الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:43 AM
الظهر 11:24 AM
العصر 2:20 PM
المغرب 4:45 PM
العشاء 6:03 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حكايا: خولة.. خمسة عقود ويد فتية!

 

رام الله - رايـة:

مجدولين زكارنة -

تقف على شرفة الحياة لتطل على عمرها الذي يمضي محاولة استنشاق ورود الصبا المليئة بالألوان وطبب الحرير وهي كُرات الخيوط الحريرية التي تستخدم لصنع المطرزات - التي رافقتها الى محطة قطارها الأخيرة.

تربت خولة في بيت تتناثر فيه الطبب الحريرية التي تتلون معظمها بالأحمر والكثير من قطع الـ "ايتامين" - وهي قطعة قماشية بيضاء تستخدمها السيدات للتطريز- التي تحولت الى لوحات معلقة في منزل العائلة.. لوحات كما أُحيكت بيد والدتها حكت عنها ايضا وبقيت ارثاً وراءها يتقاسمه الأولاد.

وحدها خولة من تقاسمت مع والدتها مهارة التطريز التي لن تستطع ان تورثها لأحد كما امها فهي لم ترزق بالاولاد طيلة حياتها.

كانت خولة اخر من حزم حقائبه من منزل العائلة بعدما تزوج جميع الاخوة وبقيت هي في المنزل حتى اللحظة التي تزوجت بها من رجل أرمل.

خولة ايضا أصبحت أرملة وعادت الى وحدتها التي لم يستطع كسرها سوى التطريز ولكنها لم تحتفظ  بجميع مطرزاتها كما فعلت امها انما اتخذت منها مصدر رزق يكفيها سؤال أولاد زوجها.

قبل ست سنوات قررت خولة عرض بضاعتها على زوار مدينة رام الله واتخذت من سور ساحة بلدية البيرة مكانا لترويج بضاعتها التي تشمل اكسسوارات وشالات وميداليات جميعها مطرزة بالأحمر.

تقول خولة:" عندما توفى زوجي لم يكن لي مصدر دخل فاخترت العمل لأن اولاد زوجي اهملوني ثماني سنوات دون اعالة وانا أريد ان استغل موهبتي في التطريز لكي لا اكون عالة على احد".

عملت خولة "58 عاما" في الكثير من الوظائف قبل ان تتزوج فالعمل يزيد من ثقتها بنفسها وتقول :" لا اعمل لأجل المال فقط انما لتحقيق الثقة بنفسي اضافة الى انني أحب المطرزات والتطريز الذي ورثته عن والدتي".

تخاف خولة من ان تعجز وتقل قدرتها على التطريز لذلك تراها تحتفظ بأثمن القطع المطرزة في بيتها لتكون دليلا على ماض مجيد وتقول :" بحاول اتزكر انو  ايامي كانت حلوة عشان هيك بحتفظ في كتير مطرزات بكرا مش رح اقدر اشتغلها بس اعجّز اكثر ".

تعمل خولة مع مجموعة من السيدات احيانا وتسوق لهن بضاعتنهن من خلال بسطتها المتواضعة فهي لاتملك كافة الامكانيات لصنع كل انواع المطرزات.

جميع البضاعة التي تبيعها خولة مطرزة يدوياً ولكن التطريز الآلي "الأرخص ثمنا" يحارب سلعها فالطلب عليه أكبر الآن" كما تقول.

أمضت السيدة اياما كثيرة دون ان تبيع قطعة واحدة من بضاعتها ولكنها تقول:" انا لا اريد ان اكون عالة على احد وانا وحيدة فأمضي وقتي مابين البيع هنا وزيارة الاطباء فأنا اعاني من أوجاعا في ظهري ويدي".

تتلقى خولة 750 شيكلا كل 4 أشهر من وزارة الشؤون الاجتماعية و تكفيها لدفع مواصلاتها فقط اما على اختلاف احوال الطقس فتمضي خولة فصل الشتاء في المنزل بسبب البرد والمطر الذي تحول دون عرض بضاعتها.

كانت تستغل خولة فصل الشتاء ايضا لمتضية بعض الوقت مع اخوتها المتزوجين الذين يعارضون عملها ولكنها كانت تحاول اقناعهم بهذا المثل "الحركة بركة" وترفض الخضوع الى رغباتهم.

ملامح خولة العجوز وشت لنا عن صباها الجميل فهي رغم العقود التي مرت بها لا تزال جميلة الوجه وتحافظ على ابتسامة لم تفارقها طيلة فترة المقابلة، كانت تضحك وتتبسم لدرجة ان تبان جميع أسنانها، أصابتنا الدهشة من روحها الجميلة رغم وحدتها و اضطرارها للعمل في الشارع، ولكن الحياة لن تتوقف عن إعطائنا بعض الدورس بأن المشقة ليست نقيضا للاجتهاد والابتسامة ليست دليلا للسعادة انما للرضا.

Loading...