الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:43 AM
الظهر 11:51 AM
العصر 3:09 PM
المغرب 5:44 PM
العشاء 6:59 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الإدارة الأمريكية على يمين الحكومة الإسرائيلية

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

هناك من يدعي أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست نظاما سياسيا بقدر ما هي شركة، شركة عظيمة يديرها تجار يبحثون عن الربح بغض النظر عن القوانين والأخلاق، ويضيف هؤلاء أن الشركة وحتى تضمن الاستمرار والنجاح والإقناع، فهي تمارس لعبة الديموقراطية المحسوبة والنخبوية والمضمونة أيضا، وتسمح بحرية التعبير المؤطرة بخدمة نظام الشركة وصورتها، وهي من أجل ذلك تغرق الجمهور في خيارات قليلة، وتحركهم في هوامش ضيقة، وتعمي عيونهم بالمظاهر والتنافس الكذاب، ويضيف هؤلاء أن هذه الشركة تدير البلاد كما تدير البنك، وتتعامل مع الجمهور والعالم كما يتعامل البنك مع زبائنه. ولهذا، فإن الولايات المتحدة – بهذا الوصف وبهذه الكيفية – يكثر فيها جماعات الضغط وتكتلات المصالح، ولهذا فهي على استعداد لتغيير مواقفها من النقيض إلى النقيض دون أدنى ذريعة أو حتى اعتذار. ولأن هدف الربح لا دين له إلا الربح، فإن الولايات المتحدة تسعى لامتلاك كل مصادر القوة وكل منابع الثروة، وتريد أن تخيف المنافسين أو تقضي عليهم أو تحتويهم أو تستفيد منهم. وأضيف أنا أنه من الصعوبة بمكان البحث عن هوية أمريكية خالصة، فالهوية الأمريكية المدعاة هي تجمع لعرقيات وإثنيات كثيرة تعيش تحت قانون صارم. يعني أن الشركة المشار إليها وحتى تستمر وتقنع فقد خلقت مؤسسات فاعلة لتصهر العرقيات إن استطاعت، ولتضمن الهدوء بالدرجة الأولى. يعني باختصار، الولات المتحدة الأمريكية شركة قوية لها مؤسسات قوية وقانون صارم لتضبط النزعات والهويات والسلوك بالانفصال أو الثورة أو كليهما، وقد يكون أحد أسرار نجاح ترامب للمرة الثانية أنه يحاول إيقاظ صورة باهتة لهوية أمريكية مسيحية أنجليكانية متطرفة لم تجد غير الانعزال والعنف والتطرف وسائل لها لتحديد هذه الهوية.

أقول ذلك على خلفية القرارات والتصريحات التي أطلقها ترامب وإدارته خلال الأسابيع القليلة التي مضت على دخوله للبيت الأبيض، فهو في محاولة

لاستعادة قوة الشركة التي أشرنا إليها، يحاول فرض رسوم جمركية حتى على حلفائه، ويحاول أن يبيع خدماته الأمنية، ويريد استرجاع ما تم إنفاقه في مغامرات وقرارات أمريكية سابقة، وأكثر من ذلك فهو يريد احتلال أراضٍ جديدة غنية بالثروات والمعادن، ويريد مصادرة ما هو للاخرين أيضا، ويريد أن يوقف حروبا لا تهمه ولكنه يريد إشعال حروب أخرى تعنيه تماما، يريد أن يعزل أميركا من خلال تقليص الإنفاق في خطوة هي الأكثر غباءً، فعدم الإنفاق يعني انسحاب أمريكا وتخليها عن قوتها الناعمة وتأثيرها الثقافي بعيد المدى. ولكن كل ذلك في كفة، وما يعنينا كفلسطينيين في كفة أخرى، فمنذ أن دخل البيت الأبيض للمرة الثانية، فقد عمد ترامب وخلال فترة قليلة جدا إلى ما يلي:

- دعا إلى حفل التنصيب الرئاسي كبار وعتاة المستوطنين في الضفة المحتلة.

- كانت أولى قراراته على الإطلاق إبطال القانون الخاص بمعاقبة المستوطنين الذين يمارسون العنف في الضفة.

- سارع إلى تنفيذ كل الطلبات الخاصة لإسرائيل من الأسلحة والذخائر، والتي تفرض شروطا خاصة قانونية للسماح بها.

- المصادقة على قرار إعطاء إسرائيل القنابل الخاصة بتفجير التحصينات الأرضية في إشارة تهديد واضحة إلى إيران.

- إطلاق يد إسرائيل في التعامل مع قطاع غزة سلما أو حربا، وهي للحرب أقرب.

- عدم الإشارة إلى ما يجري في الضفة أو إدانته على الإطلاق.

- إطلاق اسم (يهودا والسامرة) على الضفة الغربية في إشارة إلى دعم ما يجري فيها من حرب سياسية وعسكرية غاشمة.

- إطلاق يد إسرائيل في سياساتها المعلنة ضد سوريا بالاحتلال أو التدخل.

- دعوة الوزير "سموترتش" إلى زيارة الولايات المتحدة في إشارة أمريكية لدعم اليمين المتطرف.

- أخيرا وليس اخرا، التصريحات التي فاقت كل التصورات المتعلقة بطرد سكان غزة أو استئجار القطاع وتحويله إلى منطقة سياحية فاخرة.

وهي تصريحات تلقفتها الحكومة الإسرائيلية وسارعت إلى إنشاء وحدة في الجيش الإسرائيلي لتسهيل الهجرة الطوعية للفلسطينيين، وهو تعبير مخفف للطرد الفعلي.

من الواضح أن الإدارة الأمريكية الجديدة تأتي وهي مسكونة بدعم إسرائيل بكل ما تملك وإعطائها – وخاصة اليمين الديني المتطرف – كل ما يمكن إعطاؤه. مواقف الإدارة الأمريكية الأخيرة بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تهدف إلى تسوية أو سلام مع العالم العربي والإسلامي، بل هي مواقف تنسف كل شيئ، وتريد أن تحقق بالقوة السلام والهدوء والاستقرار والربح والاستثمار، وهو ما لا يمكن أن يتحقق مهما كلف الأمر، ليس لأن أمريكا ليست قادرة، بل لأن شعوب المنطقة لا يتقنون التعامل بمنطق الشركات أيضا، وإذا كانت الإدارة الأمريكية تخضع لجماعات ضغط مالية وعقائدية وتنفذ لها ما تريد، فإن المنطقة العربية والإسلامية – طال الزمن أو قصر – لديهم إجابات بالتأكيد.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...