عمرو رضوان.. صغير أعاد حياة الكبار الذين ماتوا
غزة- رايــة:
سامح أبو دية-
مرّت 69 عاما على المقولة الشهيرة "الكبار يموتون والصغار ينسون"، لرئيسة وزراء الحكومة الاسرائيلية "غولدا مائير" ابان تهجير الفلسطينيين من ارضهم في النكبة عام 1948، وقصدت حينها ان ذاكرة النكبة ستموت بتعاقب الاجيال، لكن كل هذه السنوات لم تنس ريشة الفتى عمرو رضوان تفاصيل وجوه المنكوبين.
الفتى رضوان "16 عاما" من مدينة غزة، استطاع بمخيلته أن يعيد الحياة للمظهر الفلسطيني الذي تعرض للنكبة ومات وفق مقولة "مائير"، لتبدو الوجوه في رسوماته حيّة كما لو كان هو بين اصحاب هذه الوجوه.
موهبة عمرو الفنية، نشأت منذ 3 سنوات بعدما صادف شقيقه الأكبر "حمزة" أول عمل تشكيلي له "رسومات بسيطة كرتونية"، الأمر الذي لم يتوقعه، فانبهر بقدرته الفنية، وهمّ الى المساعدة على تطوير موهبة الطفل المدفونة.
وتطورت موهبة رضوان تدريجيا بعد انجاز عدد من اللوحات التشكيلية، ثم انتقل من الرسم باستخدام أدوات تقليدية الى الرسم باستخدام "الفحم النباتي"، وهو صعب الاستخدام ولا يمكن مسحه بعد استخدامه على الورق.
وفي أول لوحة فنية رسمها باستخدام الفحم النباتي، استغرق رضوان نحو 20 ساعة، وهي لوحة تشكيلية لصيّاد من القرى المهجرة في الداخل المحتل تعود لما قبل النكبة عام 1948.
وقبل عام ونصف تقريبا، نشأت فكرة لدى الفتى وعائلته، برسم الوجوه بالفحم النباتي، يقول الفتى: "بدأت برسم شخصيات ما قبل النكبة منها رجال ونساء، لأصحاب مهن وتراث، وتوثيق ما كان موجودا قبل النكبة من مهن وحرف فلسطينية".
كانت الفكرة صعبة التطبيق على أرض الواقع، الا أن موهبة الفتى رضوان مكنته حتى الان من انجاز قرابة 22 لوحة فنية باستخدام الفحم النباتي، تجسد كلها النكبة الفلسطينية عام 1948.
وتوج الموهوب الصغير أعماله الفنية بمعرض رسومات أطلق عليه "حكاية الأجداد" جسد فيه كل ما يخيل له من ذكرى ما قبل النكبة، يقول: "كنت أرسم في ذاكرتي أحاديث كبار السن لاسيما جدي، امتلكت كمية معلومات كبيرة للغاية، ترجمتها الى لوحات فنية بغاية الدقة".
وتضم اللوحات الفنية للموهوب رضوان؛ مهنًا فلسطينية تراثية مختلفة لمسنين منهم المختار والحلاق وشيخ المسجد والسكافي والمزارع والصياد ورعاة أغنام وصنّاع خزف وفخار، وكذلك نساء من التراث البدوي.
تميز عمل الموهوب في معرضه الأول "حكاية الأجداد" بتخصيص 22 لوحة فنية مرسومة بعناية فائقة ودقة متناهية؛ لكبار في السن من نساء وكهول تبين ملامحهم قبل تهجيرهم من أراضيهم التي احتلتها اسرائيل قبل 69 عاما.
وواجهت عمل الفنان الصغير عمرو رضوان مشكلة صعوبة الحصول على الورق الخاص بالرسم النباتي بعد منع الاحتلال ادخاله لقطاع غزة، الأمر الذي كلفه تأخير حوالي 4 أشهر، لحين الحصول على ورق بديل لاستكمال لوحات المعرض التشكيلي، اضافة لصعوبة الحصول على بعض المواد الخام.
ويبحث الفتى الآن عن الاحتراف في الفن، يضيف شقيقه حمزة: "نخطط لمعارض مستقبلية تحتوى على أعمال جديدة كليا لم تحدث سابقا، وبشكل احترافي تكون على أمور بسيطة مثل "الأواني المنزلية"، وتجسيد قرى وشخصيات فلسطينية عليها".
وبات الهدف الذي يسعى اليه الموهوب رضوان من خلال أعماله ومعرضه الأول والمعارض المستقبلية المخطط لتنظيمها؛ هو ايصال القضية الفلسطينية لكل العالم، واظهارها على أنها قضية انسانية أكثر مما هي سياسية.