النكبة 69: جرح فلسطين الغائر
خاص- رايــة:
كبيرة كانت النكبة التي حلت على الشعب الفلسطيني سنة 48، ولا اسم يغطي تفاصيلها غير النكبة، ولا نكبة أوحش من اقتلاع شعب بكامله من أرضه، وإلقائه في المجهول.
تهجير
تختزل الذكرى ال 69 مراحل من التهجير اقتلعت الفلسطينيين من عشرين مدينة ونحو 774 قرية غدت أملاكها ومزارعها جزءا من دولة الاحتلال، كما تعيد النكبة ذكرى 15 ألف فلسطيني على الأقل لقوا مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما زال معظمها مجهولا، فيما أصيب ثلاثة أضعاف هذا الرقم بجروح.
التقسيم
في الـ29 من نوفمبر/تشرين الثاني 1947 أقرت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، وشكل اليهود في فلسطين وقتها ثلث السكان، أغلبيتهم قدموا من أوروبا خلال السنوات القليلة التي سبقت هذا التاريخ، وكانوا يسيطرون على مساحة تصل إلى أقل من 6% فقط من دولة فلسطين التاريخية، إلا أن الخطة المقترحة من قبل الأمم المتحدة خصصت لهم 55% من المساحة.
رفض الفلسطينيون وحلفاؤهم العرب الخطة المقترحة، بينما وافقت عليها الحركة الصهيونية، خاصة أنها أضفت صفة الشرعية على فكرة بناء دولة يهودية على أرض فلسطين العربية إلا أنها لم توافق على الحدود المقترحة، ولذلك أطلق الصهاينة حملات مكثفة للاستيلاء على المزيد من أراضي فلسطين التاريخية.
ومع بداية عام 1948 سيطر الصهاينة على عشرات المدن والقرى الفلسطينية وطردوا سكانها الفلسطينيين من بيوتهم بالقوة، وذلك تحت أعين سلطات الانتداب البريطاني.
وفي الـ14 من مايو/أيار 1948 قرر البريطانيون إنهاء فترة انتدابهم لفلسطين، وفي اليوم نفسه -الذي انسحبت فيه قوات الانتداب البريطاني رسميا من فلسطين- أعلن رئيس الوكالة الصهيونية ديفيد بنغوريون إقامة دولة إسرائيل.
وخلال دقائق قليلة اعترفت أكبر قوتين من قوى العالم -وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي- بإسرائيل، وأصبح الفلسطينيون بلا دولة.
وتوالت بعد ذلك خطط الصهاينة لتطهير أرض فلسطين من سكانها، وبذلوا قصارى جهدهم لمسح التراث والثقافة الفلسطينية من الوجود، وأفرز هذا الوضع معاناة ممتدة لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
نكبة مستمرة منذ 69 عاماً
بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية العام 2015 في الضفة الغربية 413 موقع، منها 150 مستعمرة و119 بؤرة استعمارية، وتجدر الاشارة إلى أن حوالي 48% من مساحة المستعمرات الاسرائيلية مقامة على أراضي ذات ملكية خاصة للفلسطينيين.
وقد صادقت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في العام 2016 على 115 مخطط استيطاني جديد يشمل على بناء أكثر من 5,000 وحدة سكنية في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، في الوقت الذي لا تسمح فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين من البناء وتضع كافة العراقيل الامر الذي يشدد الخناق والتضييق على التوسع العمراني للفلسطينيين خاصة في القدس والمناطق المسماة (ج) والتي تزيد مساحتها عن 60% من مساحة الضفة الغربية والتي ما زالت تقع تحت السيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلي، حيث تمت المصادقة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي على 4 مخططات هيكلية فقط في التجمعات الفلسطينية من أصل 97 مخطط تم تقديمه للمصادقة عليه خلال آخر 5 سنوات، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع والذي عزل أكثر من 12% من مساحة الضفة الغربية.
أما فيما يتعلق بعدد المستوطنين في الضفة الغربية فقد بلغ 617,291 مستوطناً نهاية العام 2015، ويتضح من البيانات أن حوالي 47% من المستوطنين يسكنون في محافظة القدس حيث بلغ عـددهم حوالي 292,555 مستوطناً منهم 214,135 مستوطناً في القدس J1 (ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته سلطات الاحتلال الاسرائيلي عنوة بعيد احتلالها للضفة الغربية عام 1967)، وتشكل نسبة المستوطنين إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية حوالي 21 مستوطناً مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغت أعلاها في محافظة القدس حوالي 69 مستوطناً مقابل كل 100 فلسطيني.
إقرأ أيضاً: بعد 69 عاما على النكبة.. أعداد الفلسطينيين تضاعفت 9 مرات
نكبة تلتها نكبات…
وتحل ذكرى النكبة هذا العام فيما يخوض الأسرى الفلسطينيون إضراب "الحرية والكرامة" لليوم التاسع والعشرين على التوالي، لتشمل أشكال النكبة ومكوناتها جميع أبناء الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص الأسرى، الذين يستمرون في إضرابهم كرد عملي مشروع على ممارسات الاحتلال المسعورة بحقهم باعتباره أداة إحتجاج سلمية في مواجهة التشريعات والقوانين العنصرية، وتحدياً للتعنت الإسرائيلي وخروقاته المنافية لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
قضية الأسرى: أم النكبات
ووفق بيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اعتقلت قوات الاحتلال حوالي مليون فلسطيني منذ عام 1967، طالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني.
ومنذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/ أيلول 2000، سجلت المؤسسات الرسمية والحقوقية قرابة (100) ألف حالة اعتقال، بينهم نحو (15) ألف طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشر، و(1500) امرأة، ونحو (70) نائباً ووزيراً سابقاً، فيما أصدرت سلطات الاحتلال قرابة (27) ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق، وتحتجز حالياً سلطات الاحتلال الأسرى في (24) سجن ومركز توقيف وتحقيق.
شاهد أيضاً: مليون حالة اعتقال منذ 1967
هذا وصعدت سلطات الاحتلال من حملات الاعتقال منذ تشرين الأول / أكتوبر 2015، وطالت أكثر من عشرة آلاف حالة اعتقال من الضفة، كانت معظمها في القدس، حيث بلغت ثلث حالات الاعتقالات اغلبهم من الأطفال، وحاليا يبلغ عدد المعتقلين في السجون ومراكز التوقيف الإسرائيلية 6,500 أسير، منهم 57 أسيرة، من بينهن (13) فتاة قاصر، وأكثر من 300 طفل، ونحو 500 معتقلاً إدارياً و13 برلمانياَ و29 أسيراً معتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو و44 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً.
شاهد أيضاً: عمداء الأسرى..أحياء مع وقف التنفيذ
ويشار إلى أن هناك (210) شهيد من الأسرى قد استشهدوا في السجون منذ العام 1967 نتيجة الإهمال الطبي المتعمد أو نتيجة لعمليات القمع والتعذيب، ويذكر أن هناك عدد من الأسرى الذين، أصدرت سلطات الاحتلال بحقهم قرارات بالإفراج، بعد تيقنها، أنهم في مرحلة حرجة، وقد استشهدوا، بعد فترة وجيزة من الإفراج، منهم: فايز زيدات، ومراد أبو ساكوت، وزكريا عيسى، وزهير لبادة، واشرف أبو ذريع، وجعفر عوض، ونعيم الشوامرة.