وثيقة حماس بين النظرية والتطبيق
غزة – راية
عامر ابو شباب
اعلنت حركة حماس من قطر بحضور كل قيادتها في الخارج وغزة، وثيقة سياسية جديدة بعد مشاورات دامت أربع سنوات، بوصفها خلاصة لتجربة الحركة خلال ثلاثة عقود، وشملت الوثيقة (42) بندا جديدا فتح باب النقاش وتباينت المواقف فلسطينيا وعربيا ودوليا، نقاش حول مبادئ نظرية ستخوض اختبار الواقع الصعب والممارسة العملية من الأن فصاعدا.
إقرأ أيضاً: حماس تعلن رسميا عن ميثاقها السياسي الجديد
اختبار منظمة التحرير
الجديد الذي طرحته وثيقة حركة حماس وفق الكاتب هاني حبيب والمحلل السياسي د. علاء أبو عامر كثير ومتعدد ومهم، يرى حبيب أن الوثيقة مختلفة عن وثائق وبرامج فلسطينية أخرى أبرزها اعتماد "الصياغة الملتبسة" حول منظمة التحرير كاطار وطني دون ذكر انها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني مما يفتح باب الاجتهاد والقول أن حركة حماس تجهز نفسها لتكون بديلا لمنظمة التحرير ان لم تتمكن من قيادتها، رأي يختلف معه د. أبو عامر الذي اعتبر الاشارة لمنظمة التحرير "معقولة ومنطقية" لأنها لا تستطيع الاعتراف بالمنظمة صراحة قبل أن تكون جزء منها، خاصة في ظل تعطيل الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، مما يجعل "حماس الجديدة" ذات المرجعية الوطنية وفق الوثيقة وبحجمها الكبير أقرب للشراكة الوطنية، لذلك مطلوب حوار جاد بين فتح وحماس، لأن استمرار حالة الانقسام خسارة للجميع في ظل تناحر اقليمين يخدم الاحتلال.
التبرؤ من الإخوان المسلمين
وأوضح الكاتب حبيب أن حركة حماس في الوثيقة فكت ارتباطها بجماعة الاخوان المسلمين، أمر جديد يتفق معه د. أبو عامر الذي أكد ان الوثيقة جعلت حماس تتمايز عن جماعة الاخوان المسلمين وعن الحركات الاسلامية الأخرى، بشكل يؤهل الحركة للانفتاح على الدول العربية خصوصا مع مصر التي تشهد صراع مع الاخوان المسلمين، وبالتزامن مع وضع دول عربية جماعة الاخوان على قائمة الارهاب، ومناقشة الكونجرس الامريكي مشروع قرار وصم الجماعة بالإرهاب، وفي هذا السياق يشار الى اعلان مرصد دار الإفتاء المصرية أن قرار حركة حماس التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين والانفصال عنها، يمثِل خسارة جديدة تضاف إلى خسائر الإخوان في السنوات القليلة الماضية، وذلك بعد خطوات مماثلة سبقت حماس من جانب حلفاء الجماعة وأجنحتها بتونس والسودان والأردن وسوريا.
إقرأ أيضاً: حزب الله يهاجم وثيقة حماس ضمنياً
ووصف المرصد المصري في تصريح صحفي الوثيقة أنها "تبرؤ" من جانب حماس وغيرها من جماعة الإخوان مما يشكل دافعا قويا نحو مراجعات الجماعة بالداخل وإعلان أفرادها التوبة ونبذ العنف، والعودة إلى الحاضنة المجتمعية وصفوف الوطن.
اسقاط مقولة الصراع الديني
وشدد الباحث أبو عامر أن وثيقة حماس تطرح مصطلحات سياسية ووطنية جديدة حيال التعامل مع اسرائيل وحصر الصراع معها فقط وسياسيا، بعيدا عن منطلقات الفكر الاسلامي السابق وخطاب داعش، ملاحظة اتفق معها الكاتب حبيب الذي اكد إعلان حماس أن الصراع مع الاحتلال لم يعد صراع ديني بل نضال سياسي، مما يتطلب تغيير الحركة الكثير من شعاراتها الدينية ومقولاتها السياسية القديمة.
بدوره اعتبر الباحث في الحركات الاسلامية عبد السلام الحايك أن المنظمة قبلت بحدود٦٧ حينما كانت ممكنة، أما حماس قبلتها حين لم تعد كذلك، هذا الفرق في التوقيت حاسم، رغم أن الطرفين في النهاية عاجزان، لكن أن تحاول في الممكن يختلف عن المحاولة في غير الممكن، وانتقد الحايك القيادي السابق في حماس الوثيقة بالقول على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي أن الحركة التي تعبئ أبناءها منذ تأسيسها أن الصراع في فلسطين عقائدي، ثم تتنصل من ذلك كله بجرة قلم بدعوى التطور، ليطالب بحل حركة حماس إعادة تأسيسها على مرتكزات جديدة، باسم جديد وقيادة جديدة وبرنامج جديد.
إقرأ أيضاً: تقارب إيراني-حمساوي بعيد الوثيقة الجديدة!
مخاوف فتح
حركة فتح في بيان رسمي مقتضب قالت أن حماس لم تأت بشيء جديد، وأن قبولها بدولة على حدود عام 1967 يتناقض مع ممارساتها على الارض، الرامية لفصل القطاع او قبولها بدولة ذات حدود مؤقتة، داعية حماس للذهاب اولا إلى منظمة التحرير الفلسطينية وتخرج موقفها في اطار وحدة وطنية حقيقية، وليس من خلال محاولات فاشلة لتقديم اوراق اعتماد.
محيسن: "اجراءات غزة" فور عودة الرئيس والوطني لن يعقد خارج رام الله
واعتبرت حركة فتح أن الواقعية السياسية أمر جيد اذا كانت في اطار الوحدة والتوافق الوطني، بعيدا عن مواقف ملتبسة ومتناقضة، خاصة أن كل المؤشرات لا تشير لا من قريب أو بعيد إلى أن حماس متجهة نحو الوحدة الوطنية.
اسرائيل ترفض اعتدال حماس
واعتبر الناطق باسم حكومة الاحتلال أوفير جندلمان ان "وثيقة حماس الجديدة، هي محاولة من قبل الحركة لتلميع صورتها؛ بهدف صد الضغوطات الخارجية التي تمارس عليها، بهدف تحسين علاقاتها مع الدول العربية، وخاصة مع مصر.
وادعى جندلمان أن "عقيدة حماس، واستراتيجيتها لم تتغير، حماس لا تزال تنظيمًا "إرهابيًا وحشيًا" ، يرفض أي تسوية سلمية، ويسعى إلى تدمير دولة اسرائيل وقتل شعبها على حد وصفه.