الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:14 AM
الظهر 11:48 AM
العصر 2:36 PM
المغرب 5:01 PM
العشاء 6:21 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

بعد 12 عاماً على رحيله الغامض..ابو شريف: لغز وفاة عرفات لن يُحل قريباً

رام الله-راية

أدهم مناصرة

مرّ ١٢ عاماً على الغياب الغامض للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عن عمر ناهز ال75 عاماً، فيما لم تُحسم حتى اللحظة الإجابة على ابرز الأسئلة التي شغلت الفلسطينيين والعرب من قبيل: "هل اغتيل عرفات؟، وكيف؟، ومن نفذ؟"، بالرغم من التقارير والتحقيقات التي أجريت على مدار السنوات الماضية لحل لغز الوفاة. ودعم تقرير سويسري قبل أكثر من 3 سنوات فرضية الوفاة نتيجة التسمم بالبولونيوم المشع، بعد العثور على آثاره في مقتنياته وملابسه، إلا أن هذه الفرضية لم تُؤكد حتى بعد اخراج رفات من قبر عرفات لفحصها.

بسام أبو شريف مستشار عرفات قال ل"راية" إنه اغتيل بنفس السم الذي قتل القيادي في الجبهة الشعبية وديع حداد، وإن التحقيقات التي أشارت إلى تسمم عرفات بأشعة البولونيوم، محاولة لتشتيت النظر عن السُّم الحقيقي، مشيراً إلى أن الفرنسيين علموا منذ اللحظة الأولى بسبب الوفاة وطبيعة السم ولكنهم قرروا إخفاء الحقيقة.

الزميل أدهم مناصرة حاور بسام أبو شريف حول تطورات التحقيق في ظروف وفاة ياسر عرفات، وطبيعة السم الذي بسببه توفي، وحقيقة تحذير أبو شريف للرئيس الراحل قبل وفاته بنحو عام بأن إسرائيل تخطط لاغتياله بالسم، ولكن أحداً من قادة الأمن لم يأخذ بكلامه:



سيد بسام، يُحيي الفلسطينيون هذه الأيام الذكرى الثانية عشرة لرحيل ياسر عرفات، ولكن دون إجابة واضحة حول حيثيات وفاته حتى الآن، برأيك هل اقتربنا من الحقيقة؟

أبو شريف: تاريخنا يثبت أن العدو يخفي جرائمه لفترات طويلة وينكرها إلى أن تمضي سنوات طويلة حتى يعترف احد قادته الأمنية خلال مذكرات بالمسؤولية عن اغتيال شخصيات فلسطينية معينة، كما في حالة الشهيد وديع حداد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث بقيت تُنكر إسرائيل مسؤوليتها عن اغتياله لثلاثين عاماً، إلى أن اعترف الموساد الإسرائيلي قبل سنوات فقط بأنه هو من اغتال حداد في مقر اقامته بالعاصمة العراقية بغداد، قبل تسعة وثلاثين عاماً بواسطة شوكولاته "بلجيكية" مسمومة.

واريد أن أنوه بأن الموساد أراد التمويه بخصوص الطريقة المتمثلة ب"الشوكولاتة" حتى لا يكشف هوية من وضع السم للشهيد، لأن حداد لم يكن يحب الشوكولاتة، فقد وُضع السُّم بفنجان القهوة، وقد اخبرني منذ الوهلة الأولى بأنه "من أول رشفة، شعر بتقلب بمعدته واستفرغ".

يعني تُريد أن تقول إننا سننتظر عشرات السنوات حتى يعترف الموساد باغتيال أبو عمار، على غرار الشهيد حداد؟

أبو شريف: نعم، تماماً، وبالنسبة لياسر عرفات صديقي وقائدي وحبيبي، قمت عام 2003، أي قبل عام من وفاته، بتنبيهه وتحذيره شفوياً وبرسالة مكتوبة تم توزيعها على كل القيادات حينها مفادها أن هناك مخططاً إسرائيلياً لاغتياله بالسم، غير أنّ بعض الأخوة والذين هم بمناصب عالية في المقاطعة الآن، قالوا إن التقرير غير سليم وإنهم لا يثقون به، لكني واصلتُ التحذير أكثر من مرة، وكان آخرها في اجتماع تواجد فيه جميع مسئولي الأجهزة الأمنية. اقترحت حينها عدم تناول الشهيد عرفات أي شيء من مطبخه، وأنا وزوجتي نتكفل بإعداد الطعام من الألف إلى الياء، لكن أحداً لم يتجاوب.

ما الذي جعلك تحذر من اغتيال عرفات بالسم تحديداً، وبشكل استباقي؟

أبو شريف: هناك مؤشرات عدة دفعتني إلى التحذير من ذلك قبل وفاته بعام، فعندما أقدمت إسرائيل على ضرب مقر المقاطعة في رام الله وفرض حصار على ياسر عرفات، أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارائيل شارون وعداً للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بأنه لن يمس بعرفات جسدياً من خلال المدافع والرصاص، ما يعني فتح الباب أمام قتله بطريقة أخرى. فيما ركزت حكومة تل أبيب حينها على تشويه صورة عرفات عالمياً وانه إرهابي، ودرجت العادة أن تقوم إسرائيل بذلك عندما تريد التخلص من أي فلسطيني لا ترغب به دون أن يلقى تعاطفاً عالمياً.

وما زاد خشيتي ما قاله لي أحد الصحفيين الإسرائيليين المعروف بتوجهه اليساري بأنه سمع وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك شاؤول موفاز يهمس في أذن شارون خلال إحدى الإجتماعات، قائلاً: "وجدت طريقة سهلة للتخلص من عرفات دون أن يتهمنا أحد".

برأيك، ومن خلال متابعتك، إسرائيل اغتالت أبا عمار بنفس السم الذي اغتالت به وديع حداد؟، وماذا عن البولونيوم المشع؟

استبعدُ أن يكون عرفات تعرض للاغتيال بأشعة البولونيوم، فمن خلال معايشتي للأعراض التي انتابت وديع حداد بعد تسممه، فإنها ذاتها التي لازمت الشهيد ياسر عرفات، عدا إنني دارس للكيمياء وأجريت بحوثاً عدة، وإسرائيل هي الدولة الوحيدة عالمياً التي طورت سُماً يُدعى "ثاليوم" واستخدمته في اغتيال وديع حداد، وحاولت دسه لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في عمان إبان التسعينيات، ولولا تمكن الدولة الأردنية من الإمساك بعملاء الموساد ومبادلتهم ب "الترياق" (المادة المضادة للسم)، لكان مشعل شهيداً.

وهذا السم يأكل الجسد تدريجياً إلى أن يصل إلى الدماغ فيقضي على المريض. وأرسلتُ اسم هذا السم للجهات المعنية وذكرت ذلك للجنة التحقيق الفلسطينية.
واستذكر تحقيقاً كان يُعده صحفي بريطاني قبل سنتين للبحث في ظروف وفاة ياسر عرفات، وقابلني، كما قابل مسئولين إسرائيليين، وذكر لي ذات مرة: "إنه عرف اسم السم الذي اغتيل به عرفات، وفقاً لما أكده له أهم خبير بالسموم الجنائية في انجلترا ومُحلف لدى المحاكم البريطانية  هو ديفيد روس". وقلتُ له: انتظر، وكتبت اسمه على الدفتر الذي كان معه "ثاليوم". واجابني: نعم، هو.

غير أن هذا الصحفي البريطاني لا اعرف لماذا لم ينشر تحقيقه حول ذلك؟، وأين اختفى؟: يبدو "تم إسكاته".

ولماذا تم الحديث من لجنة التحقيق السويسرية عن البولونيوم المشع؟

أبو شريف: يريدون حرف الأنظار وتشتيتها عن السم الحقيقي، كما أن التحقيق ونبش القبر بعد 6 سنوات من وفاته غير مُجدٍ وذرٌ للرماد في العيون، لأن الفاعل يكون قد تمكن خلال هذه الفترة من محو جريمته والطريقة التي استخدمها بعناية تامة. أهمية التحقيق تبدأ منذ اليوم الأول لوصول الراحل ياسر عرفات إلى مشفى "بيرسي" في فرنسا، وأنا متأكد من أن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك والأطباء الفرنسيين يعرفون الحقيقة، ولكنهم أخفوها لأسباب سياسية، لمنع تأجيج الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، ولحماية ما يسمونها "العملية السلمية".

لنعد إلى سم "ثاليوم"، أنت دارسٌ للكيمياء، وقلت انك أجريت بحوثاً حول ماهيته وأعراضه، مُستنداً على معايشتك لحالتي حداد وعرفات، ما هي طبيعة هذا السم؟

أبو شريف: هذا السم لا رائحة ولا لون ولا طعم له ويمكن وضعُه من خلال نقطة إلى نقطتين في الماء والشاي وصحن الفاكهة والدواء، دون أن يتمكن أحد من ملاحظته، ومجرد دخوله منطقة الذوق يبدأ بالانتشار في الجسم خلال 6 ساعات، وإذا لم يُعطَ الترياق في الوقت المناسب، ينتهي المصاب ويبدأ السم بتدمير مناعة الجسم وأجهزته الداخلية تدريجياً، وشيئاً فشيئاً، على مدار ثمانية أشهر أو عام، حسب قوة الجسم.

وعرفت بهذا السم من وزير الأمن في ألمانيا الشرقية أواخر السبعينيات (لم تكن ألمانيا موحدة حينها)، حيث كان يُعالج بها وديع حداد إلى أن توفي، وأبلغني هذا الوزير بينما كنت بمعية الحكيم جورج حبش في برلين ان حداد توفي بسم غريب غير معروف لديهم، ويدخل بمسام الذوق باللسان ثم ينتشر بالجسم، وحذرنا الوزير من أكل أو شرب شيء من مصادر غير موثوق بها.

ما هو تقييمك للجنة التحقيق الفلسطينية، هل باعتقادك أحدثت اختراقاً باتجاه الكشف عن سبب الوفاة وهوية الفاعل؟

أبو شريف: لجنة التحقيق الفلسطينية، لا تملك الأدوات الكافية لتحقيق تقدم على هذا الصعيد، لكن رئيس اللجنة اللواء توفيق الطيراوي أخبرني في الفترة الأخيرة، أنهم توصلوا إلى الشخص الذي دس السم للرئيس الراحل بَيْدَ أنه لم يقل لي "مَن"، ولم اسمع انه أعلن عن ذلك لرأي العام، لاشك أن هناك جهات لها مصلحة في إخفاء الحقيقة، التحقيق الآن لا جدوى منه وجاء لامتصاص شيء ما.

باعتقادك من دس السم للراحل عرفات موجود بداخل فلسطين أم خارجها؟

أبو شريف: لا اعرف، ولكن لا بد أن تكون اليد مقربة منه، وهذا الأرجح لأن وديع حداد شرب فنجان القهوة الذي يحتوي على السم بعد أن قدمه له أحد الأشخاص مباشرة.
في النهاية الأمر، القصة تتلخص في أن ياسر عرفات تم اغتياله، وشارون هيأ المناخ الإقليمي والعالمي لهذا الاغتيال تدريجياً، وتم تغطية ذلك  للأسف من قبل بعض الجهات الفلسطينية التي كانت تجتمع سراً مع الإسرائيليين من أجل تقليص صلاحيات عرفات آنذاك.

عن بسام أبو شريف:

بسام أبو شريف (مواليد 1946) وأحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . وكان قد خسر أربعة أصابع وعين وجزء كبير من السمع عندما انفجرت قنبلة في يده في بيروت في عام 1972 خلال محاولة اغتيال عن طريق طرد بريدي مفخخ.

وقدم أبو شريف إلى بيروت للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت في سن ال17. تعرف في بيروت على جورج حبش وانتسب إلى حركة القوميين العرب ومن بعدها إلى الجبهة. عمل في جريدة الهدف مع غسان كنفاني .

Loading...