ثرواتها، وهذه الثروات هي التي سترسم خريطة النفوذ في العقود القادمة.

أولاً: غزة – كنز الغاز المدفون تحت الحصار

1. حقول الغاز البحرية قبالة سواحل غزة

* تعد غزة واحدة من أغنى المناطق في العالم باحتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة وغير المستغلة.
* حقل غزة مارين 1 و2 هما أبرز الاكتشافات، ويحتويان على ما لا يقل عن 32 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
* تقدر قيمة هذه الاحتياطيات بأكثر من 500 مليار دولار، وهو رقم كافٍ لجعل غزة واحدة من أكثر المناطق ازدهارًا اقتصاديًا في الشرق الأوسط، لو أُتيحت لها الفرصة لاستخدام مواردها.

2. لماذا تمنع إسرائيل استغلال غاز غزة؟

* لا تريد إسرائيل أن تمتلك فلسطين أي مصدر قوة اقتصادية، لأن اقتصادًا فلسطينيًا مستقلًا يعني مقاومة أقوى.
* هناك مخاوف إسرائيلية من أن يؤدي استخراج الغاز إلى تدفق الأموال إلى الفصائل الفلسطينية، مما قد يعزز قدراتها العسكرية.
* تل أبيب تفضل أن تبقى فلسطين معتمدة على المساعدات، بدلًا من أن تكون دولة طاقة صاعدة يمكن أن تتحكم بأسعار الغاز في المنطقة.
* تحاول إسرائيل إما السيطرة على الحقول بالكامل، أو إدخال شركات غربية تابعة لها للسيطرة غير المباشرة على هذه الثروة.

3. المصالح الإقليمية والدولية في غاز غزة

* أوروبا مهتمة بشكل خاص بغاز غزة لأنها تبحث عن مصادر جديدة بعد تقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
* الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في إبقاء السيطرة على الغاز الفلسطيني، لكنها تحاول أيضًا استغلال الموقف لصالح شركاتها الكبرى.
* مصر لها دور رئيسي في تصدير الغاز، وقد تسعى للعب دور الوسيط في أي اتفاقية قادمة حول استخراج غاز غزة.

4. السيناريوهات المحتملة لملف غاز غزة

* السيطرة الإسرائيلية الكاملة: عبر الاتفاق مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة وإدخال شركات إسرائيلية تحت غطاء "مشروع دولي".
* إدخال مصر كوسيط: بحيث يصبح الغاز يُستخرج في إطار اتفاق ثلاثي (مصر-إسرائيل-السلطة الفلسطينية).

تفجير الوضع عسكريًا: إذا شعرت إسرائيل بأن الفلسطينيين يقتربون من فرض سيطرتهم على مواردهم.

ثانيًا: سوريا – الأرض التي تحتوي على مفتاح التكنولوجيا المستقبلية

1. معدن كوارتز السيليكوني – ذهب القرن الواحد والعشرين

كوارتز السيليكوني هو المادة الخام الأساسية لصناعة:

* أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية (التي تعتمد عليها كل الصناعات التكنولوجية الحديثة).
* الخلايا الشمسية التي تشكل مستقبل الطاقة المتجددة.
* المعالجات الإلكترونية التي تتحكم في الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة.
* سوريا تمتلك أحد أنقى مصادر الكوارتز في العالم، حيث تصل نقاوته إلى 99.9%.
* توجد رواسب ضخمة منه في السويداء، درعا، والتنف، وهي مناطق تقع في قلب الصراع الجيوسياسي بين قوى العالم.

2. لماذا تهتم إسرائيل وأمريكا بثروات سوريا المعدنية؟

* تحكم إسرائيل في أشباه الموصلات: الصناعات الإلكترونية والتكنولوجية تعتمد على السيليكون، ومن يملك هذا المعدن، يتحكم في الاقتصاد العالمي.
* موازنة السيطرة الصينية: الصين هي المنتج الأكبر لأشباه الموصلات، وأمريكا تحاول إيجاد بدائل عبر السيطرة على المواد الخام في سوريا.
* إضعاف سوريا اقتصاديًا: إبقاء سوريا ضعيفة وغير قادرة على استغلال مواردها يجعلها دائمًا تحت التهديد والتبعية.

3. كيف تعمل إسرائيل وأمريكا على السيطرة على ثروات سوريا؟

* تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ: بحيث تصبح كل منطقة تحت سيطرة قوى مختلفة (الأكراد شرقًا، المعارضة جنوبًا، النظام وسطًا).
* إدخال الشركات الغربية كواجهة: بدلاً من إعلان السيطرة المباشرة، يتم منح عقود الاستخراج لشركات غربية تديرها إسرائيل من الخلف.
* استخدام الجماعات المسلحة كأدوات: تل أبيب وواشنطن تستغل بعض الفصائل المسلحة لخلق "مناطق آمنة" يمكن نهب الثروات منها دون تدخل الحكومة السورية.

4. السيناريوهات المحتملة لمستقبل المعادن السورية

* استمرار الاحتلال الاقتصادي: بحيث تبقى الموارد تحت سيطرة قوى خارجية بحكم الواقع.
* اتفاقيات دولية تشبه أوسلو: قد يتم طرح اتفاقيات تقاسم للثروة تجعل الحكومة السورية مجبرة على القبول بشروط مجحفة.
* حرب اقتصادية بين القوى الكبرى: قد نشهد صراعًا بين روسيا، الصين، وأمريكا حول من يسيطر على هذه الموارد.
* انتفاضة اقتصادية سورية: إذا تمكن السوريون من تنظيم أنفسهم اقتصاديًا، فقد يتمكنون من استعادة جزء من مواردهم.

ثالثًا: المقارنة بين غزة وسوريا – لماذا هذا التوقيت؟

1. الغاز مقابل السيليكون: غزة تملك طاقة المستقبل وسوريا تملك المواد الخام للإلكترونيات، وكلاهما مطلوب بشدة عالميًا.

2. السيطرة عبر الفوضى: إسرائيل وأمريكا تعملان على إبقاء الأوضاع متوترة بحيث لا يتم استغلال هذه الموارد لصالح العرب.

3. التوقيت السياسي حساس: مع استمرار التوتر في المنطقة، تسعى القوى الكبرى لإحكام قبضتها على هذه الثروات قبل أن تستعيد الدول العربية قوتها.

رابعًا: ماذا يمكن للعرب فعله؟

1.* إطلاق مشاريع وطنية لاستخراج الثروات:*

* يجب على الفلسطينيين العمل مع حلفاء إقليميين لاستثمار الغاز في غزة.
* على سوريا الاستعانة بشركات صينية وروسية لمنع الغرب من الهيمنة على المعادن.

2. خلق تحالف عربي لحماية الموارد:

* يمكن تشكيل صندوق عربي للموارد الطبيعية لحماية الثروات العربية من الاستغلال الأجنبي.

3. تدويل القضية اقتصاديًا:

* يجب تقديم شكاوى للأمم المتحدة حول نهب الموارد في فلسطين وسوريا.

4. استخدام وسائل الإعلام لكشف المخططات:

* كشف كيفية استغلال القوى الغربية والإسرائيلية لهذه الثروات قد يجبرها على التراجع جزئيًا.

5. تعزيز التصنيع المحلي:

* بدلاً من تصدير المواد الخام، يمكن بناء مصانع محلية لمعالجة هذه المعادن والاستفادة منها اقتصاديًا.

الصراع القادم ليس سياسيًا فقط، بل اقتصادي بالدرجة الأولى

ما يحدث اليوم في غزة وسوريا ليس مجرد صراع سياسي أو عسكري، بل حرب اقتصادية على الثروات الطبيعية.
من يسيطر على الغاز الفلسطيني، يملك مفتاح الطاقة في المنطقة.
ومن يسيطر على السيليكون السوري، يتحكم في مستقبل التكنولوجيا.
العرب اليوم أمام لحظة تاريخية، فإما أن يتحركوا لحماية مواردهم، أو أن يبقوا مجرد متفرجين في مسرحية نهب ثرواتهم لصالح القوى الكبرى.

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...