"العطار".. صورة الفقر في غزة
غزة- رايــة:
سامح أبو دية-
الفقر علّة تتفشّى في جسد قطاع غزة المُنهك اقتصاديا واجتماعيا، يفتك ويضرب ويشرّد آلاف العائلات، وقد يبدو القطاع في ظروف هي الأصعب عبر تاريخه.
أسرة الغزي "رمضان محمود العطار" تعيش في ظروف تفوق كل التوقعات، فالفقر يضرب كل أفرادها، ويظهر في معظم جوانب مسكنهم البسيط، الذي يشبه "الخيمة" أو أقل.
بين الحيوانات الضالة، والحشرات، تعيش الأسرة في منطقة نائية شمال قطاع غزة، وتفتقر لأدنى مستويات الأمن والغذاء والصحة، بعد أن طردهم "الفقر" من البيت المستأجر منذ أشهر.
تعيش أسرة العطار بين 4 جدران قديمة، تسقفها ألواح معدنية "زينكو" مهترئة، أرضيتها من رمال الشوارع، فيما تنعدم في مسكنهم دورة المياه وحمام للاستحمام.
رب الأسرة المريض رمضان العطار (32 عاما)، يعيش معه والده المسن رفقة أطفاله الأربعة وزوجته، في مساحة لا تتعدى 30 متراً، تقول الزوجة شيرين: "كل شيء من عند الجيران، ليس لدينا ثلاجة ولا غسالة ولا تلفاز، طعامنا يملأه الرمل، الحشرات تكاد تأكل أجسادنا".
كانت العائلة تعيش في بيت مستأجر، الى أن تراكمت ديونهم لصاحبه وبات لا يحتمل، فقرر طردهم، تقول شيرين (29 عاما): "لا يمكن لأحد تصور كيف نعيش هنا، حتى استحمامنا بطريقة بدائية".
أخيرا تحقق للأطفال أمنيتهم ودخلوا المدرسة بعد غيابهم لأسابيع لعدم توفر الملابس المدرسية والقرطاسية.
تأخر الشتاء هذا الموسم، قد يكون رأفة بهذه الأسرة وبأطفالها، ولكن البرد بدأ يدخل البيت "كضيف ثقيل هذا العام"، سيغرق المنزل دون شك؛ عند هطول أول قطرات المياه الفعلية، بل قبل هطوله بدأت الأطفال بالشعور بالبرد.
عادت الأم لتحدثنا عن موقف حدث قبل أيام، فقد خرج من جوارهم صاروخ محلي صوته "مخيف"، ارتعب الأطفال وهربوا لأحضان أمهم يقولون لها "يلا نهرب"، فترد عليهم "الى أين؟"، يجيبون "الى الشارع"، فتقول لهم ولم تتمالك دموعها أمامهم "احنا في الشارع، لا تخافوا".
وعند سؤال المواطن العطار بما يعرفه عن "اليوم العالم لمكافحة الفقر" والذي صادف قبل أيام، فلم يكن يعلم من قبل، ولكنه يضيف: "كل الفقر اللي في العالم عندي، كل يوم فقر، كل يوم أشعل شموع للاحتفال بالفقر".
الشتاء ببرده وأمطاره، الجوع وتوابله المُرّة، تلك جبهات تنتظر هذه العائلة التي لا تملك ما يمكنها من التصدي.