بالصور.. "الزراعة المائية" زراعة المستقبل في غزة
غزة – راية
سامح أبو دية-
الزراعة بدون تربة أو ما تُعرف بـ "الزراعة المائية" هي زراعة حضارية آمنة وفكرة جديدة كلياً تم تطبيقها بنجاح لافت في قطاع غزة، منذ عام 2012 ولا زالت قيد الدراسة والبحث العلمي، وهي الحل الأمثل للأشخاص الذين يحبون الزراعة في المنزل ولا يمتلكون الحدائق والمساحات، ولكن هناك مزارعين لجأوا للاستزراع المائي بديلاً للزراعة التقليدية في التربة وبدأوا بحصد ثمار النجاح.
تجربة المزارع اياد العطار هي التجربة الأكثر نجاحاً في قطاع غزة وعلى المستوى العربي، فقد استطاع بعد محاولات فاشلة أن يقفز عدة مراحل في تطوير تلك الزراعة، وتمكن من زراعة المحاصيل الثمرية بنجاح لأول مرة كالخيار والفاصولياء والفراولة، فضلاً عن المحاصيل الورقية، ضمن مشروع على مساحة 200 متر فقط، وذلك بعد دراسات وأبحاث علمية أجراها مع مختصين في منظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو".
جودة عالية آمنة
المزارع العطار (40 عاماً) صاحب أول تجربة ناجحة في الزراعة المائية؛ يؤكد أن الزراعة المائية توفر المياه بنسبة 80% للمحاصيل الثمرية وبنسبة 90% للمحاصيل الورقية، وهي تقضي على مشكلة شح المياه التي يعاني منها المزارع وخاصة في قطاع غزة، كما أنها موفرة للمحراث والأيدي العاملة وللأسمدة بنسبة 70%، فضلاً عن توفيرها للأدوية والكيماويات والمبيدات التي تؤثر على صحة المستهلك وخاصة الأدوية العصارية المستخدمة في الزراعة التقليدية والتي تساعد على سرعة نمو النباتات.
ويتم استخدام مُغذيات ذائبة في الماء دون اللجوء إلى التربة أو الرمال، حيث تتغذى جذور النباتات المزروعة في الماء على محاليل عضوية طبيعية توضع داخل الأحواض الممتلئة بالماء، والذي يبقى متحركاً لمدة 12 ساعة يومياً بواسطة مجسات كهربائية خاصة؛ بهدف توفير الأوكسجين اللازم لتنفس الجذور، وهو ما يُشكل تحدياً اضافياً في ظل ازمة الكهرباء المتفاقمة في القطاع.
ولكن المزارع العطار استطاع أن يتغلب على تلك المشكلة عبر استخدام أنظمة خلايا الطاقة الشمسية كبديل في حال انقطاع التيار الكهربائي.
ويمكن لزائر المشروع أن يلاحظ الفرق واضحاً بين النباتات المزروعة في التربة ونظيرتها المزروعة في الماء، من حيث شكلها الأكثر نضجاً وصحة، فضلاً عن سرعة نضج النباتات المائية مقارنة بالمزروعة في التربة والتي تم زراعتها بالتزامن.
ويقول العطار: "يتم معالجة النباتات بالطرق البيولوجية أيضاً، بعصير الثوم وبعصير الفلفل الحار وبعض المواد العضوية التي لا تضر بصحة الانسان"، مشيراً إلى أن الأشتال التي يتم جلبها من مشاتل القطاع يتم فحصها بالطرق العلمية وتعقيمها قبل زراعتها في الماء خوفاً من حملها للأمراض أو الآفات الزراعية.
تكلفة باهظة
أما التكلفة الانشائية لمشروع استزراع مائي فهو يعادل 40 ألف دولار أمريكي لكل دونم من المساحة، ولكن انتاجية الزراعة المائية تعادل 10 أضعاف الزراعة التقليدية "التربة".
ويتميز المشروع الصغير الخاص بالعطار بنجاحه في انتاج الصنف الثمري والورقي معاً، بعد رحلة كانت مليئة بالتعب والارهاق والدراسة والبحث استمرت 4 سنوات، رغم الاغلاق والضعف المادي وتعرض مشاريعه الزراعية لأضرار خلال الحرب الأخيرة على غزة قدرتها وزارة الزراعة بـ 50 ألف دولار.
زراعة المستقبل
وتعتبر الزراعة المائية هي مستقبل قطاع غزة دون شك؛ في ظل الزحف العمراني الكبير الذي يشهده وتقليص المساحات الزراعية، وبكل تأكيد سيفرض على الغزيين مستقبلاً اللجوء لمشاريع الاستزراع المائي خاصة وأن العديد من التقارير المحلية والدولية حذرت من تفاقم مشكلة المياه بشكل كبير في غزة.
ودعا العطار الجهات المختصة ووزارة الزراعة وجميع المستثمرين بدعم مشروعه لتطويره للمرحلة التجارية وتعميمه على باقي المزارعين من أجل توفير ثمار آمنة تغطي حاجة السوق المحلي.
آفاق جديدة
من جانبه، أكد نزار الوحيدي مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة بغزة، أن منتجات الزراعة المائية تمتاز بجودتها العالية وسلامته من أضرار المبيدات.
وأشار الوحيدي الى أن الأنظمة الحديثة للزراعة بدون تربة "المائية"، تساعد في التغلب على مشكلة شح المياه في غزة وقلة المساحات الزراعية، وهو يفتح آفاق لتنفيذ هذا النوع من الزراعة فوق أسطح المنازل والمدارس والجامعات وغيرها، كونها لا تحتاج إلى مساحة كبيرة.
وأوضح أن الزراعة المائية في قطاع غزة ما تزال في طور النمو وتواجه بعض التحديات منها نقص الخبرة الكافية لدى المزارعين وافتقار السوق المحلي لبعض التقنيات الحديثة اللازمة، اضافة لارتفاع التكلفة التأسيسية لمشاريع الزراعة المائية.