مكتبة بلدية طولكرم منارة ثقافية في مكان لا يليق بها

طولكرم - رايـــة:

ملاك أبو عيشة-

أثناء تجولك في شوارع مدينة طولكرم يقع بصرك على لافتة فوق باب صغير كتب عليها "مكتبة بلدية طولكرم العامة"، وبجانب هذا الباب تجد بائع بيض يبيع بضاعته بصخب، وأصوات بائعي الخضرة تصدح في السوق القريب، وطفل صغير يتكئ على عربايته بانتظار زبون يوصله بمشترياته، تدخل المكتبة لتجد نفسك في عالم آخر، عالم يفوح من بين ثناياها رائحة الثقافة والمعرفة يشوبه فقط صوت الباعة القادم من الخارج.

تأسست مكتبة بلدية طولكرم العامة في العام 1956م بقرار مجلس بلدي وعين الموظف (راضي تايه) قيما للمكتبة في حينه حيث افتتحت لمدة سنتين ليتم اغلاقها بعد عامين لأسباب سياسية تتعلق بالمملكة الأردنية الهاشمية حيث اعتبرتها مركزاً للأحزاب والمثقفين، ولكن أعيد فتح أبواب المكتبة رسمياً في العام 1976م ليكون أول مدير لها ابراهيم زقوت ( الشاعر).

ومورست رقابة عسكرية صارمة من الحكم العسكري و الإدارة المدنية على المكتبة حيث كان يتم ارسال قائمة بكتب ممنوع تواجدها في المكتبة ووجوب اتلافها، ولكن ادارة المكتبة لم تكن تلتزم بهذه القوائم بل كان تخفي الكتاب عن الرفوف ولا تتلفه.

تحتوي المكتبة اليوم على 30 ألف كتاب قديم وحديث، وفيها مراجع، ومخطوطات، وأمهات الكتب، ودوريات، وأرشيف للصحف.

ويقول مدير مكتبة بلدية طولكرم العامة صلاح عمارة:"هناك خلل تاريخي وظلم للمكتبة حيث تم اعتبار مكتبة بلدية نابلس على أنها اول مكتبة في فلسطين مع العلم أن مكتبة طولكرم أقدم، وتوجهنا بكتب للحكومة ولكننا لم نتلق أي رد يذكر".

ويقدر عمارة عدد رواد المكتبة يومياً بما يتراوح بين 50 إلى 120 زائر، وتقوم المكتبة بعدد من الأنشطة المتنوعة من ندوات ثقافية، وورشات تدريبية في مجال الخط، ولقاءات مع كُتاب وشعراء، ومناقشة لروايات وإطلاقها.

ويبلغ عدد موظفي المكتبة تسعة موظفين، ويقول عمارة:"وما زلنا نطالب البلدية ببديل ولكن دون تعيين أي أحد حتى الآن مع العلم أن قسم الفهرسة والتصنيف من أهم أقسام المكتبة، وأن أي تأخير ستفقد به المكتبة عنصر أصيل من أهم أعمالها".

ومن المشاكل التي تعاني منها المكتبة الافتقار لمكان للمراجع حيث ورد في القانون وجوب فصل المراجع عن الكتب العادية، وللآن ليس هناك أي تغيير على أرض الواقع، وكذلك ما يسببه سوق الخضرة القريب للمكتبة من أثر كثيراً على جو الهدوء المطلوب في المكتبة، وحتى في بعض الاحيان يكون البائعين أمام باب المكتبة.

ويطمح عمارة إلى إنشاء مكتبة الكترونية للمكتبة العامة، وصنع مسرح دمى متنقل للأطفال للوصول لهم في أحيائهم وقراهم، وأن يتم انشاء مكتبات فرعية في ضواحي مدينة طولكرم.

وفي السياق ذاته يقول أحد مرتادي المكتبة مصعب أبو صلاح:"مكتبة بلدية طولكرم متميزة بخدماتها حيث أنني أجد فيها أغلبية الكتب التي أحتاجها في رسالة الماجستير التي أعمل عليها في الوقت الحالي، والمراجع التي فيها غنية بالمعلومات التي أريدها".