"زومبي"
الكاتب: رامي مهداوي
بقلم: رامي مهداوي
عزيزي خطاب...
أتمنى أن تكون بصحة جيدة.. وأحوالك بخير أنت وجميع من حولك. جميع من حولي مصابين بحالة من الإكتئاب، ورغم وجود الشمس في السماء ووجود عدد من الغيوم غير الماطرةأيضاً!! إلا أن الأغلب لا يشاهد سوى الظلام، وفي الليل نجتمع بالمقهى أو البار لنلعن الظلام أو نهرب من الظلام بكلماتنا ورقصنا حتى تؤدي حركات أجسادنا نوع من التمرد على الذات قبل أن تكون على الآخرين.
كأننا أموات أحياء في القبور نختفي من الظلام الخارجي الى ظلام أنفسنا بأنفسنا، لأننا بدأنا نتأقلم مع ظلامنا الخاص ولم نعد نحتمل الظلام العام، فنهرب من الظلام الى الظلام وكأننا "زومبي" _الجثة المتحركة التي أثارت بها وسائل سحرية وجعلتها أشبه بمصاصي الدماء_ لكن جعل منّا ظلام الكآبة والأفق المعدوم أن نأكل لحم بعضنا العض بعكس المتعارف عليه، بأن يأكل الزومبي من هو ليس مصاب.
أصبح الظلام المحيط بنا يبرر لنا أكل لحوم بعضنا البعض، بطرق وأشكال وأدوات مختلفة متنوعة، دون أن يكون هناك حسيب أو رقيب. ندمر بيوت بعضنا البعض... نهتك قيمنا.. وننثر النميمة والخزعبلات من إشاعات قاتلة بالرغم إنها فارغة، القضية ليست قانون أو شريعة الغاب بل أسوء من ذلك، لأنه انعدمت رؤيا القوانين في الظلام الذي نراه، الجميع يريد أن يحافظ على ذاته.. ودائرته الأولى فقط، ليعتبر بأن القوانين التي تخدم المصلحة العامة بأنها قوانين وجدت ضده يجب أن يتمرد عليها لأن من وضعها هم أصحاب الظلام.. ومن صنع اللون الأسود حتى نراهم وهم يدمرون ذاتنا ومحيطها.
ولدي العزيز..
بالتأكيد هناك شمس تشرق كل يوم مهما إختلف الطقس.. مهما كانت حالة البحر مد أو جزر.. مهما أرادت النجوم والكواكب أن تستمر في ليلها فالشمس تبقى مستمرة بإشعاعها حتى يكون هناك قمر مضيء في ليالينا، لكن ربما الشمس تعبت وربما نحن أيضاً تعبنا. وربما حان الوقت أن نتمرد على القوانين التي ربطنا أنفسنا بها وكأننا عبيد للمجهول، نخشى ظلام الظالمين فنظلم أنفسنا بسواد النظر وفقدان الأمل.
جميع من حولي محبط.. كئيب .. حزين.. فاقد البصيرة، أصبحت أهرب منهم ومن الواقع بخلق واقع آخر لكنه لن يكون مظلم أو معتم لأني سأستمر في إشعال شمسي. وأنت كذلك يا ولدي عندما تكبر عليك أن تجدف معي _وربما وحدك_ ضد أمواج بحر الظلمات وهنا سر وسحر الحياة. وإلا سنجلس أنا وأنت في إحدى المقاهي نلعن الظلام الذي ورثناه من صانعي الظلام ونصبح "زومبي".
