قائد الجيش السوري الحر: لن نلتزم بأي نتائج تصدر عن جنيف 2
رام الله-رايــة:
أكد العقيد رياض الأسعد، مؤسس وقائد الجيش السوري الحر، أنه “لا الجيش الحر ولا فصائل كبيرة في الداخل السوري، ستلتزم بأية هدنة أو وقف لإطلاق النار، ينجم عن مفاوضات مؤتمر جنيف2″، وشكك بقدرة الائتلاف الوطني المعارض التأثير على الفصائل المقاتلة على الأرض.
واعتبر الأسعد، في لقاء خاص أجراه مع الأناضول في إسطنبول الاثنين، أن “التبعية للائتلاف من بعض الفئات المقاتلة تكون بسبب الدعم، وليست تبعية كاملة”، وانه “واهم من يعتقد بالتزام اي طرف بقرار قد يتخذه الائتلاف، لأن الشعب السوري اتخذ قرارا واضحا وهو اسقاط النظام، الذي لا يلتزم بأي هدنة أو اتفاق، وكان آخرها ما حصل في مدينة حمص الأسبوع الماضي”.
ومضى الأسعد بالقول “منذ البداية كنا ضد جنيف2، لعلمنا المسبق بأن هذا النظام كاذب، وليس له عهد أو ميثاق حتى أمام الدول، وهذا كان واضحا وجليا في جميع الاتفاقيات مع المجتمع الدولي، وفي محاولات وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وأكبر دليل ما حصل في حمص الأسبوع الماضي، بعد الاتفاق مع الأمم المتحدة، حيث قصف المركبات التابعة للأمم المتحدة، والذين خرجوا من المناطق المحاصرة نحو 500 شخص فقط”.
بالتوازي مع ذلك، أوضح أن “مؤتمر جنيف2 هو مراوغة للنظام، وكسب فيه أكثر مما خسر أمام المحافل الدولية، وأعطاه مكسباً وشرعية، حيث عقد اتفاقا مع الأمم المتحدة، ولم يعقده مع الائتلاف، وهذا دليل أنهم غير معترفين بالمجتمعين في جنيف، وهذه خسارة كبيرة للثورة”.
وانتقد قرار الائتلاف “الذي لم يستشر فيه حتى جزءا كبيرا من اعضائه، واضطرت فئة قليلة لتغيير النظام الداخلي في اتخاذ قرار الذهاب إلى جنيف2، في وقت كانت فيه هذه الفئة تتصل فقط مع بعض الكتائب التي تتعاون معها، دون التواصل مع كافة الكتائب الاخرى”.
ونفى أن تكون هناك إمكانية للاتفاق في المؤتمر “لأن النظام يحاور الأمم المتحدة، وليس الائتلاف، الذي لا يعترف فيه، ومفاوضات الجولة الأولى لم تسفر عن شيء، وبعد انتهائها اتفق النظام مع الأمم المتحدة. وجنيف2 لن يخرج منها قرارات، بل هي أوسلو أخرى، عبارة سنوات طويلة لن تفضي إلى نتائج، بل والأخطر أن تكون هناك اتفاقية سرية أميركية وروسية وإيرانية، والذين في المفاوضات هم موقعين عليها فقط، لإنتاج اتفاق طائف آخر كما حدث في لبنان، وتقسيم البلاد إلى كانتونات، الأمر الذي يضر بالثورة والشعب”.
أما فيما يتعلق بتماسك قوى المعارضة في مناطق ريف دمشق والمنطقة الجنوبية للعاصمة، وتشتتها شمالا، أكد الأسعد أنه “في شمال البلاد هناك صراع على الحدود لوضع اليد على كافة الإمدادات والدعم القادم من تركيا، وخاصة الإنسانية منها، حيث انتقلت بعض المجموعات من كافة المحافظات السورية إلى المنطقة الشمالية، وهو ما أظهر الثورة على أنها قتال بين الجماعات، وخلافات بينها”، مشددا على أنه “ليس هناك خلاف عقائدي، بل خلاف على الوجود والنفوذ فيما بينها”.
وأضاف أن “دمشق تاريخيا الشعب فيها متماسك، وله خصوصية في التعاون، مما شكل ميزة إيجابية، فيما المجموعات التي نظرتها ضيقة لم تكن على مستوى الحدث، وهو إعادة بناء الوطن والمجتمع للجميع، بل انطلقت بشكل فردي لتحقيق مكاسب شخصية مادية، معتقدة بأنها اذا كسبت المساعدات الاغاثية على الحدود، فمن الممكن كسب الناس في الداخل، وهذا سبب الصراع في الشمال”.
من ناحية اخرى، انتقد الأسعد التشكيلات التي ظهرت و”لم يكن لها مشروع وطني يحتوي الكل، بل بعض أشخاص وهيئات مع بعض الدول، من مثل المجلس الوطني، وهيئة الأركان، وهذا ادى إلى أن الدول لم تعطي شرعية للحكومة الانتقالية التي شكلها الائتلاف، ولم يحدث تعاون مع وزارة الدفاع التي لم تتشكل الإدارات التابعة للعمل معها، فيما عرض الجيش الحر منذ البداية على أي كتلة أو تشكيل يظهر بأنه يجب أن يكون وطنيا”.
وتابع بالقول “الحكومة المؤقتة ووزارة الدفاع فيها لم تتواصل مع الجميع، عملت فقط مع الأطراف التي يتواصل الائتلاف معها، والائتلاف بدوره غير متماسك، ونفس الأمر مع وزارة الدفاع التي لم تتواصل مع الجميع، فليس هناك بعد نظر، بل هناك تحركات لضم بعض الأشخاص والمجموعات وليس الكل، لذلك لم تظهر نتيجة معهم”.
وفيما يتعلق بالمناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر، قال الأسعد بأنها “كبيرة جدا، وهناك مناطق محررة يطالها النظام بالطيران والصواريخ، لذلك نعتبرها خارجة عن نطاق سيطرة النظام، وليست هناك مناطق محررة بالكامل، ولكي تكون كذلك يجب أن تكون خارج رمايات النظام”.
واعتبر أن الجيش الحر “يسيطر ما بين 60-70% من مساحة البلاد، حيث يفقد النظام السيطرة عليها أمنيا وعسكريا، فيما تقتصر سيطرة النظام على مراكز المحافظات، ليس لأنه قويا، بل لإخراج المدن من التدمير، فالجيش الحر لم يرغب بترك ذريعة للنظام من أجل تدميرها، مما يسبب خسارة للشعب السوري، حيث يتعمد النظام هذه السياسة لإنهاك الشعب، ليصبح بعد الثورة منهكا وضعيفا اقتصاديا”، على حد تعبيره.
ونفى قائد الحر أن يكون هناك تعاون بين الجيش الذي يقوده، وهيئة الأركان العامة المشتركة التي يقودها اللواء سليم إدريس، “لأن الهيئة وغيرها تسميات ظهرت لحرف الثورة عن مسارها، وتنفيذ أجندات القوى التي شكلتها، حيث إنهم أشخاص مندوبين لبعض الدول، وينفذوا أجنداتها، الأمر الذي أخر نصرالثورة، وأعطى فرصة للنظام من أجل البقاء”.
وفي هذا الصدد يتابع الأسعد قائلا “منذ البداية حاولنا أن يكون هناك تغير لاستراتيجية هذه القوى العسكرية، وخاصة هيئة الأركان، كما انه ذهب أكثر من مرة للتحاور معهم من أجل استراتيجة عمل، وضم هذه التشكيلات، ليكون هناك عمل واضح للثورة دون إقصاء، ولكن لم يتجاوبوا معه وهو ما أدى إلى خسارة إضافة للثورة والشعب”.
أما حالات الخلط بين الجيش الحر والكتائب المقاتلة الأخرى، ونسب أعمال الأخيرة للحر، شرح العقيد قائلا “الجيش الحر انطلق منذ بداية الثورة السورية، التي هي ليست جماعات ومجموعات، بل ثورة شعب خرجت ضد الظلم والقهر الذي كان يعاني منه خلال فترة طويلة، وكان الجيش الحر هو الغطاء الشرعي لها، والذراع العسكري، حين كان الشعب متوحدا خلفه”.
ومضى متابعا “ضرب الحر جيش النظام في كل مكان، وحقق انتصارات باهرة على مستوى الوطن، ولكن بعض الدول لعبت على الثورة، وبدأت تكون جماعات لتخرج الثورة من شرعيتها، وتثبت نظرية أن النظام يقاتل جماعات، وليس ثورة شعبية، وعلى العكس من ذلك، الثورة كانت شعبية، والجيش الحر تكون من ضباط جيش ومنشقين، وشباب خرجوا ضد النظام”.
ولفت إلى أن “الجيش الحر مستمر بعمله، ولكن فرض عليه حصار كبير بعد عام من تأسيسه، من مثل قطع الإمدادات المالية والعسكرية، ولكن الكتائب لا تزال تعمل بصمت في الداخل، إلا أنها مغيبة عن الإعلام، تماما كما غيبت القيادة، وكان الاعلام يركز على جماعات ومجموعات ليظهر الثورة بأنها مجموعات مسلحة، دون التركيز على الممثل الشرعي للثورة وهو الجيش الحر”.
وعن محاولات توحيد الصفوف مجددا عقب محاولة اغتياله قبيل نحو عام، قال الأسعد “حاورت جميع الفصائل قبيل محاولة الاغتيال، في محالة لتوحيد الجهود، ونزعنا فتيل كثير من الفتن، وقللنا من المشاكل، والفترة الأخيرة شهدت لقاءات مكثفة وحوارات بناءة في الداخل، وهذا بدأ يتفعل في العمل المستقبلي، وبدأت ثمارها تظهر منذ الاسبوع الماضي، وهي مستمرة”.
وتوجه الأسعد بالنصح إلى كافة الفصائل المقاتلة على الأرض “بالتعالي عن المصالح الذاتية على حساب الوطن، لأنه أغلى من الجميع ومن الأحزاب، وليرتقوا إلى مستوى تطلعات الشعب السوري، ليعود ذلك على الوطن ويؤدي إلى نصر سريع″، متنميا من الجميع “التوحد ووضع الخلافات جانبا، والانطلاق إلى الهدف الاساسي، فمن سيحدد الحكم في سوريا مستقبلا هو الشعب السوري، وليس المجموعات، لأنه أقوى من الجميع″. على حد وصفه.
وكان الأسعد قد تعرض لمحاولة اغتيال في مارس من العام الماضي، أدت إلى بتر ساقه، واستعاض عنها بساق صناعية، ووجهت الاتهامات حينها إلى النظام السوري، في محاولة لتغييبه كما فعل سابقا، مع المقدم المنشق حسين الهرموش، الذي اختطفه النظام عبر عملائه من تركيا.
في الأثناء شكر الأسعد “تركيا حكومة وشعبا، لأنها وقفت مع الثورة السورية كشعب وليس كطائفة، وفتحت حدودها للسوريين، واستضافتهم وقدمت لهم المساعدات الإنسانية التي لم يلمسها السوريون من الشعوب الاخرى، فاليوم السوريون في المشافي يتعالجون مجانا رغم كون ذلك يكل عبئا على الحكومة، والشعب التركي استضاف السوريين في بيوتهم، وكان على مستوى الحدث، والسوريون عاجزون عن رد الجميل، ويشعرون بدين بذلك”.
ونفى الأسعد أن تكون “الحكومة التركية قد قدمت أي أسلحة لأي طرف سوري، بل قدمت المعونات الإنسانية، وهو ما سبب محبة الشعب السوري للحكومة والشعب، وموقفها لا يخاطب مجموعات معينة، فجميع أطياف الشعب السوي ينظمون مؤتمراتهم في تركيا”، معتبرا أن “هناك ضغوطا كبيرة على الحكومة التركية، ليس فقط لأنها تقف إلى جانب الثورة السورية، بل نتيجة التقدم الكبير، وانجازات الحكومة التي نقلت البلاد نقلة نوعية، وحصول ازدهار اقتصادي، فبدأت بعض المحاور الدولية بالضغط على الحكومة بدعم سوريا بالسلاح”.
من جانب آخر، توجه الأسعد إلى السوريين في تركيا، بأن عليكم “شكر الحكومة التركية لما قدمته لهم، ويجب أن يحترموا المضيف لأن الحكومة التركية قالت بانها تعامل السورييين كضيوف، كما يجب احترام القوانين التركية والالتزام بها، وقد يحدث أن يسيء البعض، وقد يكون مدسوسين من قبل النظام للاساءة لصورة الثورة بأنهم غير منضبطين وفوضويين، ونطلب منهم الالتزام، وإن كان هناك مسيئا عليهم محاربته، والوقوف ضده، والتعاون مع الشعب التركي لضبط الأوضاع، ويكونو قدوة ومثالا للشعب السوري”.
كما شكر الأسعد وكالة الأناضول “لمتابعتها الثورة السورية، وبثها الصور الأخيرة التي ساهمت في كشف الحقيقة، وكيف الشعب مظلوم والنظام يقوم بالاجرام ضده، الأمر الذي لم تقم به بقية وسائل الإعلام الأخرى، كما شكر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان”.
المصدر: الأناضول