كحل العين التقليدي.. (سنا) زيت الزيتون من وهج النار

الخليل- رايـة:

طه أبو حسين-

تكاد الأشعار القديمة منها والحديثة لا تخلو من التغني بوصف العينين وكحلهما الذي يزيدهما جمالاً، وكثيرة هي الكتابات النثرية التي تبحّرت في ذلك، وكان للأمثال الشعبية نصيب من الغزل الذي يدلل فيه عند ذكر الفتاة الفاتنة الجمال "ارعى الغزال مرتعه من قلة البارود، والكحل ما هو خسارة بالعيون السود".

في ترقوميا غرب الخليل، تعيش الحاجة اعتدال قباجة حياة البساطة، وتحاول الحفاظ على الحياة التقليدية التي ولدت عليها، لأنها تجد الأصالة فيها بكل مكنوناتها، حتى أنها لا تؤمن بأدوات التجميل الحديثة لاعتقادها أنها لا تضيف جمالاً للفتاة أكثر من تزوير حقيقتها والأضرار ببشرتها، غير أنها لا تنكر على نفسها أن "الكحل" في صناعته التقليدية يضيف للعينين سحراً كلما كان بسيطاً في استخدامه دون أي تكلف.

اعتدال متحيّزة للماضي كونه "طبيعياً، بسيطا" على عكس الحاضر بزواياه المختلفة، لا سيّما الكحل البلدي "الكحل التقليدي أجمل، أحلى، ويوضع بترتيب، وحتى بعد غسله ثاني يوم، يصبح أجمل، فقد كان يصمد لعدة أيام، والأهم أنه طبيعي ومفيد لأنه فقط من زيت الزيتون".

شجرة الزيتون من أكثر النباتات فائدة صحياً وجمالياً، والكحل التقليدي مصدره الوحيد زيت الزيتون " الطريقة التقليدية من ناحية صحية أفضل لصحة العينين، فمصدره زيت الزيتون وهو مفيد جدا وشجرة مباركة، بينما كحل اليوم لا نعرف مكوناته وأضراره كثيرة".

رغم أن اعتدال منذ صغرها كانت تشاهد أمها وغيرها من النساء يصنعن الكحل، إلا أنها لم تجرب صناعته إلا حينما اقتضت الحاجة ذلك، وكانت بعد زواجها بينما كان عمرها 27 عاماً، ولا تزال تحافظ على هذا التقليد وترفض رفضاً قطعياً استخدام الكحل الحديث.

آلية صنع الكحل تشبه إلى حد كبير عملية السراج المضيء، فقط يوضع فوقه وعاء ليجمع كل (السنا). "نصنع الكحل من زيت الزيتون، قديما كان يوضع في وعاء فخاري وبداخله (فتيل) ثم يتم توليعها، ويوضع عليها وعاء وبالأغلب صفيح الصاج الخاص بخبز الشراك، بعدها يخرج (السنا_الدخان) من الزيت، ويلتصق بالصاج، فيتراكم عليه، وبعد فترة يتم جمعه، ووضعه بشاشة، ليتم تنعيمه وفرك تراكماته لتخرج منه كل الشوائب، خاصة أن العين حساسة وتحتاج لنعومة كبيرة".

بعد فركه وتنعيمه من خلال قطعة قماش دقيقة الثقوب يوضع بالمكحلة ليصبح جاهزا لتكحيل العينين.

الكحل لا يستخدم لتجميل العينين وإبرازهما فقط، بل يستخدم أيضا لعلاج بعض الأمراض " إن كان هناك حرارة في عين الإنسان، يضاف للكحل حبة ليمون، تحرق بشكل كامل، ثم تدق وتصبح مثل الكحل الناعم، فتخلط بالكحل، ويتم تكحيل العينين حتى الشفاء".

كما كانت العجائز يستخدمن الكحل بشكل كبير للأطفال أصحاب الرمش الأشقر "كانت العجائز تضع للأطفال أصحاب الرمش الأشقر الكحل حتى يدبغ شعر رموشهم" قالت اعتدال.

الكحل دائما مربوط بالعين، حتى كبار السن كانوا في السامر والدبكة حينما أرادوا الغزل، يربطوا الكحل بالعين، ارعى الغزال مرتعه من قلة البارود، والكحل ما هو خسارة بالعيون السود، ويقصد بالغزال الفتاة الجميلة". قال حسن قباجة.

عند محاولة الأمهات تنويم أطفالهن كنّ يعزفن بعض التراتيل كما يقول حسن قباجة زوج اعتدال " يا ديه هودت تزرع مكشة يا الكحل في العين رشة، لروح لأبوها وإن ما إعطاني لأطعنه طعنة ورشّه".

"العجائز كانت تجد أنه من المعيب صنع الكحل في وجود الرجل، فيعتبرونه نوعا من الحياء" قال قباجة.