حتى صوت الآذان مهدد!
القدس المحتلة-راية:
فداء الرويضي
رونق خاص كان يطغى على آذان ذلك اليوم، لم يصدر من المآذن التي ما زال صوتها يعلو داخل المسجد الأقصى، ليصل الى حارات القدس المجاورة، بل بات يصدح حينها من كافة حارات البلدة القديمة، من حارة باب حطة، وحارة السعدية، الى حارة الواد والقرمي، حتى من حارة النصارى.
امتزج صوت المأذن مع أصوات شبان صعدوا على أسطح منازلهم، ليكون ذلك اليوم مثالا حيا يستعد فيه أهالي حارات القدس ويجهزوا الرد في حال تمت الموافقة على "قانون منع الآذان"، غضبت قوات الإحتلال المنتشرة في أزقة البلدة القديمة، لكنها لم تستطع تحديد الموقع، فقد كان الصوت يصدر من أكثر من حارة في الوقت ذاته.
القانون المثير للجدل .. ما هو؟؟
في الثالث عشر من نوفمبر، اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريعات أقرت مشروع قانون يمنع رفع الآذان في العاصمة المحتلة والمناطق القريبة من المستوطنات والأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، كما ويحق للإحتلال ملاحقة من يؤذن عبر مكبرات الصوت، هذا القانون غير ساري المفعول حتى اللحظة، لكن إذا صادقت عليه الكنيست فسيدخل حيز التنفيذ، وكما ورد في القانون أن:"مئات الآلاف من اليهود القاطنين قرب التجمعات السكنية العربية يعانون بشكل يومي وغير اعتيادي من الضوضاء الناتجة عن رفع الاذان عدة مرات في اليوم خلال الليل وفي ساعات الصباح الباكر".
قطع الكهرباء عن سماعات الأقصى
"لم ينقطع صوت الآذان الصادر من المسجد الأقصى يوما، إلا أيام أحداث المسجد الأقصى، حين كانوا يمنعون دخول الشبان، ويضربون النساء عند أبوابه، ويقتحمونه مدججين بالأسلحة، حينها أيضا كانوا يتعمدون قطع الكهرباء عن سماعات المسجد في أوقات الصلاة كي يمنعوا الآذان" هذا ما قاله علاء حداد أحد سكان البلدة القديمة في القدس.
اضطهاد ديني
رئيس دائرة المخطوطات في المسجد الأقصى ناجح بكيرات وضح الأهداف التي يسعى الإحتلال لتحقيقها من خلال منع الآذان، أولا: تجفيف الهوية العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، فالمسجد الأقصى يعتبر من المساجد التي تشد اليها الرحال، ثانيا: خلق هجرة داخلية من خلال التضييق على المقدسيين في عقيدتهم، فيصبح المقدسي غير قادر على أداء شعائره في بلدته، وثالثا: ان في منع الأذان في المسجد الأقصى تمهيد لمنع الصلاة فيه، وهذه أخطر النقاط كما يقول بكيرات، فهذا اضطهاد ديني واضح.
القانون من وجهة نظر قانونية
يعتبر المحامي رائد بشير مشروع قانون منع الآذان جاء بضغط من المستوطنين الذين باتوا في الفترة الأخيرة يفرضون أجندتهم على حكومة الإحتلال كونها حكومة يمينية متطرفة.
ويشرح بشير وجهة النظر القانونية من هذا القانون:" القانون الدولي وكل القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان تتحدث عن حرية العبادة والمعتقدات، وكل انسان له الحق في أداء شعائره، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن تصدر قوانين تخالف قوانين دولية متعلقة بحرية العبادة".
ردود الفعل
اخترق مجموعة من "الهاكرز" بث القناة العبرية الثانية وأذاعوا الآذان.
النائبين العربيين في الكنيست طلب أبو عرار وأحمد الطيبي رفعوا الآذان داخل الكنيست، والنائبة حنين الزغبي علقت على القانون:" من يزعجه صوت الآذان عليه العودة الى أوروبا.
في يافا صرخت الحناجر الخارجة في مسيرة تندد بالقانون : " نتنياهو يا جبان .. مش رح يسكت الآذان"، وقام شاب من مدينة رهط في الداخل الفلسطيني المحتل برفع الآذان من أحد شوارعها، أما أهل غزة فخرجوا في مسيرة حاشدة رافضين القرار.
وزير الأوقاف يوسف إدعيس اعتبر القانون عنصرية تجاوزت الأبعاد السياسية، والمطران عطا الله حنا قال: " الاحتلال يستهدف المساجد، وغدا اجراس الكنائس".
حتى جماهير كرة القدم في مباراة بين ناديي اخاء الناصرة وأبناء اللد رفعوا الآذان تنديدا بالقرار، وجماهير نادي الوحدات الأردني خلال مباراة للفريق رفعوا الآذان.
في الجزائر نظمت وقفات تندد بالقرار، وفي لبنان وتحديدا في مخيم الجليل خرجت مسيرة، أما طلاب الجامعة الأردنية رفعوا الآذان في ساحات جامعتهم.
ونشطاء مواقع التواصل الإجتماعي تفاعلوا عبر هاشتاغ "لن تسكت المآذن" والذي لاقى صدى كبير على الصعيد المحلي والعربي.
على الصعيد الدولي طالب الرئيس التركي أردوغان رئيس الاحتلال ريفلين بإلغاء مشروع القانون عبر مكالمة هاتفية.
ليست المرة الأولى
محاولات عدة لإسكات الآذان سبقت هذا القانون، فقبل عشر سنوات، المساجد في مدينة عكا وتحديدا في حي "وولفسون" منعت من رفع الأذان، وبعد أن عدل الإحتلال عن قراره اشترط ألا يسبق الآذان بتلاوة لآيات القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت، وألا يرفع مساء أيام الجمعة مراعاة لدخول عطلة السبت لدى اليهود.
بعد ذلك بخمس سنوات، وكما ورد في موقع الجزيرة أن صحيفة بريطانية تحدثت عن مشروع قانون يضيق الخناق على المساجد التي تستخدم مكبرات الصوت في رفع الأذان، وأنه تسبب في انقسام مجلس الوزراء الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو.
وفي عام 2014 قدم حزب "إسرائيل بيتنا" مشروع قانون يمنح وزير الداخلية صلاحية توقيع مرسوم يمنع فيه استخدام مكبرات الصوت في كُلِّ مكان يُعتَبَرُ "بيتا للصلاة"، لكن القانون جُمِّدَ بسبب حَلِّ الكنيست في ذلك الوقت.