حكايا: أبو عمار.. له من شبيهه نصيب !
رام الله- رايــة:
مجدولين زكارنة-
قبل 14 عاما، كانت آخر مرة استطاع فيها سالم ابو عكر الوصول إلى "داخل الخط الأخضر" للعمل كما اعتاد قبل ان تصدر سلطات الاحتلال امرا بمنعه من الاستمرار في عمله كحرفي.
الآن يعمل ابو عكر على بسطة متواضعة في رام الله يبيع فيها انواع متعددة من المنتجات اليدوية ينشد من خلالها توفير لقمة عيش تكفيه مد يده للآخرين.
ينحدر أبو عكر من بلدة يطا قضاء الخليل ولكنه اضطر الى استئجار شقة في مدينة البيرة ليكون قريبا من مكان عمله الذي يوفر له القليل من إمكانيات الحياة التي تزيد يوميا.
يعمل أبو عكر من الفجر الى ما بعد العشاء ويستذكر اياما لم يتمكن فيها من النوم "وفي كثير من الايام لم اذق طعم النوم كنت اسرح في البراري لأجمع الاعشاب البرية وامضي ساعات طويلة في تنقيبها وترتيبها لأبيعها على بسطتي صباح اليوم التالي لأتمكن من دفع قسط الجامعة لابنتي التي ما ان تخرجت حتى انضمت الى صفوف العاطلين عن العمل".
ويمتلئ دفتر سالم بالأسماء والأرقام التي تذكره بديون يتوجب عليه سدادها "صاحب الصيدلية ينتظره فقد استدان العجوز الادوية التي لا توفرها وزارة الصحة علاجا له ولأسرته".
ويتسائل سالم العكر: "كيف استطيع التكيف بـ750 شيكل كل أربعة شهور للإيفاء بالتزاماتي؟أريد ان أعرف الطريقة من وجهة نظر وزير الشؤون الإجتماعية في ظل وضع اقتصادي منهار؟"
وان جمعتك الصدفة بالختيار أبو العكر في يوم شتوي ماطر فلا بد ان تراه محتميا بأحد السقوف خوفا من ان يمرضه المطر أو يفسد بضاعته واصفا ما يحل به "ياريت تيجي يوم الشتا وتشوفوا حالتي وانا أدور ع سقف يلمني انا وبضاعتي".
ويستعين الختيار ابو عكر بسماعة على اذنه اليمنى جاءته بتبرع من الهلال الأحمر بدونها لا يسمع شيئا ويستذكر الحادثة التي حرمته نعمة السمع عندما تلقى ضربة من أحد قوات حرس الحدود في منطقة باب العمود بالقدس المحتلة قبل 15 عاما بلا مبرر.
توقف فجأة عن الحديث وتسللت يده الى جيب قميصه ليخرج هاتفه المحمول وبعدة ضغطات ظهرت على الشاشة صورة له مرتديا كوفية الرئيس الراحل أبو عمار ليلفت نظرنا الى شبه يجمعه به، هذا الشبه الذي لم ينتبه اليه بمفرده انما كان باشارة من أطفاله الصغار عندما رأوه صدفة بلباس جيشي وكوفية بعد وفاة الرئيس الراحل أبو عمار باسبوعين.
ولكن السؤال يكمن في مدى تأثير الشبه على سير حياة أبو عكر ؟
الكثيرون استغلوا الشبه بينه وبين القائد ابو عمار، فباتوا يدعونه الى المهرجانات السنوية التي تقام احياءً لذكرى الراحل ياسرعرفات، وباتت مهمة الاعلام الاساسية تصوير هذا الشبه، صورا وتقارير عنونوها بـ"شبيه الختيار"و"شبيه أبو عمار" و "ياسر عرفات يعود" وغيرها من العناوين الجذابة.
يقول أبو عكر:" انا اعرف الكثير من المسؤولين بحكم الشبه ولكني لم أطلب عونا منهم، هناك الكثير ممن وعدوني بالمساعدة لم أرى منهم شيئا.. لا يتذكروني الا عند وجود مناسبة وطنية.. بلبسوني الكوفية والبدلة العسكرية.. يبدؤون بتصويري وأعود ادراجي الى بسطتي بعد انتهاء هذه الفعاليات".
هذا الشبه أرغم أبو عكر على التساهل مع من يصرون على تغيير اسمه قسراً بحكم الشبه "ما عندي مشكلة بالاسم بالعكس ولو إنه مش إسمي بس بفكر فيها..هي واقفة على هاي" مشيراً إلى كل ما هو مضطر للتعامل معه "قسراً" في ظل كل منغصات حياته.
على حدود بئر السبع عاش سالم أبو عكر طفولته ورأى أرضه التي نهبها الإحتلال وشهد معركة السموع بين الجيش الاردني والاسرائيلي في الستينيات، معركة وصفها العجوز بـ"الاهوال" ولكنه لم يتوقع ان تؤدي به تقلبات الأحوال في آخر سنين عمره الى هنا...فهل من مغيث!!