"الوضع لوز".. غزة تنتج 920 طنا من اللوز الاخضر

غزة- رايــة:

سامح أبو دية-

يقول الفلسطيني في اللهجة الدارجة محليا، اذا ما اراد وصف عمل او حالة معينة "الوضع لوز" في اشارة الى ان كل الامور على ما يرام، وبأفضل صورة، وفي قطاع غزة يبدو الوضع "لوز" بالنسبة لمزارعي اللوز الاخضر، فبجانب وفرة موسمه هذا العام، لا زال يعتبر أكلة تراثية تحتفظ غزة بأسرارها. 

ومع بداية فصل الربيع أخذت المفترقات والأسواق في قطاع غزة تتزين بالبسطات المتنقلة لبيع اللوز الاخضر على جوانب الطرق فيما يُقبل المواطنون من مختلف الأعمار على شرائه.

ولا تكاد منطقة صغيرة أو شارع في غزة يخلو من نقطة لبيع اللوز الى جانب رفيقه "البازيلاء الخضراء"، فالموسم الحالي من اللوز يعتبر مميزا ومن أكثر المواسم وفرةً ونجاحا.

المزارع أبو يحيى يعتني بأرضه المزروعة باللوز الأخضر شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، فيما يعتبرها ارث زراعي يجب الحفاظ عليها، ولديه ذكريات بعيدة مع شجرة اللوز لازال يحفظها ويحافظ على تراث فلسطيني أصيل.

ويجنى ابو يحيى ثمار اللوز الأخضر من أرضه في مثل هذا الوقت من كل عام، يحفظ بعض الكلمات التي يحكيها رفقة أبناءه: "والله لأزرعك بالدار يا عود اللوز الاخضر، واروي هالأرض بدمي تتنور فيها وتكبر، يا لوز الأخضر نادي فلسطين الخضرا بلادي، مدو لي هالأيادي حتى بلادي تتحرر"، هي ذات الكلمات التي أنشدتها فرقة العاشقين الفلسطينية.

ولا يبالي المزارع للخطر الذي يلاحقه في أرضه من قبل الاحتلال الاسرائيلي، فهو مستمر في زراعة وفلاحة وقطف ثمار أرضه رغم قذائف وطلقات الاحتلال النارية المستمرة على مناطق شرق خانيونس.

وتبلغ المساحة المزروعة باللوز الأخضر في غزة قرابة بـ 1008 دونمات، منها 725 دونم مثمر و283 غير مثمر، بحسب مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة بغزة نزار الوحيدي.

ويبلغ متوسط انتاج الدونم الواحد من أشجار اللوز الأخضر؛ حوالي طن و250 كيلو، فيما بلغ اجمالي انتاج قطاع غزة من اللوز هذا الموسم حوالي 920 طن، وهو يغطي حاجة قطاع غزة.

أما بالنسبة للأسعار، فقد كانت في بداية الموسم 12 شيكلا للكيلو الواحد، ووصل حاليا الى 5 شواكل فقط، وهو سعر متدني للغاية مقارنة بأسعاره في الضفة الغربية التي قد تصل الى 100 شيكل للكيلو الواحد.

وأوضح الوحيدي أن ثمرة اللوز الأخضر تأثرت بمعدلات هطول الأمطار بين بداية الموسم ونهايته، مما سبب تراجعا في الانتاج بسبب تلك الظواهر.

ورغم وفرة الانتاج هذا الموسم؛ اعتبر الوحيدي أن هناك عجزا يقدر بحوالي 20 – 30% عما كانت متوقعا بسبب الظروف المناخية.

وتتركز زراعة اللوز الأخضر في المناطق الحدودية الشرقية لمحافظات رفح وخانيونس، وهي المناطق الأكثر خطورة على المزارعين بسبب الاستهداف المتعمد من الاحتلال لتلك المناطق.

الشاب أحمد حرب "بائع متجول" يجلس بجانب "بسطة" اللوز بجانب أخرى تحتوي على البازيلاء الخضراء، يردد كلمات بصوت عالٍ يجذب بها المشترين، وتبدو الابتسامة ظاهرة على وجهه فيما يداه تتفحصان حبات اللوز، يقول "يهدينا اللوز الأخضر شهر من العمل في البيع، هو شهر من الجمال والرزق"، وعلى نقيض ذلك فهو يخشى الركود أو التأخر في البيع مما يسبب خسائر فادحة بسبب عدم تحمل ثمار اللوز مما قد يؤدي لفسادها.

ويعرب التاجر عن سعادته ورضاه المتناهي لإقبال الناس على شراء اللوز الأخضر الذي يمثل مصدر رزق موسمي يعوّل عليه جميع تجار المزروعات، فيما ينتظره المواطنين كونه فاكهة خفيفة ومحببة.

خالد، شاب صادفناه يجلس منتظرا حضور صديقه، بجانبه حبات من اللوز الأخضر يسلي نفسه بها حتى موعد اللقاء المقرر، يقول مبتسما: "اللوز الأخضر فاكهة لا مثيل لها، هو مزيج من الطعام الحلو والمر معا، طعم لا يمكن وصفه، وهو مسل للغاية".

ويشير الشاب الى أحاديث أجداده عن اللوز وعلاقته بالتراث، وكيف كانت النساء المجتمعات في البساتين تحت أشعة شمس الربيع الدافئة يتناولنه، ومنذ ذلك الحين يعشقه ويشعر بأنه أكلة تراثية، ويحبب تناوله مع الملح، كما يفضله الكثيرون من محبيه، احياءً لتراثنا.