الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:48 AM
العصر 2:36 PM
المغرب 5:01 PM
العشاء 6:21 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حكايا: نورا من حر الجفتلك الى برد الشارع

 

رام الله - رايـة:

مجدولين زكارنة –

بعض الأوجاع لا تحكى ولا تبكيها العين، هي فقط توجع القلب والروح..ووجع الروح هذا هو ما أجبر خطواتنا أن تشل أمام بسطة فقيرة لبيع الأدوات المستعملة..كانت روحها تصرخ خيبة وخذلاناً بينما لا تفارق الابتسامة الساحرة وجهها الأسمر.

هي نورا، من أرض الجفتلك الحارة، شمال أريحا، بدأت حكايتها، وإلى هنا، حسبة رام الله، رست واستقرت، وخلف بسطة في حسبة رام الله تخفي جسدها النحيل تماما كما تخفي خيبتها من أحلامها التي لم تتحقق وحياتها التي لم تسر كما حلمت بها.  

لا تحاول نورا الترويج لبضاعتها، كما هو المعتاد من الباعة، بل تمضي بصمت يتخلله بعد الردود حول اسعار الاحذية والملابس المستعملة التي تعرضها على بسطة حديدية في حسبة رام الله.

في البداية، كانت نورا مترددة في الإجابة على اسئلتنا خوفا من أهلها الذين على ما يبدو، لا يعلمون بامر وجودها في الشارع أو عملها كبائعة على بسطة.

وبعد أن تأكدت بأن صورتها لن تظهر، باحت بقصتها التي آلت بها الى بسطة في حسبة رام الله.

تنحدر نورا من قرية الجفتلك في الاغوار الوسطى، التي يعاني سكانها من انتهاكات الاحتلال المتعددة، بدءاً من الانقطاع الدائم للكهرباء والهدم المتكرر للبركسات التي يسكنونها وتهجيرهم الى العراء وصولا الى استهداف لقمة عيشهم الاساسية في عملهم بالزراعة.

كانت تعمل نورا "36 عاما" قبل زواجها بمصنع بلح اسرائيلي قريب من قريتها التي يعمل معظم سكانها في الزراعة او المصانع الاسرائيلية، تصرف نورا على منزل العائلة هي وشقيقتها الصغرى.

تقول: "كنت اتقاضي 60 شيكل يوميا مقابل عملي 11 ساعة يوميا، حالي كان أفضل على الرغم من ان أمي مريضة ولاتعمل وأبي تركنا وتروج من أخرى وسافر".

ولكن يبدو ان القدر السيء يوجد اسوأ منه فقبل أقل من عام قام اهلها بتزويجها من رجل يكبرها بـ30 عاما، رجل به من العلل والأمراض ما تعجز عنه هذه الشابة.

"عندما تزوجت لم اكن أعلم بامر مرضه او عمله على البسطة ولكن سرعان ما عرفت بقدري الجديد الذي نقلني من سيء لأسوأ وتأكدت انه تزوجني لأصرف عليه وعلى نفسي، يجلب هو لي البضاعة المستعملة من داخل الخط الأخضر وأبيعها انا هنا في رام الله، وان لم أبعها لن نعيش". الأسى الذي كانت تتحدث به نورا يتسع للعالم.

ملابس واحذية مستعملة اضافة الى بعض الادوات الكهربائية المستخدمة تبيع نورا التي تقول: "الادوات هذه جيدة والكثير منها "لقطة" صحيح ان الحال نايم ولكن الرزقة على الله ".

في السادسة صباحا، موعد "التفريش"، وهي كلمة تدل على عرض البضاعة، ويبدأ نهار نورا الذي لا يخلو من منغصات يومية مثل زيارة عامل البلدية ذاك، الذي ياتي قاصدا نورا بـ"15 شيكلا" مقابل وقفتها في ارض تعود ملكيتها لبلدية البيرة طيلة النهار.

المبلغ المالي يدفعه أصحاب البسطات يوميا اما في حال التخلف عن الدفع فإزالة البسطة امر حتمي.

تقول نورا: "سواء بعت أو لم أبع يجب أن ادفع مقابل وقوفي هنا وانا لا اتأخر عن الدفع ولا أريد مشاكل مع أحد".

لم ترزق نورا بأطفال و تمضي 12 ساعة يوميا على بسطتها، واحيانا لا تبيع شيئا وترجع منزلها خاوية الوفاض الا من لسعات البرد الشديد الذي لم ولن تعتده نورا، ابنة الجفتلك حتى أقل من عام مضى.

"الحال ع الله وبدنا نترزق ونفيد الناس" بهذه الجملة وصفت نورا حال البيع الذي من الممكن أن ينقطع لايام بسبب الامطار فلا سقف يحول بينها وبين المطر.

 قاطع حديثنا أحد الزبائن بالسؤال عن جهاز كهربائي على البسطة، سؤال أطلق في وجه نورا العشرات من الشموس الضاحكة تنير وجهها، فهي لن تعود لمنزلها خاوية الوفاض اليوم!

"المحبين كثار" تقول نورا... وانا ابتسم في وجه الجميع والمعظم يحبني سواء جيراني في العمل او المنزل.

وفي مدينة رام الله التي تشير خرائطها الجوية الى موعد مع منخفضات متتالية في الايام القادمة، فإن نورا ستبقى في منزلها تجنبا لوقفة لن تجني منها سوى البرد والمطر.

حسبة رام الله، مكان مليء بالحكايا والقصص لنساء يبعن لك البسمة قبل البضاعة.. يتمسكن بتلابيب الحياة ما استطعن اليها سبيلا.

Loading...