عندما تتحول الجنة إلى مكرهة صحية!
نابلس - راية:
سامر عودة-
الصباح هنا، في بلدة قصرة جنوب نابلس، يمر دون أن يلتفت لهدوئها وجمالها..يقطعها على قلق، كيف لا وقد تحولت هذه الجنة بين ليلة وضحاها إلى مكرهة صحية..!!
منطقة هادئة خلابة، تعكس جمال بلدة قصرة جنوب نابلس، وبمئات الدونمات من أشجار الزيتون ومحاصيل القمح والشعير تضيفها سحراً، حولها مستوطنو "مجدليم"، الجاثمة على أراضي البلدة من منطقتها الشرقية، لمكرهة صحية فقط بمجرد مرورهم من هناك...!
أما الطريقة فهمجية: ضخ المياه العادمة على أراضي المزارعين في تلك المنطقة، التي تسببت بحرق المئات من أشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية.
تتمتع بلدة قصرة ، بمنظر ريفي جميل، تعتمد على الزراعة وجمع مياه الأمطار وتشتهر بكثرة أشجار الزيتون التي قدرت بنصف مساحتها الزراعية ، يحيط بها ثلاثة مستوطنات أقيمت على أرضها اولهن مستوطنة"مجدليم"، التي أقيمت سنة 1981، و مستوطنة"ايش كدودش" التي أقيمت سنة 2000، ومستوطنة"يحيى"التي أقيمت سنة 2001 على أراضي البلدة، الأمر الذي حولها لقرية محاطة بتجمع استيطاني يمارس اعماله الاجرامية والتخريبية على سكانها وممتلكاتهم.
ابتكرت الحكومة الإسرائيلية منهجاً للسيطرة على الأراضي الفلسطينية بأي أسلوب كان، ونهجت مستوطنة "مجدليم" أسلوبها الخاص بحرمان المزارعين من أرضهم ومن الاستفادة من إنتاجها السنوي، من خلال حرق المزروعات ونشر التلوث والأمراض المختلفة والتسبب بكوارث بيئية وخيمة اغرقت مساحات كبيرة من أراضي المنطقة بمياه الصرف الصحي العادمة.
"منذ سنوات عديدة وأنا أعمل بارضي في منطقة "المعلقة" شمال البلدة، واعاملها كطفل صغير بعناية كبيرة واهتمام بالغ، زرعتها بعشرات اشجار الزيتون واعتنيت بها حتى كبرت امامي وأصبحت مصدرا لافراح قلبي وإدخال السرور إليه، لكن الاحتلال قتل هذه الفرحة واغرقها بمياهه العادمة"، قال محمود ابراهيم عبد الله عودة(45 عاما)، أكثر المتضررين من أصحاب الأاراضي.
وأضاف عودة، أدى تدفق المياه العادمة للأرض إلى تلف نسبة كبيرة من أشجار الزيتون وعدم الاستفادة من إنتاجها السنوي، إضافة إلى زيادة نسبة العشب الضار بالأرض حيث بلغت ارتفاعها متر وبكثافة كبيرة، وإتلاف كافة المزروعات فيها، و دخول أعداد كبيرة من الخنازير البرية إليها التي تطلقها المستوطنة.
وتشكل الأرض بالنسبة لعودة عائد مادي و مصدر معيشي يعتال عليه، وتقدم له اكتفاء ذاتي يبعده عن الحاجة لشراء زيت الزيتون وبعض المزروعات التي يحصل عليها من أرضه، لكن تدفق نسبة هائلة من المياه العادمة للأرض حرمه من هذه الفوائد ودفع به لشراء ما كان يحصل عليه من أرضه سابقا، عوضا عن إهدار تعب سنوات طويلة قضاها بعمارة الأرض وفلاحتها.
تعتبر بلدة قصرة من القرى التي تضم تنوع نباتي و بيئي جيد، مكن أهلها من زراعية الأشجار المختلفة والمزروعات المتنوعة، بفضل وفرة المياه وسهولها الصالحة للزراعة، لكن سيطرة الاحتلال على نسبة كبيرة من أرضها وتحويلها لمستوطنات وأخرى لأراضي عسكرية يمنع العمل بها، حرمها من هذا التنوع الحيوي الفريد.
ويردف عودة، "بدوري أبلغت المجلس البلدي بهذه الظاهرة الخطرة وتوجهت برفقة رئيس البلدية للمكان لمعاينة المخاطر، وحاليا احاول تفادي الأضرار الحاصلة بالأرض، باحثا عن أسلوب يمكنني من محاكمة الاحتلال، وطلب تعويض عن ذلك"، وينهي، يمعنا الاحتلال باستمرار من الوصول إلى الأرض والاعتناء بها وفي كل مرة يطردنا منها بحجة عدم حصولنا على تنسيق أمني يخولنا من العمل بالأرض.
وأكد ياسر بدوي عوض علي(69 عاما)، على الاضرار التي حصلت بأرضه في السنوات الأخيرة بفعل المياه العادمة التي تسربها المستوطنة لأرضه، " لدي ارض كبيرة بالمنطقة الشمالية من البلدة محاطة بغلاف حديدي(شيك)، لمنع دخول الخنازير البرية التي يطلقها مستوطنون مستوطنة"مجدليم"، تضررت ارضي بنسبة كبيرة واصبحت الان غير قابلة للزراعة بفعل تدفق نسبة كبيرة من المياه العادمة التي تحتوي على نسبة كبيرة من المواد الكميائية الضارة إليها وتحويلها لمكرهة صحية لا يطاق الاقتراب منها.
وينوه بدوي، في الفترة الأخيرة سرق الغلاف الحديدي المحيط بالأرض (بطول 140 لفة)، منها وخلعت الزوايا(500 زاوية حديدية)، وقطع نسبة كبيرة من 500 شتلة زيتون زرعها منذ 27 عام، تعب فيها وأمضى فترة طويلة من وقته في عمارتها لتذهب سداء في يوم واحد، " لا يمكن لأي مواطن فلسطيني الاقتراب من الأرض نظرا لقربها الكبير من المستوطنة".
ومن جهة أخرى يقول الرئيس السابق لبلدية قصره والمرشح القادم للانتخابات البلدية عبد العظيم وادي، يعاني المزارعين من بلدة قصرة بنسبة كبيرة من مستوطنة "مجدليم"، المقامة على الجزء الشرقي للبلدة، جراء تدفق المياه العادمة على أراضي عدد كبير من مزارعي القرية، بل لم يكتفوا بذلك وإنما صادروا في الفترة الأخيرة مساحات كبيرة من أراضي البلدة المحيطة بالمستوطنة لإقامة شقق سكنية عليها، وجلب مستوطنين متدينين لزيادة أعمال العنف والإرهاب على سكان البلدة و مزروعاتهم.
وعن المنقطة قبل رشها بالمياه العادمة وصفها الوداي بالمنطقة الحيوية،" كانت أرض حيوية لها خصوبة ممتازة لزراعة كافة انواع المحاصيل الزراعية لتنوع مناخها الحيوي، وكانت تزرع المئات من دونماتها بمحاصيل القمح، لكنها تحولت الان لمكب للنفايات ومستنقع لجمع مياة المستوطنة العادمة، ولا تصلح للتواجد البشري بهذة المنطقة نظرا للاضرار الوخيمية والرائحة الكريهة التي تفوح من المنقطة".
تقدر نسبة الارضي المتهالكة بنسبة كبيرة، ويسعى الاحتلال في هذة الايام الى منع الاهالي من الوصول الى الارض لاعمارها والعمل بها الا بموجب تنسيق وتصريح خاص يحصل عليه المزراع عند قطاف الزيتون وحراثة الارض فقط، واحيانا يمنع من ذلك بفعا عدم اعتراف الاحتلال بهذا التصريح وطرد الاهالي من المكان.
وعن المتابعة القانوية قال وادي تم التواصل مع العديد من الجهات الرسمية والحقوقية لتقديم شكاوى على المستوطنة، وتم المتابعة مع بعض المؤسسات التي عوضت المزراعين جراء الاضرار التي تعرضوا لها.
نتج عن المياة العادمة ضرر كبيرة بشجرة الزيتون ادي الى حرقها وعدم اعطاء مردود سنوي لها، اضافة الى تواجد الخنازير البرية بالمكان بنسبة كبيرة ومهاجمتها للمزراعين باستمرار.
وناشد وادي الارتباط الفلسطنيني المدني والعسكري والجهات المختصة، فتح ومناقشة هذا الموضوع مع الجانب الاسرائلي لمواجهة المخاطر والحد منها، وطالب وزراة الزراعية مساندة المزراعين وتعويضهم في هذا المجال اضافة لمساعدتهم في النواحي القانوينة.
تبلغ مساحة قصرة حوالي سبعة عشر ألف دونم، صادر الاحتلال منها مايقارب تسعة آلاف دونم جلها من الأراضي الزراعية والمزروعة بالزيتون؛ لإنشاء المستوطنات و البؤر الاستيطانية، وقامت قوات الاحتلال العام الماضي بمصادرة ما يزيد عن 18 دونم من اراضي البلدة، لتوسعة مستوطنة"مجدليم"، بحجة اغراض عسكرية اسرائلية.
وشرح المزراع سنيور عودة مخاطر تدفق المياه العادمة للارض، " المياه العادمة لها ضرر كبير على الارض لانها ترك اثر سلبي على التربة بفضل ارتفاع نسبة الحشرات بالارض بنسبة كبيرة وتصبح الارض غير قابلة للزراعة لمدة زمنية، فضلا انها تجلب الحنازير البرية والتي بدورها تدمر كاافة المزروعات التي امامها، وانتشار العديد من الامراض المعدية.