سمك أبو تركي.. قوت للناس بالمجان وثروة سماد للأرض

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين-

الطموح… مساحة يملكها الإنسان ولا يستطيع حتى أكثر الناس تسامحا أن يتنازل عنها لأحد. وهذه المساحة هي التي وفرت للمزارع إسحق أبو تركي، ابن التاسعة والأربعين الوصفة السحرية ليتميز بمزروعاته منذ ثلاثة عشر عاما ونيف ليس على مستوى قريته "خربة قلقس" جنوبي الخليل فحسب بل على مستوى الضفة الغربية، والحديث هنا عن سماد السمك.

وبفكرة طرأت على رأسه مصادفة أو في "لحظة تجل فكري" كما يصفها أبو تركي بدأ مشواره… وها نحن اليوم نرافقه رحلته وهو يستذكر تفاصيل البداية بفخر.

"الحياة لا تعطي دروساً مجانية" قال أبو تركي وهو يساعدنا على تجاوز الباب الحديدي الذي يحمي بركة السمك قرب منزله، فهذه البركة بما فيها تقدر بآلاف الشواكل. وبحرص والد حنون بدأ ينثر الخبز اليابس وخلطة طعام خاصة في البركة فيما تتقافز الأسماك بفرح لتتلقف قوتها ونصيبها، مشكلة في قفزاتها المبعثرة لوحة أشبه بفراشات تتراقص حول النار مزهوة بجمال ألوانها.

"بركة السمك أنشأتها منذ 13 عاما، ونفذت الفكرة حباً بالسمك واهتماما بالزراعة، لأني بدل استخدام سماد البقر والغنم، استخدم سماد السمك كونه يزيد الانتاج، فنحن لا نستخدم في أرضنا سمادا عضويا ولا عاديا باستثناء سماد السمك"، قال أبو تركي محاولا شرح الفرق بين أنواع السماد المختلفة.

ولا تعد عملية انتاج سماد السمك صعبة أو معقدة برأي أبو تركي فهي ببساطة تتلخص في أن يكون هناك أسماكا في البركة وكلما زادت كانت سرعة التسميد أكبر، ويتمثل السماد بالماء التي تنفست بها الأسماك، اضافة لموت بعضها وتحللها داخل البركة، وبطبيعة الحال بين فترة وأخرى يتم سحبها وريّها للمزروعات واستبدالها بمياه جديدة لتكرير عملية التسميد بذات الطريقة.

يربي أبو تركي سمك (الزينة والمشط) كما يقول: "للسمك تربية خاصة، ومتابعة يومية، يحتاج لثلاث وجبات يوميا، وتغيير المياه وغيرها من أمور العناية والمحافظة عليه". كما أن سماد السمك أفضل جودة من السماد العضوي أو أي نوع آخر، وبالتالي تضاعف انتاجية المزروعات. قال اسحاق.

وقد اعتمد ابو تركي  تربية السمك في بداية الأمر لدواعٍ زراعية، حيث اتسمت مزرعته بالعناية والاهتمام لشغفه وتمسكه بالأرض.ولم يبخل إسحاق على زملائه المزارعين بالنصيحة  "سمك المشط يضمن وجود سماد ممتاز للأرض. لكن كل ذلك يحتاج متابعة مع مختصين، بالإضافة لتوفير برك خاصة ومهندسين يتابعون السمك".

وتتباين أعداد الأسماك بشكل ملحوظ بين بداية تربية اسحاق لها والآن. قال أبو تركي: "قبل13 عاما اشتريت 55 سمكة، والآن عندي 20 الف سمكة، لكن قبل فترة أصيبت بالتسمم فأدت لوفاة الآلاف منها".

يقال "المركب الذي لا خير فيه يغرق" واسحاق يعتنق هذه المقولة بكل جوارحه، فهو لا يبيع السمك، ومن يذهب إليه مشترياً يقدمه إليه مجاناً بغض النظر عن الكمية، مؤكداً أن هدفه ليس التجارة وإنما لغرض سماد الزراعة الى جانب جمالية السمك.

ويبدو أن العلاقة المميزة بين أبو تركي وسمكاته لم تحل دون التلذذ بطعمها بين الحبن والآخر إلى أن بات يفضلها على اللحوم الحمراء “أحب سمك المشط الذي وصل وزن السمكة الواحدة قرابة اثنين كيلو ونصف “