الحطب.. تجارة رائجة في القرن الواحد والعشرين
رام الله- رايـة:
مجدولين زكارنة-
يوحي هذا اللون الرمادي الذي يغطي صفوة السماء بالبرودة الشديدة ولكن مشهد الحطب الملتهب الذي يشعلة هؤلاء الرجال يخفف من حدة الشعور.
في رحلة الشتاء التي تمتد تقريبا من شهر أكتوبر الى شهر اذار تبدا رحلة العمل عند ريان الجماعيني اشهر تجار الحطب في محافظة سلفيت.
عام 1992 كان ريان الجماعيني صاحب فرن يشتري الحطب لإيقاد لهيب فرنه الى ان فكر ذات يوم ان يتحول الى تاجر حطب.
يشتري الجماعيني الحطب من مناطق مختلفة من الضفة يقول: "عندما يبدأ المزارعون في تقليم اشجارهم بعد شهر أكتوبر وحتى شهر اذار نشتري منهم الحطب ونصنفه لاستخدامات متعددة حسب نوعيته".
يصدر الجماعيني حطب "الصنعة" الى بيت لحم والقدس لصناعة التحف والى يعبد لصناعة الفحم.
وصل حطب الجماعيني الى داخل الخط الاخضر و المستوطنات وأصبح يصدر كميات كبيرة منه الى السوق الاسرائيلي.
"يأتي التجار الاسرائيليون الى ورشتي وبحوزتهم تصاريح رسمية لشراء حطبي، الحطب هنا ارخص عن ما يباع في اسواقهم". يقول الجماعيني
يباع الحطب بدءا من 700 شيكل وانتهاء بـ 1500 شيكل للطن الواحد حسب نوعيته واستخداماته.
ويحتطب الجماعيني خشب الزيتون السنديان والبلوط ولكنه يرى في خشب شجر الزيتون أفضل الانواع في صناعة التحف واشعال المدافئ نظرا لسرعة احتراقه.
كانت زخات المطر قد بدات بالهطول ولا زال هناك الكثير من الكلام لدى الجماعيني الذي اكمل حديثه رغم لسعات البرد الشديد:
"العلاقات ورأس المال اهم ما يحتاجه تاجر الحطب لدي علاقات في مختلف المناطق واتلقى اتصالات دائمة من أصحابي عند توافر الحطب لأشتريه".
العمل في بيع الحطب موسمي ويقتصر على موسم الشتاء الا ان عائدها كبير ولن يتخيل أحد أن هذه الحزم من الحطب ثروة تقدر بعشرات الالاف من الشواكل.
"ربحت الكثير من المال وسأربح المزيد خلال هذا الموسم" قال الجماعيني وتساعد ورشة الجماعيني الكثير من الشبان العاطلين عن العمل بالالتحاق اليها لاكثر من 4 شهور بأجر يومي يصل الى 180شيكل حسب مدة العمل والخبرة.
وليس بعيدا عن ورشة الجماعيني تمتزج رائحة الخشب بالدهان في منجرة محمد لطفي الذي يعمل منذ 18 عام نجارا يصنع مطابخ خشبية و غرف نوم.
صوت الماكينات يعلو المكان وينتشر تحت سقف هذه المنجرة الكثير من الشبان الذين إمتلأت وجوههم وثيابهم بذرات الخشب"النشارة".
تنتشر في بلدة سلفيت أكثر من 10 مناجر وتصدر بعضها المطابخ الى داخل السوق الاسرائيلي، الذي استقطب الأيدي العاملة الفلسطينية للعمل، يقول لطفي:" يومية العامل في المستوطنات وخاصة في المنطقة الصناعية القريبة لسلفيت والتي تدعى"بركان" أضعاف ما يتلقاه العمال لدينا.. المعظم ترك العمل في منجرتي بعد شهر واحد و اتجه الى العمل في المستوطنات القريبة".
تصاريح العمل في المنطقة الصناعية الاسرائيلية القريبة من محافظة سلفيت متوفرة بسهولة.
المواطنة رنا سلامة إحدى سكان سلفيت قالت: يعمل قريبي نجارا في منطقة"بركان" القريبة منا بتصريح عمل ويعود لمنزله ليلا ويتلقى اجرا عاليا يعيل به اسرته".
قبل ان تنتهي رحلتنا في سلفيت أمطرت السماء مطرا شديدا تذكرنا حينها لون النار البرتقالية التي يحثها الرجال بحطب اشتروه من ورشة الجماعيني.
يقال ان الاقدار ان تحالفت مع المرء اوصلته الى القمة ولكنك لن تصل الى الدفء الا باشعال بعض الحطب الذي يبيعه الجماعيني.