الغيرة تحول مقابر الخليل إلى حدائق
الخليل- رايــة:
طه أبو حسين
لأن المشهد مؤلم، ويزيد الموت موتاً، وفيه من اللامبالاة ما فيه، ناهيك عن القصور الواضح، تنامت مشاعر الغيرة في قلوب البعض على من يسكنون القبور، لا سيّما بسبب وجود الأعشاب والأشواك بشكل كثيف، إضافة للأوساخ والقاذورات المتراكمة عبر سنوات مضت، ناهيك عن غياب التنظيم في بناء المقابر، فأشعلت الغيرة توجهاً حقيقياً في إعادة ترميم وصيانة وتنظيف مقابر الخليل.
تلك الغيرة التي تولدت في ضمائر ثلة من رجال الأعمال، ولد عنها لجنة صيانة وتأهيل المقابر قبل حوالي ستة شهور، والتي باشرت عملها دون تردد منذ اللحظة الأولى، وكلّ ذلك بالاستناد إلى الدعم المجتمعي.
رائد العجلوني أمين سر لجنة صيانة وتأهيل المقابر قال :" بدأت هذه الفكرة من خلال مجموعة من رجال أعمال، تم انتخاب 15 عضوا، ثم باشرنا العمل، وتم انجاز قرابة 80% من صيانة (مقبرة الراس)، وحاليا نقوم بعملية تنظيف داخل الأسوار التي تم تجهيز معظمها، وحاليا بدأنا بالمشوار الداخلي".
"هذه الحملة ستبقى مستمرة، حتى تصبح المقابر حديقة، وذلك بهمة أهالي الخليل وأهل الخير والكريمين من أهل المدينة" قال العجلوني.
الخليل بطبعها تعتمد على مجتمعها المدني في دعم كثير مشاريعها، ربما لأنها عاصمة الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وبالأغلب لأن الكرم صفة تميّز أهلها، قال العجلوني "التبرعات عينية من جميع الشركات ووجوه الخير في المدينة، فلم يقصر معنا أحد، ونجمع قليل المال للعمال فقط، لكن باقي المواد العينية من باطون وحديد وحجر وغيرها كله من أهل الخير، أما القطاع الرسمي لا يتعاون معنا إلا بموضوع بعض التنسيقات".
رئيس لجنة صيانة وتأهيل المقابر عبده ادريس، قال :" كنت كلما مررت بجانب المقابر، أتألم على روح أمواتنا، وأزيد ألماً كلما ذهبنا لدفن أحد الأحبة، فصورة المقابر للأسف لا تليق بنا، ولا بديننا الإسلام، لهذا رأيت أن من واجبنا إكرامهم حتى يكرمنا من يأتي خلفنا، فحاولت جمع عدد من الأصدقاء والغيورين لنبدأ بهذا المشوار الصعب والطويل وسنكمله حتى النهاية".
"نحن نعمل منذ 6 شهور، أنجزنا منطقة الراس، وأصبح هناك مفارقة بين ما كانت عليه وبين اليوم، بالإضافة لمقبرة السهلة، والأسوار الضخمة، وقريبا سنعمل على انجاز الجسور المعلقة" قال ادريس.
منذ أيام تشرع اللجنة عبر المجتمع المحلي بحملة تطوعية في تنظيف المقابر من الأعشاب والأوساخ بمشاركة خمسين متطوعاً حسب ادريس " نأمل مشاركة مجتمعية أكبر في هذه الحملة لإكمال عملية التنظيف، لأننا سنشرع بعدها بتنفيذ التصميم الهندسي الداخلي الذي أنجز بالتعاون مع جامعة البوليتكنك، فسنعمل جسور معلقة حتى لا تداس القبور، وسيتم منع دخول أحد إلا بإذن مسبق من خلال الحراسات، وسنصل خلال المستقبل القريب لمرحلة الإدارة السليمة والمؤسساتية للمقابر والشيء المؤسساتي".
العمل متوزع بين منطقة الراس والسهلة والكرنتينا ومحيطها، سواء ببناء الأسوار، أو ترميم ما يحتاج لذلك، بالتزامن مع تنظيفها استعداداً للخطوات اللاحقة التي تتطلع لإيصال المقابر بصورة الحدائق.
يتوقع ان تصل التكلفة الإجمالية لإعادة صيانة وترميم المقابر على أقل تقدير (10 مليون شيقل)، حسب العجلوني أمين سر اللجنة الذي أوضح " الخطوات القادمة، سنعمل حراسة دائمة على المقابر، تنظيف دائم، إقامة مقر لإدارة المقابر وصيانتها باستمرار، سور محكم الإغلاق لعدم العبث بها وغيرها من الأمور التي تساهم بالحفاظ عليها بصورة لائقة".