الخيارات المستحيلة.. كيف تجد الماء في غزّة؟
خاص - راية
سلّط الباحث الفلسطيني سعد الوحيدي، الضوء على أزمة المياه في قطاع غزة، التي تفاقمت بشدة خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من عام.
وأفاد الباحث الوحيدي بأن قطاع غزة يحصل على المياه من ثلاثة مصادر، أولها خط المياه الوارد من شركة الاحتلال "ميكروت" عبر ثلاثة خطوط في الشمال والوسطى وخانيونس.
وكتب الوحيدي مقالا بعنوان (الخيارات المستحيلة.. كيف تجد الماء في غزّة؟)، ركز فيه على الأزمة الممتدة التي ضربت أرجاء القطاع وعكست مفهوم الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال.
وتحدث الباحث الفلسطيني عن أزمة المياه ومقاله لـ"رايــة"، عبر الفيديو المرفق أعلاه.
وقبل الحرب الأخيرة، كانت المياه التي يُزوّد بها الناس من خلال البلديات تأتي عبر ثلاثة مصادر: الأول؛ خطوط المياه الإسرائيلية التابعة لشركة "مكوروت"، والتي كانت تزوّد القطاع بـ53 ألف كوب يوميّاً عبر ثلاثة خطوط نقل رئيسة، ويُشكّل هذا المصدر 74٪ من إجمالي إمدادات المياه لقطاع غزّة2.
والمصدر الثاني هو ثلاث محطات لتحلية مياه البحر تابعة للبلديات؛ السودانية شمال مدينة غزّة، ودير البلح والبصة غرب المحافظة الوسطى، وقد أُسِّست بتمويلٍ عربيٍّ ودوليٍّ، وتُنتج يوميّاً 18 ألف كوب.
أما المصدر الثالث، فهو آبار المياه الجوفيّة التي يُقدَّرُ عددها في القطاع ما بين 282 إلى 397 بئراً، تملكها عدة جهات؛ البلديات، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومصلحة مياه بلديات الساحل. تُقدّر الطاقة الإنتاجية لتلك الآبار بحوالي 272.6 ألف كوب يوميّاً. هذا عدا عن الآبار الشخصيّة التي يحفرها البعض في ساحات منازلهم للتغلب على شحّ المياه.
وفي ظلّ هذه الظروف الصعبة خلال العدوان، بدأ الناس منذ الأسبوع الأول للحرب بالاقتصاد في استهلاك المياه، ساعين لتوفير بدائل وحلول، وبعضهم لجأ إلى عدم تصريف المياه المستخدمة وإعادة استخدامها لأغراض منزليّة.
خلال الشهور التالية، سعى الأهالي في غزّة وشمالها إلى جمع ما توفّر من كميات من السولار لتشغيل الآبار العامة، إضافة لجهود طواقم البلديات لتوفير السولار بأيّ شكلٍ كان، وهنا أصبحت الآبار أو ما بقي منها المزوّد المباشر لمئات الآلاف بمياه الاستخدام المنزليّ. ظهرت هنا طوابير الماء التي تتمدّ لمئات الأمتار وينتظر فيها الناس ساعاتٍ طويلةٍ للحصول على كمياتٍ مُقننة.
مع توسّع الاجتياح البريّ لأحياء غزّة وشمالها توقّفت آبار البلديات عن ضخّ الماء، فلجأ البعض، بحسب غازي، إلى الآبار المنزليّة أو الزراعيّة وزوّدوها بما يتوفر من السولار وشغّلوها، خاصّةً في الفترة ما بين كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى شباط/ فبراير 2024.
وخلال رحلة المشي لساعات للوصول إلى الآبار العاملة أو العودة منها أو الانتظار عندها، قضى العشرات شهداء وأصيب المئات نتيجة الغارات التي استهدفت طوابير المياه أو محيطها. يقول غازي: "كتير ناس استشهدت وهي رايحة تعبي ميا، أو على طابور الميا، أو وهي راجعة من تعباية الميا، صاحبي عوض الحوّ، راح يعبي ميّا، انضربت دار جنب المحطة، استشهد وهو واقف في الطابور ومعاه كتير ناس".
وفي جنوب القطاع والمحافظة الوسطى، لا يختلف المشهد اليوم كثيراً عن غزّة وشمالها، لكن بداية الأزمة الفعليّة تأخرت.
وبعد عام كامل من الإبادة، بدا واضحاً أنّ قطاعاً إنسانيّاً استراتيجيّاً كالمياه كان في صلب أهداف الإبادة الإسرائيلية الممتدة، وفي صدارة بنك أهدافها التي طالت كافة مناحي الحياة البشرية في القطاع، وأنه كان خاضعاً منذ سنوات لمحاولات الفحص والتجربة والهيمنة المتدرجة، شأنه كشأن ملفات الكهرباء والمعابر والزراعة وغيرها، التي استعمل فيها الاحتلال سياسة التجربة والفحص، وصولاً للحظة استخدام هذه الورقة كردّ ميداني على "طوفان الأقصى". وفق الباحث الوحيدي.