حكايا: أم علاء فقها.. جذر الزيتون
رام الله - راية:
مجدولين زكارنة -
قالوا لها عندما جاؤوا لاعتقاله "ساعتين وبرجع" لكن المدة طالت الى اكثر من الحد الذي يمكن لقلبها احتماله ولعقلها تقبله انتظرت 17 عاما امضت منها خمسة حبيسة المنزل، حزنا عليه، أما علاء فقد عزز المدة بثلاث معارك من الاضراب عن الطعام آخرها إضراب الحرية والكرامة الذي بدأه الاسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ أسبوعين.
لطالما جلست ام علاء فقها على كرسي الامل والإنتظار ...انتظار عودة ولدها علاء الذي حرم من حريته واحباءه طيلة 17 عاما يقضيها في سجون الاحتلال الاسرائيلي.
عندما قابلنا ام علاء كانت جالسة على كرسي تحتضن صورة علاء في خيمة اعتصام اقيمت في مدينة رام الله تضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام منذ 14 يوما ومن ضمنهم نجلها علاء الذي ينتظر موعدا مع الحرية بعد عام وسبعة شهور تحسبها الأم ثانية، ثانية.
خمسة أعوام ظلت الوالدة حبيسة المنزل لاتقابل احدا ولا تجامل بشرا كانت تخرج لزيارة علاء وحدها وتعود محملة بالدموع والالم اللذان كانت تمتلك سر اخفائهما عن علاء لـ 45 دقيقة وهي مدة الزيارة.
تقول الأم :" كنت ضعيقة جدا في الخمسة سنين الاولى من اعتقال علاء وبقيت حبيسة منزلي طيلتها ولكن بعد فترة أصبحت اقوى وصرت اخرج الى خيم الاعتصام واقابل الناس وحتى انني صرت مصدر قوة لعلاء في كل زيارة".
لم تبكي الام أمام ولدها خلال الزيارات أبدا فهي تخاف من دموعها ان تقطع الحبل السري بينها وبين علاء وهو "المعنويات العالية والارادة الفولاذية".
أما علاء الذي يواجه الآن سجانه بامعاءه الخاوية فقد مرت عليه انتكاستين في الاسر كانت أشدها وفاة والده وهو وراء القضبان والاخرى خطيبيته التي تخلت عنه بعدما صدر بحقه حكم بالسجن لـ17 عاما.
حرم علاء ايضا من زيارة اخوته لـ 7 سنوات متتالية بحجة "الرفض الامني"..يقول شقيق علاء :"حرمت سبعة سنوات من زيارته وعندما سمحوا لي بزيارته مرة واحدة حاولت اختزال كل اشتياقي له بـ 45 دقيقة لم تكن كافية أبدا فقد عاود الاحتلال حرماني من الزيارة بعدها ".

بجانب ام علاء كانت تجلس مجموعة من أمهات الشهداء اللواتي جئن برفقة صور ابنائهن لخيمة الاعتصام تضامنا مع قلب أم أسير تخاف من تحول ولدها من أسير الى شهيد.
كانت تبتسم ام علاء في وجهنا كثيرا لم نفهم سر هذه الإبتسامة التي تختبئ وراءها كمية هائلة من الالم لأم لم تفرح بشباب ولدها فعندما وصل علاء الى سن 21 عاما خطفته أياد صهيونية من حضنها ولكننا سرعان ما فهمنا مغزاه عندما اخبرتنا بان علاء تمكن من اتمام البكالوريوس في الاسر بتخصص علوم سياسية ووضع قدمة على سلم الدراسات العليا رغم كل التضييقات التي تمارسها إدارة السجون لثنيه عن التعليم.
في قلب ام علاء امل كبير بتنفيذ مطالب الأسرى قريبا ذلك الامل يصحبه مناشدات للفلسطينيين قيادة وشعبا بتكثيف حملات التضامن مع الأسرى.
ولا تخاف الأم من ان يؤثر الإضراب على موعد الافراج عن نجلها والمقررة بعد نحو سنة ونصف وتقول الام:" علاء رح يطلع بعد سنة وسبع شهور لكنه يضرب لتحقيق مطالب الأسرى الباقيين والسجن ما بسكر على حدا".
قضت ام علاء طيلة فترة اضراب ولدها عام 2012 بكاءا ولكنها صارت اقوى الآن وتقول:" بستمد القوة من علاء دائما في عام 2012 اضرب شهرا كاملا مع رفاقه كنت ضعيفة جدا خلال تلك الفترة اما الان يبدو انني تعودت ولكن ألمي لم يقل ".

علاء ليس الأبن البكر للأم ولكنها تحب بان تنادى باسمه وتفرح كثيرا بـ"أم علاء " وتعرف في بلدتها سنجل بام علاء وتقول:"احب كل الشباب الي اسمائهم "علاء" وانا معروفة بهالاسم رغم ان ابني الكبير يدعي بهاء".
تعمدت ادارة السجون نقل علاء الى كافة السجون في كل شهر وما كان من ام العلاء والبهاء الا ان تتبعه جسدا وقلبا وروحا رغم الذل الذي تتعرض له في كل زيارة .
تقضي عائلة فقها جل وقتها الآن في الخيم الاعتصامية للتضامن مع 1700 أسير مضرب عن الطعام منذ اسبوعين و تقول ام علاء:" في آخر مرة زرت فيها علاء قال لي تحدثي عنا في كل مكان ووصلي للعالم معاناتنا وصوتنا وكوني قوية ".
خاض علاء 3 إضربات خلال الـ 17 عاما وفقد جميع شعره في الإضراب الاول 2004عام وأصابته حساسية في جسده في الإضراب الثاني عام2012 وها هو الأن يخوض الاضراب الثالث بإرادة صلبة لم تستطع كل المضاعفات الصحية كسرها.
تميز علاء منذ الصغر بقوة الشخصية الامر الذي أوصله الى مرحلة جيدة من التأقلم والتعلم فصنع من نفسه انسانا مثقفا واعطى لذويه صبرا كبيرا وأصر أن يكلل أخر سنة من سجنه بمعنى جديد للحرية حرية الروح والفكر وقال للسجان انه حر رغم القيود وحر من وراء السدود.

