مخيم شعفاط .. 1200 كومبارس وبطل واحد
رام الله- رايــة:
فداء الرويضي- ما أن أشرقت شمس الصباح على مخيم شعفاط، حتى بات أشبه بثكنة عسكرية مغلقة، الجنود في كل زاوية، ألف ومئتا جندي انتشروا في أزقة المخيم واعتلوا الأسطح وأغلقوا الطرقات وحاصروا منازل شهداء المخيم الثلاثة (ابراهيم العكاري، محمد علي، أحمد صلاح).
الطلاب متوجهون الى مدارسهم وبين كل طالب وآخر جندي بلباس عسكرية وخوذة وسلاح، وفي الزوايا الأخرى جرافات عسكرية، ومروحيات تحلق في سماء المخيم أخفت شمس الصباح التي كانت قد أشرقت قبل قليل على المخيم.
أغلقت القوات حاجز مخيم شعفاط ومنعت الطواقم الطبية والصحفية من الدخول، حاصرته، وما هي الا دقائق حتى بات المشهد كفيلم هوليودي؛ 1200 كومبارس أخافهم بطل واحد رغم أنه في قبره: "الشهيد ابراهيم العكاري"، الذي نفذ عملية دهس العام الماضي في حي الشيخ جراح قتل خلالها مستوطنا وأصاب عشرة آخرين، ثم ترجل من سيارته وبدأ بضرب المستوطنين بقضيب حديدي.
التفّ الجنود حول بيت الشهيد العكاري كحيوانات جائعة بانتظار التهام فريسة، وبدأوا بإحداث ثقوب في الجدران بأدوات حفر يدوية، والأنظار كلها تتجه الى منزل الشهيد، وعلى بعد أمتار دار اشتباك مسلح بين الشبان وقوات الاحتلال، الضابط الاسرائيلي من غرفة التحكم يعد "واحد .. اثنان .. ثلاثة"، علا صوت الانفجار، وتصاعد دخان كثيف من منزل كان يأوي الشهيد وعائلته يوما.
في المخيم الذي تبلغ مساحة 200 دونم تقريبا بين قريتي عناتا وشعفاط في القدس المحتلة، تحول منزل الشهيد العكاري المكون من ثلاثة طوابق إلى ركام. مساحة الطابق الأرضي 200 مترا، يعيش فيه مناصفة شقيقه أيوب وأسرته المكونة من أربعة أفراد، وكذلك شقيقاته، وفي الطابق الثاني يعيش شقيقه منصور وأسرته المكونة من ستة أفراد، أما الطابق الثالث فتعيش فيه زوجة الشهيد وأطفاله الخمسة، جميع هذه الطوابق تضررت من عملية التفجير، علما أن بموجب التقرير الهندسي الصادر عن وزارة الحرب الاسرائيلية يقضي بـ"هدم منزل العكاري بالمتفجرات مع الحفاظ على المنازل المجاورة". لكن منصور العكاري شقيق الشهيد قال لـ راية: "حضر مهندس إلى موقع المنزل وأكد أن 30 % من المنازل المجاورة تضررت وبحاجة لترميمات فورية .. وأنا لا اشعر بالامان على أسرتي وأسر أشقائي"، يذكر أن البناية قائمة منذ خمسين عاما.
لم تمضِ دقائق على انسحاب قوات الاحتلال من المخيم بعد مواجهات عنيفة، حتى خرجت مسيرة حاشدة اتجهت الى بيت الشهيد الذي لم يبقَ منه سوى الركام. هتف المتظاهرون بأنهم سيعيدون بناء المنزل عما قريب، واحتشد الصغار قبل الكبار وشرعوا بإزالة الركام، وبدأوا بجمع التبرعات.
أهل المخيم الذين تناوبوا على حراسة منزل الشهيد العكاري العام الماضي فور صدور قرار الهدم، لم يتركوا أسرة الشهيد، فلم تمض أربع ساعات حتى استأجروا لهم منزلا جديدا وتبرع آخر بكامل الأدوات الكهربائية، وثالث بعفش المنزل.